تعيش الحكومة الإسبانية، مرة أخرى، على وقع اختبار حقيقي لمدى تماسكها الداخلي، بسبب حالة الانقسام الحاد في صفوف آراء ناخبي حزبي العمال الاشتراكي، وبوديموس، على خلفية احتمال مشاركة الجيش في أي ردّ لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، على الغزو الروسي لأوكرانيا.
وكشفت جريدة “lavanguardia”، أن الحكومة تعيش انقساما حاداً، بسبب أن أغلب ناخبي حزب بوديموس، يرون أن استمرار البلاد في عضوية حلف الناتو، غير مجدية، ولا تعود بالنفع على المملكة، فيما يعتبر أغلب ناخبي الحزب الاشتراكي العمالي، عكس ذلك.
وأضافت بخصوص مواقف الإسبان، أن 48 في المائة من المجتمع الإسباني، يؤيدون مشاركة الجيش في أي عملية عسكرية للرد على روسيا، فيما يعارض ذلك 52 في المائة، مضيفةً أن أكبر الرافضين لهذا السيناريو، هم اليسار، بما يقارب 60 في المائة، وذلك بناء على استطلاع للرأي أجراه معهد الكانو في فبراير الماضي.
وتابعت أن معارضة التدخل العسكري، أقل في اليمين، حيث يفضل 54 في المائة، الدعم العسكري لأوكرانيا ضد روسيا، فيما يرفض السير على هذا النهج 46 في المائة، مردفةً أن 62 في المائة من الشباب الذين تقلّ أعمارهم عن 29 سنة، يعارضون أي عمل عسكري إسباني، فيما يؤيد أغلب الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 45 سنة، دعم أوكرانيا عسكريا.
واسترسلت، أن الحكومة الإسبانية، مثل حكومات الاتحاد الأوروبي الأخرى، تواجه مجتمعا متردداً في الانخراط عسكريا في صراع على الأراضي الأوروبية، مبرزةً أنه من المفارقات أن العمل العسكري لـ”إيصال مساعدات إنسانية إلى مناطق النزاع، له دعم أكبر (51 في المائة)، من محاربة غزو دولة أوروبية (24 في المائة).
ونبهت إلى أنه، على الرغم من أن ناخبي حزب الشعب أو سيودادانوس، يظهرون نزعة أكبر نحو مشاركة الجيش في التصدي للغزو الروسي لأوكرانيا (ما يصل إلى الثلث)، فإن تأييد هذه الخطوة ينخفض إلى 26 في المائة بين ناخبي حزب العمال الاشتراكي، و21 في المائة بين ناخبي بوديموس، و17 في المائة في الباقي.
وذكرت أنه تم تسجيل أحد أكبر الانقسامات داخل جمهور الناخبين اليساريين لحزبي العمال الاشتراكي، وبوديموس، ففي الوقت الذي يؤيد 43 في المائة من ناخبي الأخير، التدخل العسكري لفرض السلام في مناطق النزاع، فإن أقل من 30 في المائة في كاتالونيا، وهو الإقليم الأكثر رفضا لحلف الناتو، يؤيدونه، ويمتد هذا الانقسام ليشكك حتى في دور الحلف الأطلسي، ومدى جدوى استمرار إسبانيا في عضويته.
وسبق لاستطلاع “معهد الكانو”، أن أبان عن ازياد رفض الانضمام إلى الناتو، بمقدار ست نقاط بين الناخبين اليساريين في ثلاثة أشهر فقط، لتصل النسبة إلى 40 في المائة، على الرغم من أنه نما أيضا بخمس نقاط في صفوف اليمين، مع صعود “فوكس”، لتصل لـ 18 في المائة، مبرزةً أن بيانات رابطة الدول المستقلة، تكشف أن الانقسام يضع يهدد حزبي العمال وبوديموس.
بهذا المعنى، تقول الجريدة الإسبانية، إن ثلث الناخبين فقط من بوديموس، يرون أن العضوية في حلف الناتو إيجابية بالنسبة للمصالح الإسبانية، مقارنة بنحو 40 في المائة ممن صنفوها سلبية، مضيفةً أن التناقض مع موقف الناخبين الاشتراكيين واضح للغاية، فـ 11 في المائة فقط من هؤلاء يمثنون ارتباطا سلبا بالتحالف الأطلسي، بينما يعبر 60 في المائة تقريبا عن رأي إيجابي، وهو الشأن في حزب الشعب أيضا، وسيودادانوس.
واعتبرت الصحيفة، أن العلاقة مع الحلف الأطلسي، ودوره، وضعت الناخبين الاشتراكيين في مواجهة ناخبي بوديموس، حيث كشفت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة “التيرناتيفاس”، عن هذا الانقسام في اليسار الراديكالي: يعتقد 32 في المائة فقط من بوديموس، أن إسبانيا يجب أن تستمر في الوثوق بحلف “الناتو”، كضامن لأمنها ودفاعها،.
تعليقات الزوار ( 0 )