ماتزال قيادة وإعلام جبهة البوليساريو، حبيسة منطق دعاية زمن الحرب الباردة، وتستعمل أدوات تقليدية وخطاب شعبوي زائف للترويج لأكاذيب تفندها وسائل الاتصال الحديثة.
تارة تروج الآلات الإعلامية للبوليساريو أخباراً عن اشتعال الجبهات ولعلعة الرصاص بدون أي توثيق وكأننا ماقبل زمن الحرب العالمية الأولى، وتارة تؤكد تواصلها مع الأمم المتحدة بغية إيجاد حل قانوني دولي، وتارة توزع خطاب القومية والبعثية من زمن الشيوعية الذي ولى منذ زمن طويل.
ويرى مراقبون أن بنية خطاب الأزمة لدى تواصل إعلام البوليساريو، مفكك وغير منسجم ومتناقض أحيانا كثيرة، بالنظر إلى تفتت المرجعية النظرية والفكرية، التي تتبناها القيادة الحالية التي تكونت في زمن الحرب الباردة ولم تستطع ملاءمة خطابها مع أفكار الألفية الثالثة، ألفية التكنولوجيا والبراغماتية التواصلية.
العصر الحالي لا يشك أحد أنه عصر الصورة ومعدات التقاطها بسهولة ونشرها بسرعة البرق حول العالم، فيما تظل جبهة تندوف تتخبط في فبركة وصناعة قصص خبرية غير معززة ولو بصورة واحدة، أو بمقطع فيديو ولو لثواني.
ففي الوقت الذي تدعي فيه الجبهة المزعومة نشوب الحرب مع القوات المسلحة الملكية، تكذبها الصور والإفادات المباشرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، التي تؤكد وجود هدوء واستتباب الأمن الذي فرضته القوات المغربية.
وقد يكون السبب، كما قال الخبراء والمراقبون، بأن هذه زوبعة في فنجان مخيمات تندوف، من أجل التعبئة الداخلية ليس إلا، ولا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تؤثر على الرأي العام الإقليمي، أو الدولي الذي لا يؤمن إلا بالحجج وبالأدلة الموثقة.
فعلا يلاحظ ضعف اعلام فاعل ومسؤول من طرف الدولة بشكل يمكن ان يبعث على الشك والريبة، ويدفع الى نوع من الاحباط ونوع من ” زعزعة الثقة” في مؤسسات الدولة، رغم التمسك اللامشروط بالثقة في العمود الفقري للدولة ومنه المؤسسة العسكرية والنظام الامني للمملكة، لا ينازع اثنان في ان المملكة دولة ذات اركان عتيدة وأصيلة بكل المقاييس، لولا بعض “التفعفيعات” التي تضايق صراحة وتبرز بعض المسؤولين كهواة … (“هذا للأمانة ومن باب فشان القلب”)
من جهة اكثر جدية، الملاحظ ان عنصر المفاجئة مسيطر من جهة البوليساريو والأهم من جهة الجزائر … يكفي ان تلقي نظرة على قنواتهم !!!، كأنهم يتكلمون على اسرائيل ضد الفلسطينيين !، ان ترى ذلك من الانفصاليين يمكن تفهمه، لكن ان يصدر من اعلام رسمي لدولة جارة وتقول بحسن الجوار و و و ، فهذا غير مفهوم ولا مقبول،
على كل حال هذه المعطيات وغيرها، تزكي أن التواصل الرسمي في هذا الشأن لازم ان يكون ولكنه يبغي حرفية وتركيز ونوع من “الثقالة”، فالخصوم ما عندهم والو والخطر ان نمدهم بمعلومات رسمية تحسب ضدنا، … العربة تسير والكلاب تنبح (عذرا للتشبيه بين الانسان والحيوان)
… هب فداك …
لابد من التعريف بالقضية الوطنية بيننا اولا وقبل كل شيء، فهناك جيل مفترض فيه ان يواجه يوما ما يدفع به الخصوم من مغالطات تاريخية لكنها محبوكة تزعزع المعتقد المشترك حول أحقية المغرب في أراضيه، في زمن ما كان الاعلام مسترسلا في ” الصحراء صحراؤنا …” لا أقل ولا أكثر في شكل من أشكال التعبئة وهذا جيد ومطلوب في زمن فات لم يكن فيه Google، أولا غيره وكان المواطن طائعا منضبطا، وكانت الوقت غير بعيدة نفسيا عن فترة الاستقلال فالآباء وافراد العائلة كانوا يواصلون امدادنا بقصص البطولات والكفاح من اجل الاستقلال واسترجاع باقي الاقليم، وكان هذا يساهم في التربية المواطنة والوطنية
ان النقص في معرفة التاريخ الوطني شكله شكل النقص في معرفة الدين، لا شك سيعطي اجيالا لا تعرف من اين اتت ولن تعرف الى اين تذهب، فهي لن تصلح ولن تعرف ان تدافع عن الحوزة والوطنية، ولن تعرف ان تغسل وتكفن وان تصلي على امواتها
في ظل الاكراميات الدولية وضغوطات المنظمات …، والتي لامحالة تفعل فعلتها وستستمر، لابد من ممارسة جديدة تحافظ على الحد الادنى من الوطنية الحقة ومن المعتقد وممارستهما حقا
التنشئة عن الوطنية في المدارس والاعلام المكمل مطلب ملح، فعندما ترى وتسمع الجيل الجديد من البوليساريو وبعض الجزائريين بما تم حشو عقولهم به من حيث موضوع الصحراء، تؤمن ان هؤلاء لن يثنيهم شيء على ما يعتقدونه حق وهو باطل، وأن ربما الأسوء لابد منه يوما ما …