Share
  • Link copied

هل وزير الثقافة هو من منح الجائزة حتى يكون له الحق في سحبها؟

اطلعت عبر وسائل الاعلام على قرار السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل الصادر بتاريخ: 18 مارس 2022 تحت عدد: 22/0116 والذي بمقتضاه اتخذ قراره بسحب جائزة المغرب للكتاب التي سبق أن فاز بها تسعة من الكتاب المغاربة برسم دروة 2021، وأول ما تبادر إلى ذهني، ودون الدخول في الأسباب التي أعلن الوزير أنه بناء عليها اتخذ ذلك القرار، هو سؤال هل للوزير الحق في سحب الجائزة من الفائزين أيا كانت المبررات والأسباب؟

الجواب على هذا السؤال يستلزم الرجوع إلى القانون المنظم لجائزة المغرب للكتاب، والذي بمقتضاه تم التباري من طرف العديد من المرشحين، واستنادا عليه تم إعلان أسماء الفائزين.

إن جائزة المغرب للكتاب منظمة بمقتضى المرسوم رقم: 2.05.830 الصادر في: 26 من رمضان 1427 (19 أكتوبر 2006) بإحداث جائزة المغرب للكتاب، وفق ما تم تغييره وتتميمه عدة مرات، آخرها كان بواسطة المرسوم الصادر بتاريخ: 25 جمادي الآخرة 1439 (14 مارس 2018)، وهو المرسوم الذي نص على إحداث الجائزة وعلى تنظيمها ومسطرة الترشيح لها وكيفية منحها واللجان المختصة بذلك، والمرسوم وفق مادته السادسة يعطي الاختصاص للسلطة الحكومية المكلفة بالثقافة في التعيين السنوي لست (6) لجان علمية للتحكيم، وهي نفس المادة التي تجعل من اختصاص تلك اللجان انتخاب رئيس ومقرر من بين أعضائها، فيما يبقى من اختصاص السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة تعين رئيس للجان الجائزة، وهو الرئيس الذي ليس له إمكانية المشاركة في التصويت، رغم أنه يشرف على حسن سير اجتماعات اللجان ويساهم في مداولاتها.

كما أن نفس المادة تنص بشكل صريح على أنه يعهد إلى اللجان بالقراءة والمداولة والتحكيم وتحديد المصنفات الفائزة، فضلا عن ذلك تنص المادة السابعة من المرسوم على أن اللجان تجتمع بكامل أعضائها عند المداولة النهائية في جلسة واحدة سرية ومغلقة، تحت إشراف الرئيس وباستدعاء منه (وهو الذي لا يشارك في التصويت)، وتحرر تقريرا عاما ونهائيا معللا للمصنفات الفائزة مباشرة بعد إنهاء عملها يسلم لوزير الثقافة الذي يعلن عن الجائزة، والملاحظ أن دور الوزير الوصي لا يزيد على إعلان نتائج المداولات السرية التي تقوم بها اللجان المختصة دون أن يكون له أي دخل في باقي ااأعمال التي تختص اللجان في القيام بها من قراءة ومداولة وتحكيم وتحديد للمصنفات الفائزة.

إن قراءة مقتضيات المادتين السادسة والسابعة من المرسوم تجعل اللجان التي تقرر في جائزة الكتاب تتمتع بقدر كبير من الاستقلالية في اشتغالها وسيرها ومداولاتها واتخاذ قرارتها، دون أن يكون للوزير أي سلطة عليها ولا على مداولاتها ولا قراراتها، بل حتى رئيسها الذي يعينه الوزير لا يشارك في التصويت بعد المداولات التي تجريها اللجنة، حتى لا تستغل سلطة الوزير في تعيينه في التصويت.

الخلاصة أن الوزير الوصي على قطاع الثقافة رغم كونه يشرف على القطاع الذي يسهر على تنظيم فعاليات جائزة المغرب للكتاب، لكنه ليس هو من منح الجائزة للفائزين حتى يكون له الحق في اتخاذ قرار السحب من عدمه، وهو ما يجد سنده في مبدأ توازي الشكليات الذي يقتضي أن يُرجع الأمر إلى الجهة التي اتخذت قرار الفوز ومنح الجائزة، وهي اللجنة المختصة المقررة وفق مقتضيات المادة السادسة من المرسوم المنظم للجائزة، والتي تتخذ قراراتها بعد التداول السري والتصويت، كما أن رئيسها الذي يعينه وزير الثقافة، كما سبقت الإشارة، لا يشارك في التصويت مما يجعل قرارتها مبنية على معايير علمية دون أي تأثير من الإدارة، ويكون الوزير في هاته الحالة لم يمنح الجائزة حتى يكون له الاختصاص والصلاحية لسحبها.

أما بخصوص المبرر الذي أعلن الوزير أنه بسببه اتخذ قراره القاضي بسحب الجائزة من الفائزين بها، وهو تفسير المادة: 13 من المرسوم الذي ينص على أنه “يمنح الفائز بجائزة المغرب للكتاب، شهادة، تذكارا، ومبلغا ماليا صافيا قدره مائة وعشرون ألف درهم” هكذا دون أي إشارة إلى إمكانية اقتسام هذا المبلغ بين عدة فائزين، ولا أدري من أين أتى السيد الوزير بالتأويل الرامي إلى اقتسام مبلغ زهيد بين الكتاب الفائزين، إلا إذا كانت اللجان التي أعلنت الفوز قد نصت في قرارها على الاقتسام، رغم أن المادة 13 من المرسوم وردت بعبارة تفيد أن ما يُمنح للفائز جاء بصيغة ليس فيها ما يفيد الاقتسام، ثم لماذا لم يفسر السيد الوزير مبدأ الاقتسام سوى في المبلغ المالي فقط، ولماذا لم يتعداه إلى أن الشهادة والتذكار أيضا مادام أن الجائزة منحت بالمناصفة، فيتعين أيضا اقتسامهما.

*محام بهيئة مكناس

Share
  • Link copied
المقال التالي