انتقد السياسي الجزائري، نور الدين بوكروح، علماء الدين في الجزائر على اختلاف مذاهبهم السنية والشيعية، بسبب ابتعادهم عن الروح العلمية التي حرمت المسلمين، من إنتاج علماء يواجهون فيروس كورونا المستجد.
وقال بوكروح، في خرجته الأخيرة عبر مساهمة مطوّله له، إنّ المسلمين اليوم يجنون ثمار اختفاء أطروحات التيّار العقلاني، الذي عُرف في بدايات تاريخ الإسلام باسم “القدريين”، ولاحقًا باسم “المعتزلة”.
وإعتبر بوكروح، أن نواة هذا التيار قد تشكّلت بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، عندما بدأت النقاشات الأولى تُثار في صفوف المسلمين، مؤكدا أن أنصار هذا التيار يؤمنون بالإرادة الحرّة للإنسان، عكس أولئك الذين، من تأثرهم العاطفي بتنزيل الوحي، كانوا يعتقدون أن الله يسير كل شيء حتى في أدق تفاصيل الحياة البشرية، وهم التيار الآخر الذي كان يسمى “الجبريين”، وكانوا يفضلون تفسيرًا حرفيًا للقرآن.
وأضاف الوزير الأسبق للتجارة، أن الصراع بين التيارين توزّع على عدة جولات واستمر لعدة قرون، قبل أن ينتهي بانتصار التيار الحرفي الشكلي والاستسلامي، الذي تدعمه كتلة المؤمنين الذين جرى تأطيرهم دون هوادة عبر الوعظ في المساجد والدعوة في الشوارع.
وتابع بوكروح قوله: “لقد فرضت أفكار هذا التيّار نفسها على مدارس المذهبين السني والشيعي على حدٍّ سواء، مع بعض الفوارق الضئيلة بينهما، وعبرت الزمن لغاية يومنا هذا عبر ثلاث مراحل، هي الأشعرية في القرن العاشر، السلفية مع ابن تيمية في القرن الرابع عشر، ثم الوهابية مع محمد ابن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر، ما جعل أفكار هؤلاء الرجال الثلاثة، الذين يعتبرون المراجع الحقيقية للمذهب السني، هي التي تهيمن اليوم تحت لواء الإسلاموية”.
وأكد رئيس حزب التجديد الجزائري السابق أن حرّية الفكر التي منحها القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم، للمسلمين انتزعتها منهم في نهاية المطاف الذهنية التقليدية، فلم يعد لدينا منذ ذلك الحين، حسب رأيه، مخترعون ولا فلاسفة، بل آلاف الدعاة و الأئمة الذين لا يفكّرون ولا يكتبون، بل يكتفون بالوعظ في المساجد و الشوارع بالأمس، و على بلاطوهات التلفزيون و منصات التواصل الاجتماعي اليوم، أي أنه كما يقول، “لم يعد لدينا صلاح الدين و ابن سينا، و أصبح عندنا بن لادن والبغدادي”.
وطرح بوكروح سؤالا حول ما الذي يجب أن يمثل الأولوية؟ حياة عدد غير محدّد من البشر أم فريضة دينية؟ ويقول أبضا ” إذا لم يتمكّن أتباع الحضارات- الأديان الأربعة الأخرى، من القضاء على فيروس كوفيد 19 في غضون خمسة عشر يومًا، فإن العلم الديني القديم “الصالح لكل زمان و مكان” سيواجه إحراجًا خطيرًا: إما الاضطرار إلى تعليق صيام هذا العام، لأن خواء الجسم يزيد من قابليته لفتك الفيروس و يحفّز انتشاره، وإما تثبيت الصيام وبالتالي تحدي خطر تفشّيه في صفوف المسلمين وغيرهم على حدٍ سواء، لأن هؤلاء يعيشون جنبًا إلى جنب في كل مكان تقريبًا.
تعليقات الزوار ( 0 )