شارك المقال
  • تم النسخ

الرئيس الجزائري عبد لمجيد تبون محذرا الإمارات: نطلب لهم الهداية وللصبر حدود

وجّه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رسالة تحذير لدولة الإمارات، دون أن يذكرها بالاسم، مشيرا إلى أن بلاده لا تزال تعتبرهم أشقاء، لكنها ترفض تصرفاتهم في دول الجوار. وتعدّ المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس الجزائري بشكل شبه مباشر عن الإمارات التي كانت خلال الأشهر الأخيرة مثار انتقادات واسعة في الوسط السياسي والإعلامي.

وجاء كلام الرئيس الجزائري بمناسبة لقائه الدوري مع الصحافة الجزائرية، بعد أن طُرح عليه سؤال حول اجتماع المجلس الأعلى للأمن الذي تم فيه توجيه رسالة إلى “بلد عربي شقيق” بالكف عن “التصرفات العدائية”. وكان هذا الاجتماع وفق إجماع السياسيين والمحللين، يتحدث عن دور الإمارات العربية المتحدة، خاصة بعد تسجيل مواقف شخصيات محسوبة على السلطة قبل ذلك، هاجمت بشدة الإمارات وحديث وسائل إعلام عمومية عن الدور الإماراتي في الساحل.

وفي حديثه، بدا الرئيس الجزائري مباشرا في توجيه أصابع الاتهام للإمارات، في إشعال نار الفتنة في جوار الجزائر ومحيطها، قائلا: “في كل الأماكن التي فيها تناحر دائما مال هذه الدولة موجود. في الجوار، مالي وليبيا والسودان. نحن لا نكن عداوة لأحد، لأننا محتاجون إلى الله عز وجل وإلى الجزائري والجزائرية. نتمنى أن نعيش سلميا مع الجميع ومن يتبلى علينا فللصبر حدود”.

وأضاف تبون: “لا زلنا لم نمض بكلام فيه عنف مع هؤلاء الناس. نعتبرهم أشقاء ونطلب لهم الهداية لأن تصرفاتهم ليست منطقية. يبدو لي أنه قد أخذتهم العزة بالإثم.. يقولون كيف لهؤلاء (الجزائر) لم يتنازلوا. الجزائر لن تركع. ليتهم يأخذون العبرة من الدول العظمى التي تحترمنا كثيرا ونحترمها وقرارنا محترم عندها. إذا أردت أن تفرض تصرفاتك التي تطبقها على أناس آخرين علينا، فأنت مخطئ كثيرا. نحن 5 ملايين و630 ألف شهيد ماتوا على هذه البلاد واقترب إذا شئت”.

من جانب آخر، نفى الرئيس الجزائري أن يكون مشروع التكتل المغاربي الذي أعلنت عنه الجزائر مع تونس وليبيا وموريتانيا موجها ضد أي دولة في إشارة للمغرب. وأوضح أنه “انطلاقًا من الفراغ الموجود حاليًا حيث لا يوجد عمل مغاربي مشترك”، تقرر “عقد لقاءات مغاربية بدون إقصاء أي طرف والباب مفتوح للجميع”. وأعرب في هذا السياق عن “أمله في أن يكون هذا الفضاء بادرة خير لدول المنطقة من خلال جمع وتوحيد كلمتها حول الأمور التي تهمها، خاصة وأننا نتقاسم تقريبًا نفس الإشكالات”، مشددا على أن “هذا التكتل غير موجه ضد أي دولة أخرى، فالباب مفتوح أمام دول المنطقة”، لأنه من “غير المقبول” عزل أي طرف.

وحول قضية الصحراء الغربية، أكد تبون أنها “قضية عادلة في حد ذاتها وموجودة على طاولة الأمم المتحدة”، مبرزا أن حلها “غير موجه ضد أشقائنا في المغرب أو غيرهم، إنما هي قضية تصفية استعمار”، ومضيفًا بالقول إنه “لو نستعمل العقل بدلًا من التهديد والقوة سنصل إلى حل”.

وبخصوص موضوع الساحل الشائك، قال تبون إن الجزائر لم تفرض نفسها ولا مرة على مالي والنيجر وتم التعامل معهما منذ الاستقلال على أساس “مبدأ حسن الجوار”. وأوضح أنه كلما اندلع نزاع في الجارة مالي كانت الجزائر تتدخل لتصلح بين الفرقاء “وهو ما دفع بهيئة الأمم المتحدة للطلب منا التنسيق من أجل المصالحة بين الأطراف المالية”.

وأبرز أنه إذا رفضت الأطراف في مالي أو النيجر اليوم أداء الجزائر فلديها كل الحرية في تسيير شؤون بلادها، مجددًا التأكيد على أن الجزائر لم تكن يومًا دولة استعمارية أو استغلالية للثروات أو البلدان “وإنما تتعامل على أساس أننا دول شقيقة”، مذكرًا بأنه تمت برمجة إنشاء مناطق حرة مع هذه الدول، بالإضافة إلى مجالات التكوين في الجيش والطلبة وغيرها.

وعاد الرئيس تبون ليشدد على أن الجزائر “تقدم خدماتها لجيرانها دون أن تمن عليهم فهذا بالنسبة لها واجب تجاه أشقائها”، غير أنه لفت إلى أن “الإنسان العاقل يمكن أن يستوعب خطورة التدخل الأجنبي وإلى أين قد يوصل على الرغم من أنه لا يمكننا فرض أو لوم أشقائنا على اختياراتهم، غير أن التجربة التاريخية تؤكد أن أي تدخل أجنبي في المنطقة يزيد من صعوبة إيجاد الحل”.

وتابع يقول: “إنني أشهد أن الجزائر لم تكن لديها أي أطماع أو تمارس الضغط على الأشقاء في مالي، فالجزائر ارتأت أن الصلح والمصالحة الوطنية بين الأطراف في هذا البلد هو الحل الوحيد”، مبرزا أن الجزائر في إطار مساعيها ذهبت إلى أقصى مدى “في الدفاع عن الوحدة الترابية لمالي ووحدة الشعب المالي وإلى يومنا هذا لا تزال تعمل في هذا الاتجاه”. ولفت إلى أن هناك أطرافا تريد تطبيق أجنداتها في المنطقة، معيدًا التأكيد على أن “الجزائر لم تمثل في يوم من الأيام أي خطر على جيرانها”.

وأبدى الرئيس في الأخير أمله في أن تتمكن هذه الدول من حل مشاكلها والتغلب على ظاهرة الإرهاب لديها، مبديًا دائماً استعداد الجزائر لدعمها في كل الظروف وفي إطار حسن الجوار.

وبشأن العلاقة مع فرنسا، جدد تبون تأكيده على التمسك بالذاكرة الوطنية وبواجب الوفاء لشهداء المقاومة الوطنية والثورة التحريرية المجيدة. وقال ردا على سؤال بخصوص زيارته إلى فرنسا المعلن عنها نهاية سبتمبر: “الزيارة لا تزال قائمة ولقائي مع الرئيس ماكرون هو موعد مع التاريخ وسننظر إلى الأمور كما يجب أن نراها وليس عاطفيا”، مضيفا “نحن اليوم في مرحلة إعادة التأسيس للعلاقات” بين البلدين.

وتابع الرئيس أن هناك “فريقا يعمل على ملف الذاكرة ولن نتخلى عنها، كما لن نترك أي ميليمتر من الواجب ازاء شهدائنا الابرار”، سواء تعلق الامر بشهداء المقاومة الوطنية أو شهداء الثورة التحريرية المجيدة. وفي ذات السياق، نوه تبون بـ”العمل الايجابي الذي قامت به الجمعية الوطنية الفرنسية باعترافها بالجريمة التي اقترفها موريس بابون في حق أبناء الجالية الجزائرية بفرنسا يوم 17 أكتوبر 1961″، مؤكدا أن هذا الاعتراف يعد “خطوة ايجابية”.

وبخصوص الوضع الداخلي والجدل المثار على إعلان تنظيم الرئاسيات المسبقة، قال تبون: “الأسباب تقنية محضة، لا تؤثر على الانتخابات أو سيرورتها”، فضلا عن أن “شهر ديسمبر ليس التاريخ الحقيقي للانتخابات الرئاسية، فمن المعلوم أنه في 2019 وبعد استقالة الرئيس المرحوم (عبد العزيز بوتفليقة)، تولى السلطة رئيس مجلس الأمة الراحل، عبد القادر بن صالح، مع تحديد تاريخ لتنظيم الانتخابات، غير أنه لم يكن بالإمكان اجراؤها حينها، ليتم بعدها تأجيل هذا الموعد مرة أخرى”. واسترسل الرجل الأول في الجزائر “ديسمبر ليس التاريخ الرسمي الذي تعودنا عليه لتنظيم الانتخابات الرئاسية بالجزائر، والباقي كله فلسفة وتكهنات تختلف حسب الأطراف التي تقف إلى جانبنا أو ضدنا”.

وحول من يربط قرار الرئاسيات المسبقة بوجود أزمة في أعلى هرم السلطة وحديث البعض عن مغادرة وشيكة للرئيس تبون للسلطة، رد الرئيس بالقول: “هؤلاء أشخاص في قلوبهم مرض”، وهم “سيواصلون سعيهم لزعزعة استقرار البلاد بنشرهم للإشاعات”. وتابع في السياق ذاته: “ما يصدر عن هؤلاء أمر طبيعي، فهم لم يستوعبوا الدروس التي لقنها لهم الجزائريون الذين يتحلون بالضمير وحبهم المخلص للوطن”. أما عن ترشحه للرئاسيات المقبلة، فتحفظ الرئيس عن الرد، مكتفيا بالقول “أعتقد أنه ليس الوقت المناسب للإجابة على ذلك، فلا يزال هناك برنامج أواصل حاليا في تنفيذه”، حتى وإن أعطى بعض الإشارات التي تفيد بترجيح ترشحه مثل وعوده بمواصلة رفع الأجور خلال سنوات 2026 و2027.

(القدس العربي)

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي