شارك المقال
  • تم النسخ

“داعش” و”القاعدة”: “اصطياد” في دماء غزّة و”تبادل خدمات” مع العدوان الإسرائيلي

منذ اليوم الأول لعملية “طوفان الأقصى”، كان من الواضح أنّ العدوان الإسرائيلي يسعى إلى الدفع نحو التعامل مع حركة “حماس” على أساس أنّ الترويج لفكرة كونها “منظمة إرهابية”، يساعده في معركة كسب تأييد الرأي العام العالمي. ولتحقيق هذا الهدف، لجأ إلى اختلاق روايات وسرديّات حول ما حصل يوم السابع من أكتوبر، سرعان ما تبيّن زيفها.

من أبرز المقارنات والإسقاطات التي سعت تل أبيب إلى الترويج لها، كان تشبيه ما تعرّضت له في 7 أكتوبر 2023 بما تعرّضت له الولايات المتحدة في 11 شتنبر 2001، والتسويق تاليًا لنظرية الحرب على “حماس” بوصفها جماعة إرهابية شبيهة بتنظيمي “القاعدة” و”داعش”، الأمر الذي وجد صداه لدى العديد من الحكومات الغربية، ووصل إلى حد دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من إسرائيل، إلى توسيع التحالف الدولي لمحاربة “داعش” ليشمل أيضًا “حماس”.

وبالتوازي مع هذه البروبغندا الإسرائيلية – الغربية، برزت في الآونة الأخيرة العديد من التقارير التي تحذّر من التداعيات التي ستخلّفها المجازر الإسرائيلية الوحشية في قطاع غزّة، خصوصًا لناحية مساعدتها الجماعات الإرهابية على تجنيد مقاتلين في صفوفها تحت شعار “نصرة الفلسطينيين”، الأمر الذي قد يبلغ ذروة خطورته في حال تنفيذ أي عملية إرهابية إجرامية في الدول الغربية، تحت هذا الشعار، ما قد يعيد تجييش الرأي العام الغربي ضد القضية الفلسطينية بعد التحوّل الكبير الذي كان قد سُجل، في الأسابيع الماضية، على مستوى الرأي العام في الدول الغربية، وأدى إلى تحوّلات جوهرية في مواقف حكوماتها بشكل لا يصبّ في صالح إسرائيل.

وكانت الجماعات الإرهابية والمتطرّفة، لا سيما “القاعدة” و”داعش”، تسعى، منذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، إلى “الاصطياد” في دماء الفلسطينيين، خصوصًا على مستوى محاولة تجنيد الشباب المحبط جراء الصمت الدولي عن تمادي العدوانية الإسرائيلية في قتل المدنيين، الأمر الذي يجزم المتابعون بأنه مسار يخدم الأجندة الإسرائيلية، حيث تنتظر تل أبيب لتلقف أي “خطوة إرهابية” من هذا النوع من أجل الإستثمار فيها وإعادة تأليب الرأي العام الدولي ضد “حماس”، لا سيما في ظلّ عجز حكومة بنيامين نتنياهو عن تحقيق أي من الأهداف السياسية أو العسكرية التي أعلنت عنها عند اندلاع الحرب.

وفي هذا السياق، بدا لافتًا للانتباه تماهي الجماعات المرتبطة بتنظيم “القاعدة” مع سعي السلطات الإسرائيلية إلى وصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، عبر إصدار فروع التنظيم المختلفة مجموعة من البيانات تثني فيها على ما قامت به حركة “حماس”، كمقدّمة نحو الانتقال إلى دعوة الشباب إلى “الجهاد” في سبيل نصرة الحركة والفلسطينيين. وهو ما برز في البيان الصادر عن التنظيم الأمّ، في 13 أكتوبر، الذي دعا فيه المتعاطفين معه إلى شنّ هجمات ضد اليهود في العالم، بالتزامن مع الدعوة إلى تنفيذ عمليات إرهابية ضد القواعد العسكرية والمقرات الديبلوماسية الأميركية في الدول العربية والإسلامية، قائلًا ما نصّه: “هزّوا الأرض تحت القواعد العسكرية الأميركية ومطاراتهم وسفاراتهم في مناطقنا الإسلامية، لأنه من مستودعاتهم، تلك الذخيرة تذهب إلى إسرائيل وتستقر في رؤوس وصدور أخوتنا الفلسطينيين”.

كذلك بالنسبة إلى تنظيم “داعش”، فهو عمد من خلال إفتتاحية مجلة “النبأ” التي تصدر عنه، في عددها رقم 413 بتاريخ 20 أكتوبر، إلى تقديم رؤيته، عبر الدعوة إلى استهداف “الأحياء اليهودية” في أميركا وأوروبا، ومهاجمة “السفارات اليهودية والصليبية” في كل مكان، كما وتحرضيه على استهداف الجيوش والحكومات العربية.

أما في افتتاحية العدد 416، الصادر في تاريخ 10 أكتوبر، فقد ذهب أبعد من ذلك، من خلال إعتبار أن “الأحداث الأخيرة في فلسطين أعادت التأكيد مجددًا على أن اليهود والنصارى يعادون المسلمين لدينهم لا لشيء آخر”، مستعينًا في ذلك بتصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي استشهد فيه بما قال إنه “نصّ توراتي” يأمر بني إسرائيل بقتل أعدائهم كلّهم، بالإضافة إلى تصريح وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الذي أعلن أنه وصل لإسرائيل بصفته “يهوديًا فرّ جدّه من القتل”.

في محصلة المشهد، يبدو أنّ كلًا من أجندة نتنياهو وأجندة تنظيمي “داعش” و”القاعدة”، تسيران في خطين متوازين، ضمن إطار مسار واحد من “تبادل الخدمات” تتقاطع من خلاله الأجندتان عند تحقيق هدف مركزي واحد: تشويه صورة النضال الفلسطيني وإلباسه عنوةً لبوس الإرهاب لتجنيد العالم الغربي في عملية دعم وتأييد حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل على الفلسطينيين، بغرض تهجيرهم عمّا تبقى من أرضهم وتصفية قضيتهم وحقّهم في الوجود.

وفي هذا الإطار، تحذر مصادر متابعة من خطر اقتحام “العامل الإرهابي” المشهد الفلسطيني في المرحلة المقبلة، من قبيل تنفيذ عمليات أرهابية أو انتحارية في أوروبا أو أميركا، تقف وراءها أجهزة المخابرات الإسرائيلية، من أجل إستعادة التعاطف الغربي مع تل أبيب، وهو “ما يمكن أن يحصل بسهولة، نظرًا إلى كون الجماعات الإرهابية والمتطرّفة مخترقة من قبل العديد من الجهات الاستخبارية، بل يصح وصفها بأنها أشبه بـ”شركات مساهمة”، تمتلك العديد من الأجهزة حصصًا تشغيلية فيها”.

*عن عروبة 22

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي