أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن الوزارة تضع تطوير السياسة الجنائية في صلب اهتماماتها وأولوياتها، إذ رسمت لها مخططا تشريعيا واضح المعالم والتوجهات يعكسه حجم مشاريع القوانين المقدمة وكذا عمق مضامينها.
وأبرز وهبي في معرض رده على سؤال محوري حول “واقع محاكم المملكة وتحديات تطوير السياسة الجنائية” ضمن جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، أن الوزارة اتخذت مجموعة من الإجراءات والتدابير التشريعية والتنظيمية الرامية إلى تطوير معالم السياسة الجنائية المغربية مستحضرة تنامي وتطور الظاهرة الإجرامية من جهة، وكذا تحقيق الملاءمة مع المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان والتي أكد عليها دستور المملكة لسنة 2011 من جهة أخرى.
وقد تضمنت هذه التدابير، يضيف الوزير، مستجدات جوهرية مهمة سواء فيما يخص التجريم أو العقاب وكذا الحقوق والحريات وتعزيز أدوات مكافحة الجريمة، فضلا عن تحديث آليات العدالة الجنائية، مشيرا في هذا السياق إلى مراجعة مجموعة القانون الجنائي، وقانون المسطرة الجنائية.
فبخصوص مراجعة مجموعة القانون الجنائي، أفاد المسؤول الحكومي بأن الوزارة تسعى إلى تقديم مشروع متكامل يلامس كافة النصوص الواردة فيه وفق مقاربة تشريعية شاملة توفر أجوبة للعديد من النقط المطروحة من أبرزها دسترة مجموعة من المقتضيات الزجرية التجريمية والحمائية وتدويل القواعد الجنائية من خلال مصادقة المغرب على العديد من المواثيق الدولية سواء ذات الصلة بمكافحة الجريمة أو بحقوق الإنسان، لافتا إلى أنه من المنتظر أن يتم تشكيل لجنة متعددة المشارب للتسريع بإعداد مشروع متكامل يحقق الغايات المنشودة.
أما بخصوص مراجعة قانون المسطرة الجنائية، فأكد الوزير على أن هذا المشروع يعتبر من بين أهم الأوراش التشريعية التي أطلقتها وزارة العدل، باعتباره المحرك الأساسي لمنظومة العدالة الجنائية، وذلك لارتباطه الوثيق بمجال حماية الحقوق والحريات ومكافحة الجريمة وتحقيق أمن الأفراد والجماعات، ومواكبة التطور الحاصل على مستوى الأنظمة الجنائية المعاصرة، وسد الثغرات التي أفرزتها الممارسة العملية.
وتشمل مراجعة قانون المسطرة الجنائية، يقول السيد وهبي، مجموعة من المقتضيات القانونية الهامة الرامية إلى مكافحة الجريمة في احترام تام للحقوق والحريات وذلك من خلال تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة و تعزيزحقوق الدفاع، وتقوية مركز الضحية في الإجراءات الجنائية، وتعزيز ضمانات المتهم خلال مراحل البحث والتحقيق والمحاكمة، وترشيد الاعتقال الاحتياطي، وتبسيط الإجراءات والمساطر الجنائية.
كما تهم هذه المقتضيات ،على الخصوص، وضع آليات للوقاية من التعذيب، وإضفاء مرونة على مستوى التنفيذ الزجري، وتقوية آليات التعاون القضائي الدولي في مجال مكافحة الجريمة؛ وتقوية الوسائل الإلكترونية في مجال مكافحة الجريمة؛ ووضع آليات تحفيزية في مجال التنفيذ الزجري خاصة ما يرتبط بالغرامات المالية وتبسيط مساطر رد الاعتبار وإعادة التأهيل؛ وإيجاد بدائل للدعوى العمومية من خلال مساطر مبسطة وتصالحية، فضلا عن اعتماد مقاربة جديدة لعدالة الأحداث وإعداد مشروع القانون المتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية في إجراءات التقاضي في المجال الجنائي.
وأكد الوزير أنه من أجل استعمال أمثل مختلف الوسائل الإلكترونية خلال كافة مراحل الدعوى العمومية، عملت وزارة العدل على استكمال المشاورات حول مشروع القانون المتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية في إجراءات التقاضي في المجال الجنائي وتمت إحالته على الأمانة العامة للحكومة قصد مباشرة مسطرة المصادقة.
من جهة أخرى، سجل وهبي أن الوزارة تعمل على تنزيل مضامين توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وذلك من خلال الرفع من مستوى البنية التحتية للمحاكم، عبر بناء مؤسسات قضائية جديدة، و تهيئة وتوسعة وتحديث بنايات أخرى قائمة، وكذا السهر على تدبير مجموعة من مشاريع البناء، والتوسعة، والتهيئة بمواصفات ومعايير حديثة لتسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم وتحسين ظروف استقبالهم.
وعلى مستوى الرقمنة والتحديث داخل قطاع العدالة، أشار الوزير إلى أنه تم تسطير مجموعة من المشاريع المعلوماتية ذات الصلة بالسياسة الجنائية، و المندرجة ضمن المخطط التوجيهي للتحول الرقمي للعدالة.
ويتعلق الأمر ، وفق الوزير، بملف النيابة العامة الإلكتروني، والمكتب الافتراضي للنيابة العامة، والمحاكمة عن بعد وملف التنفيذ الإلكتروني لتحصيل الغرامات والإدانات، وملف التنفيذ الإلكتروني للأحكام السالبة للحرية، ومواصلة تعميم تثبيت النسخة الثانية من نظام تدبير القضايا الزجرية S@j2 pénal الممركز.
تعليقات الزوار ( 0 )