نشر موقع “Nairametrics” الاقتصادي، مقالاً تحليليا للكاتب النيجيري كاليب أديبايو، الحاصل على الماجستير في قانون الطاقة والبيئة في كلية الحقوق بجامعة نيويورك، تناول فيه فشل التجربة الجزائرية في تنزيل مشروع خط أنابيب الغاز الرابط بين أفريقيا وأوروبا وضمان تمويله، كما تطرق إلى التحديات الكبرى التي قد تواجه المغرب ونيجيريا في إنجاز هذا المشروع.
واستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى تاريخ يوليوز 2009، الذي اجتمعت فيه كل من نيجيريا والنيجر والجزائر لتطوير ربط خط أنابيب الغاز العابر للصحراء (TSGP)، وهو ما كان يمكن أن يكون في ذلك الوقت، أحد أكبر مشاريع البنية التحتية للغاز في إفريقيا.
وكان خط الأنابيب الذي يبلغ طوله أكثر من 4000 كيلومتر ينقل الغاز من شمال نيجيريا- يتغذى من خط أنابيب الغاز والمعروف باسم أجاوكوتا-كادونا-كانو (AKK) – إلى النيجر وعلى طول الطريق إلى الجزائر في شمال إفريقيا.
وتم تعيين المشروع المتوقع 12 مليار دولار لإحداث تحول كبير في وجه قطاع الطاقة للبلدان المعنية وخاصة بالنسبة لأوروبا التي كانت ستتلقى إمدادات من الجزائر. ومع ذلك، بعد اثني عشر عاما، أصبح المشروع بمثابة حلم بعيد المنال أكثر من خط أنابيب، وفق تعبير الكاتب.
ويرى الكاتب، أنّ البناء المتوقع لخط أنابيب الغاز النيجيري المغربي (NMGP)، وهو خط أنابيب غاز بطول 5،660 كيلومترا ينقل الغاز من نيجيريا إلى المغرب، يبدو أكثر طموحا من الغاز العابر للصحراء “الفاشل” الذي وقعت عليه الشركتين النيجيرية والجزائرية سابقا.
ومن المتوقع أنْ يتم هذا الربط من خط أنابيب الغاز في غرب إفريقيا (WAGP) الحالي الذي تغذي نيجيريا منه كل من غانا وجمهورية بنين وتوغو، والسفر عبر كوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا وصولا إلى المغرب وإسبانيا.
ربما يكون من الآمن القول أنه مع ظهور خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي، أن ربط خط أنابيب الغاز العابر للصحراء مع الجزائر مات موتا طبيعيا، ولأسباب وجيهة أيضا، حيث كان الأمن أحد التحديات الرئيسية لمشروع الغاز العابر للصحراء.
التحديات الأمنية الكبرى ومخاطر الجماعات الإرهابية
وأوضح الكاتب الحاصل على الماجستير في قانون الطاقة والبيئة في كلية الحقوق بجامعة نيويورك، أنّ خط الأنابيب كان يمر عبر مناطق مضطربة للغاية، بما في ذلك الصحراء الكبرى، وهي مناطق تشتهر بأنها أرض خصبة للجماعات الإرهابية مثل القاعدة وبوكو حرام.
وكان هذا من شأنه أنْ يترك عمال البناء في خطر ويخلق احتمال تخريب خط الأنابيب بسبب هذه التهديدات الأمنية، لا سيّما بالنظر إلى حقيقة أن خط الأنابيب كان من المقرر أن يكون على الشاطئ، ومع ذلك، يبدو أن هناك خيطًا مشتركا يمر عبر خط أنابيب الغاز العابر للصحراء “الفاشل” وخط أنابيب الغاز النيجيري المغربي المقترح.
وأضاف المصدر ذاته، أنه من المقرر أن يكون المشروع الأول امتدادًا للمشروع الثاني، والتحديات التي واجهت خط أنابيب الغاز في غرب إفريقيا على مدى السنوات القليلة الماضية هي إلى حد كبير من التهديدات الأمنية في جنوب شرق وجنوب نيجيريا من قبل مسلحي دلتا النيجر، الذين خلقوا اضطرابات في المنطقة جعلت من الصعب على نيجيريا الوفاء بالتزاماتها بشأن إمدادات الغاز لهذه البلدان المجاورة.
ومع وجود خط أنابيب يمتد لآلاف الأميال في البحر المفتوح وعبر القارات، فإنّ آثار إغلاق خط أنابيب الغاز في غرب إفريقيا سيكون له عواقب بعيدة المدى على الإمداد إلى خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي. ومن المتوقع أيضًا أن تسعى أي عقود توريد تُدخلها نيجيريا إلى استبعاد مثل هذه التحديات الأمنية من أحكام القوة القاهرة، مما يترك المسؤولية الناتجة عن فشل التوريد بيد نيجيريا.
وقال الكاتب، إنه يجب معالجة هذه المخاوف الأمنية التي أدّت إلى فشل خط أنابيب الغاز العابر للصحراء والتي تفاقمت في ظل نظام بخاري – والتي تشكل تحديات محتملة أمام خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي.
وفي عام 2020 وحده، تشير التقارير إلى أنه بين يناير ونونبر، كان هناك 142 حادثة تمرد بوكو حرام في شمال شرق نيجيريا، أي بمعدل 13 حادثة شهريا مع مقتل ما لا يقل عن 1606 شخصًا، وتم إدراج نيجيريا في المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر إرهابا في العالم.
سرعة تقدم خط أنابيب غاز بين أفريقيا وأوروبا
وما يثير الاهتمام، يضيف الكاتب، هو مدى سرعة تقدم مشروع خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي، حيث دخل بالفعل مرحلته الثانية من التصميم الهندسي للواجهة الأمامية (FEED) بعد 5 سنوات من تصورها. بالإضافة إلى ذلك، ما يفعله هذا المشروع والذي كان برنامج TNGP محدودا للغاية في تحقيقه، هو أنه يوفر الوصول إلى إمدادات الغاز لثماني دول أفريقية أخرى باستثناء المغرب والدول الثلاث التي قدمها بالفعل خط أنابيب الغاز في غرب إفريقيا.
ويلفت الكاتب إلى أنّ هناك تحدي آخر، يتمثل في تصاريح الأراضي والبيئة وكذلك الحاجة إلى إشراك مختلف الحكومات، نظرًا لأن المشروع عبارة عن مزيج من البر والبحر، فإن هذا التحدي قد تم طمسه إلى حد ما، وسيخلق المشروع أيضا أمنا لإمدادات الغاز داخل جنوب أوروبا، ويعزز المنافسة، حيث يتم تزويد المنطقة أيضا من قبل روسيا وخط الأنابيب عبر البحر الأدرياتيكي الذي يغذي من أذربيجان، مما قد يؤدي إلى المنافسة في خفض الأسعار.
وهناك تحديات في تمويل مثل هذا المشروع الطموح، الذي يعتبر أطول مشروع خط أنابيب عابر للحدود عبر قارات إفريقيا وأوروبا، ولكن من المأمول أن البنوك الإقليمية مثل بنك التنمية الأفريقي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وبنك الاستثمار الأوروبي (EIB) سيضعان ثقلهما وراء المشروع.
وأشار الكاتب، إلى أن هذا المشروع يوضح أيضًا القضايا التي ابتليت بها TNGP المهجورة، ويكشف عن الحاجة الوشيكة لدفع التنمية إلى شمال نيجيريا والقضاء على المستوطنات الإرهابية، حيث سيستمر هذا في التأثير على التنمية الاقتصادية ليس فقط في نيجيريا، ولكن في المنطقة بأكملها.
ولفت المصدر ذاته، إلى أنه يجب إعطاء الأولوية لمشروع مثل خط أنابيب أجوكوتا-كادونا-كانو (AKK)، لأن توريد الغاز في الشمال سيساعد في التصنيع والتنمية بشكل كبير.
تعليقات الزوار ( 0 )