Share
  • Link copied

من التجميع إلى الريادة: كيف تحوّل المغرب إلى قطب صناعي ينافس أوروبا ويستقطب عمالقة الاستثمارات العالمية؟

شهد قطاع صناعة السيارات في شمال إفريقيا خلال السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا، وتحوّل المغرب إلى مركز استراتيجي بارز في هذا المجال، ما أثار اهتمام كبريات الصحف الاقتصادية الأوروبية، وعلى رأسها صحيفة Noticias de Gipuzkoa الإسبانية التي تساءلت مؤخرًا: هل يمثل المغرب تهديدًا لصناعة السيارات في إقليم الباسك، أم فرصة واعدة للتعاون والتكامل؟

ويعزو الخبراء الإسبان هذا التقدّم المغربي إلى مزيج من العوامل، على رأسها القرب الجغرافي من الأسواق الأوروبية، والانخراط في اتفاقيات تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي وتركيا وعدة بلدان عربية، إضافة إلى تكاليف إنتاج منخفضة وسياسات حكومية داعمة.

واستنادا إلى المصادر ذاتها، فإن هذا الخليط المثالي جعل من المملكة وجهة مفضلة لعمالقة الصناعة مثل رينو وستيلانتيس، إلى جانب اهتمام متزايد من الشركات الصينية التي ضاعفت استثماراتها خلال السنوات الأخيرة.

وفي ظرف وجيز لا يتعدى 15 عامًا، استطاع المغرب أن ينتقل من غياب شبه تام في قطاع السيارات إلى بلد يحتضن اليوم أكثر من 250 شركة نشطة، بينها علامات محلية صاعدة مثل Neo Motors.

وتُظهر الأرقام أن صادرات المغرب من السيارات ومكوناتها بلغت ما يقارب 14 مليار دولار سنويًا، ما جعله منذ عام 2016 القطاع الأول للتصدير في البلاد.

وفي المقابل، تتصاعد في الأوساط الصناعية الأوروبية، خصوصًا في إقليم الباسك، أصوات تعبّر عن القلق من توسّع النفوذ المغربي في الأسواق الأوروبية.

ووفقًا لما ذكرته وكالة Basque Trade & Investment، فإن المغرب يُعتبر “تحديًا حقيقيًا” لمصنّعي مكونات السيارات في أوروبا، خاصة مع التغيرات الجيوسياسية وسلاسل الإمداد البحرية التي تشهد اضطرابات مستمرة.

ومع ذلك، ترى الوكالة أن الوضع المغربي قد يتحوّل إلى فرصة، لاسيما إذا ما تم استثماره كمنصة للتصنيع المشترك أو التوسع نحو أسواق ثالثة، في ظل التوترات التجارية بين الصين والغرب، والرسوم الجمركية الجديدة التي تفرضها الولايات المتحدة على قطاع السيارات.

ورغم الإنجازات، يواجه المغرب تحديات مستقبلية على رأسها التحول نحو السيارات الكهربائية، حيث يتطلب هذا التحوّل استثمارات ضخمة وتخصصًا صناعيًا دقيقًا، خصوصًا في مجال تصنيع البطاريات.

وفي هذا الإطار، تسعى الحكومة المغربية إلى جذب استثمارات آسيوية وأوروبية جديدة، لتوطين صناعات المستقبل، وجعل المملكة قاعدة إنتاجية وتصديرية رائدة في هذا القطاع.

وأشارت المصادر إلى أن التجربة المغربية في قطاع السيارات تعبّر عن نموذج ناجح في تحويل التحديات الجيوسياسية إلى فرص تنموية.

فالمغرب لم يكتفِ بجذب الشركات الأجنبية، بل يسعى اليوم إلى بناء نسيج صناعي متكامل، يُمكّنه من المرور من مرحلة التجميع إلى مرحلة الابتكار والتصنيع الكامل.

وفي ظل التغيرات المتسارعة في سوق السيارات العالمي، يبدو أن المغرب مستعد أكثر من أي وقت مضى للعب دور محوري في رسم خريطة صناعة السيارات القادمة، ليس فقط كقاعدة إنتاج، بل كشريك استراتيجي يحظى بالثقة والتنافسية في آنٍ معًا.

Share
  • Link copied
المقال التالي