أعادت وفاة فتاة في العشرين من عمرها، بالمستشفى الإقليمي بمدينة سيدي قاسم، بعد أيام قليلة على وضع مولودها، موضوع وفيات الأمومة، الذي سبق وخلف مجموعة من الاحتجاجات في المنطقة، وطالب مجموعة من النشطاء بفتح تحقيق في الموضوع، والتأكد من حقيقة الاتهامات التي وجهها بعض الأشخاص إلى الأطر الصحية العاملة بالمركز، تخص “التراخي”.
وكشفت مصادر جريدة “بناصا”، أن تفاصيل الواقعة تعود إلى الخميس الماضي، حين توجهت أسرة من الخنيشات، إلى المستشفى الإقليمي بسيدي قاسم، من أجل الولادة قيصرياً، غير أن المسؤولين رفضوا استقبالها، وطلبوا منها التوجه إلى القنيطرة، بـ”ذريعة أن الولادات القيصرية لا تتم فيه”، حسب تعبير المصدر.
وأضافت أن أسرة المعنية، اضطرت لأخذها إلى مصحة ابن سينا بالمدينة نفسها، حيث أنجبت بعد عملية قيصرية، وخرجت من المصحة بعدها بثلاثة أيام عائدة لمقر سكناها بالخنيشات، غير أنه جسمها، بعد ساعات من وصولها، بدأ ينتفخ، ما دفع ذويها إلى الإسراع لنقلها للمصحة التي أجرت بها العملية، ليخبرهم الطبيب المشرف أنها تحتاح لعملية ثانية لـ”التنظيف”، وهي العملية التي أشرف عليها طبيب آخر، لتدخل المعنية في غيبوبة.
وأوضحت المصادر، أن الطبيب الذي أشرف على توليدها قيصريا، والذي سبق له أن أُوقف عن العمل بمدينة سيدي قاسم، بسبب حالات وفاة عقب العمليات الجراحية، قبل أن يقرر الاستقالة وفتح عيادة خاصة بمدينة سيدي سليمان، تقول المصادر، طلب، بعد دخولها في الغيبوبة، نقلها إلى غرفة الإنعاش بالمستشفى الإقليمي، بسبب غياب الإنعاش عن المصحة المذكورة، حيث مكثت ليومين، قبل إعلان وفاتها.
ووجهت مصادر مقربة من العائلة، اتهاماً مباشراً إلى الطبيب الذي أشرف على توليدها، بتسببه في خطأ قاتل أودى بحياة الفتاة، التي توفي أبواها منذ فترة، وتركت ابنها يتيماً، قبل أن تتجه بشكاية لدى الوكيل العام للملك، الذي أمر بفتح تحقيق في الموضوع، من أجل كشف ظروف وملابسات الواقعة، وإجراء التشريح الطبي.
وأوضحت شقيقة المتوفية، أن المصحة وأطرها، حاولوا التغطية على ما أسمته بـ”الجريمة”، المرتكبة ضد أختها، حيث أخبروهم بعد إعادتها للنظر في سبب انتفاخ جسمها، بأنها في صحة جيدة وسيخرجونها، غير أنه وبعد آذان المغرب، أوضحوا أن حالتها خطيرة وتتطلب نقلها للإنعاش بالمستشفى الإقليمي.
ومن جانها، أوضحت سيدة من أسرة المتوفية، أن “الفتاة ماتت في المصحة، وتم نقلها إلى المستشفى الإقليمي من أجل التغطية على الجريمة التي ارتكبوها”، متسائلة: “كيف يعقل أن يتم تغطية عيني سيدة، في حال كانت حية، بالقطن، وهي خرجت منتفخة ولا تتحرك وعيناها مفتوحتان”.
وفي تعليقه على الاتهامات الموجهة إلى المستشفى الإقليمي بسيدي قاسم، بتسببه، بطريقة غير مباشرة، في وفاة السيدة، قال يوسف زنبوط مدير المستشفى، إن الأخير لم يرفض استقبالها لإجراء ولادة قيصرية، بل “تعذر عليه ذلك نظرا لعدم توفره على طبيب اختصاصي في الولادات التي تتم عبر العملية الجراحية”.
وقال زنبوط في تصريح لجريدة “بناصا”، إن المستشفى يتوفر على طبيب وحيد متخصص في الولادات القيصرية، ويشتغل من الإثنين إلى الرابعة من عشية يوم الجمعة، قبل أن يسافر إلى منزله بالقنيطرة، وحين جاءت حالة الفتاة في الواحدة ليلاً من ليلة الجمعة (وهو ما يتناقض مع تصريحات شقيقة المعنية التي قالت إن الولادة تمت يوم الخميس)، لم يكن هناك اختصاصي، وطلبنا منها التوجه إلى القنيطرة لإجراء الولادة.
وفيما يتعلق بأن السيدة توفيت في المصحة قبل ولوجها إلى المستشفى لدخول الإنعاش، أوضح المسؤول نفسه، أن السيدة كانت في غيبوبة بعد العملية الثانية التي خضعت لها في المصحة، وقد رأيتها بنفسي كما طلبت من بعض أفراد عائلتها رؤيتها، وكانت حية، وقد صارحتهم بأن حالتها خطيرة، مع التأكيد على حقهم في سلك المسطرة القانونية ضد من يعتبرونه السبب فيما حدث.
وأوضح أن هناك مشكلاً كبيراً تعاني منه أغلب المستشفيات البعيدة عن مركز الرباط الدار البيضاء، وهو غياب الموارد البشرية أو قلتها، مبرزاً أن المستشفى الإقليمي بسيدي قاسم، يتوفر على اختصاصي وحيد في الولادة القيصرية، واختصاصي وحيد أيضا في الإنعاش، مسترسلاً أن وزارة الصحة مطالبة بحل هذا المشكل.
ولا تعتبر حالة وفاة الفتاة الأولى من نوعها في سيدي قاسم، حيث سبق للمنطقة أن عرفت مجموعة من الوقائع المشابهة في السنوات الماضية، الأمر الذي جعل العديد من النشطاء بالمدينة يحملون المندوبية الإقليمية للصحة مسؤولية استمرار هذا المشكل، من دون البحث عن حلول له.
وحاولت “بناصا”، التواصل مع المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بسيدي قاسم، موحى عكي، من أجل استفساره عن أسباب وفيات الأمهات بعد الولادة، وتكرار نفس المشاهد في أكثر من مرة، والتي كان آخرها الفتاة العشرينية، غير أنه لم يجب على اتصالات الجريدة.
تعليقات الزوار ( 0 )