أثارت تصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي حول إضرابات رجال التعليم الكثير من اللغط الاعلامي والبولميك السياسي رغم أن الجميع يعرف أن خرجات وهبي دائما ما تكون بذلك الشكل الفرجوي وغالبا ما تكون مقصودة لتحقيق غايات معينة يعرفها وهبي أكثر من غيره.
ولكن أن تأتي تصريحات الوزير وهبي الأخيرة متزامنة مع التحضيرات الجارية لعقد المؤتمر المقبل لحزب الأصالة والمعاصرة هنا تطرح أكثر من علامة استفهام حول خلفية تلك التصريحات التي أقلقت قيادات بارزة في الاصالة والمعاصرة قبل ان تقلق نساء ورجال التعليم الذين رفعوا شعارات ضد وزير العدل في عدة وقفات ومسيرات احتجاجية؟
عندما يكون أي حزب سياسي مشاركا في الحكومة، ومقبلا على عقد مؤتمره الوطني، عادة ما يتسم سلوك القيادة الحزبية لذلك الحزب بالهدوء والرزانة، بل تكون تلك القيادة حريصة كل الحرص على تفادي الاصطدام مع أي جهة كانت، فبالأحرى الاصطدام مع جبهة قوية تخرج للشارع بالآلاف، وتستطيع الحشد للتظاهرات والوقفات في كل جهات المملكة.
بخلاف ما يعتقد البعض، وهبي يعرف ماذا يفعل، ويدرك تبعات ما يصدر عنه من أقوال وأفعال على الحزب الذي يقوده مند رحيل الامين العام السابق، إلياس العماري، ومن غير المستبعد أن يكون الوزير وهبي يعلم بأن ساعة رحيله من الحكومة قد اقتربت، لاسيما، وأن هناك معطيات من داخل المطبخ الداخلي لحزب الأصالة والمعاصرة، تفيد بأن الرجل فعل المستحيل لكي ينال ولاية ثانية على رأس الأصالة والمعاصرة غير أنه لم يفلح في مسعاه.
مند تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة في سنة 2008، تعاقب على الأمانة العامة للحزب ستة مسؤولين، جلهم من المؤسسين الأوائل لحركة من أجل كل الديمقراطيين، وكلهم قادوا الحزب وهو في المعارضة، باستثناء عبد اللطيف وهبي الذي تسلم الحزب وهو في المعارضة، ويستعد لمغادرته وهو وزيرا في الحكومة.
عبد اللطيف وهبي رجل محظوظ، ولو توفر لغيره من القيادات السابقة في الحزب ما توفر له من إمكانيات، لما وصلت صورة الحزب إلى ما هي عليه الآن. مرحلة وهبي رسخت صورة الحزب الريعي السلطوي الذي ولد وفي فمه ملاعق من ذهب، في الوقت الذي كان فيه القادة السابقون للحزب يصرحون في حواراتهم الموثقة بالصوت والصورة، بأن نشئة البام وولادته كانت من أجل إنقاد المغرب، وتحريك المياه الراكدة في مستنقع السياسة، ويكفي هنا الإحالة على حوارات بن عدي، ومصطفى بكوري، وإلياس العماري مع عدد من الصحفيين.
اليوم هناك تسويق لاسم فاطمة الزهراء المنصوري كزغيمة بديلة للجرار، وهو التسويق الذي تم الاشتغال عليه مند عام تقريبا، ولكن مرحلة الأوج كانت خلال فترة الزلزال، والجميع يستحضر كيف تحركت آلة البروباغندا العجيبة، لتقديم فاطمة الزهراء المنصوري في صورة المرأة الحديدية التي تتوفر فيها كل خصائص القيادة السياسية، والقريبة من مراكز القرار العليا في الدولة.
بين تجربة حسن بن عدي والشيخ بيد الله ومصطفى بكوري وحكيم بن شماس وإلياس العماري وعبد اللطيف وهبي هناك خيط ناظم وهو أن من يقف خلف البام يجرب كل الوصفات الممكنة لتحقيق الأهداف والغايات التي تبرر وجود البام ولكن في كل مرة لا تسلم الجرة.
فهل ستستطيع فاطمة الزهراء المنصوري تحقيق المراد بعد محطة المؤتمر المقبل؟ أم أن الرهان عليها هو رهان ظرفي فقط لإظهار الحزب في صورة الحزب السياسي الحداثي الذي لا يعاني من عقدة المرأة في قيادة الحزب؟
تعليقات الزوار ( 0 )