يتساءل العديد من حاملي شهادة الماستر في شعبة القانون العام بمختلق تخصصاتها، عن سبب إقصائهم من طرف وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، في المباراة المقرر تنظيمها يوم الأحد 22 نونبر القادم.
فالوزارة عمدت إلى إقصاء تخصص القانون العام بدون مبررات، وفي خرق واضح للمقتضيات الدستورية التي تنص على المساواة بين المواطنات والمواطنين المغاربة، وخرق خطير لمبدأ تكافؤ الفرص ومضمون الفصل 31 من الدستور، الذي ينص على مايل:“ تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المؤسسات من الحق في (….) ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق”.
وليست هذه المرة الأولى، التي تعمد فيها وزارة الاقتصاد والمالية، إلى إقصاء حاملي شهادة الماستر في القانون العام، والغريب أن تقوم الوزارة بهذا الخطأ الكبير، وهي التي تضم مديريات لها ارتباط بالدولة وبقواعد القانون العام من القانون المالي والقانون الضريبي، ومنازعات أشخاص القانون العام والصفقات العمومية، ومساطر تحصيل الديون العمومية، وقضايا التشريع ومتابعة عمل البرلمان في كل مراحله بجلساته العمومية وأثناء عمل لجنه.
وبذلك، تكون الوزارة بهذا الإجراء غير الدستوري، قد عمدت إلى إقصاء تخصصات القانون العام التي لها علاقة بمجالات مباشرة لعمل وزارة الاقتصاد والمالية، يضاف إلى ذلك قواعد القانون الدولي التجاري والاقتصادي، ومنظمات التجارة الدولية، ومجال الجمارك والاتفاقيات الدولية، والعلاقات مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
ويدفع هذا الإقصاء الواضح، إلى تساؤلات عريضة يجب على الوزير توضيحها للرأي العام، أليس من حق خريجي القانون العام كمغاربة المشاركة في مباريات وزارة الآقتصاد والمالية؟ ماهي المعايير التي اعتمد عليها الوزير والمديرون في وزارة الاقتصاد والمالية لاختيار تخصصات القانون الخاص دون القانون العام، رغم أن القانون العام المجال الأقرب لقواعد عمل الوزارة؟ كيف يفسر الوزير والمديرون بعض التسميات التي يبدو أنها لماسترات وتحويلها لتخصصات مطلوبة لمباريات وزارة الاقتصاد والمالية مثل القانون والممارسة القضائية؟ وما هو الجواب الذي يمكن أن يقدمه مستشارو الوزارة بخصوص الماسترات التي تجمع موادا من القانون العام والقانون الخاص؟
وأكثر من ذلك، هل باتت العلوم السياسية والعلاقات الدولية تخصصات نقيضة لعمل الوزارة؟ ألا تعرف الوزارة الدور الذي يمكن أن يلعبه خريج العلوم السياسية في مرفق الوزارة؟ هذه الوزارة نفسها التي لها مؤسسات شريكة على رأسها البرلمان التي يتحدث نوابه ومستشاروه لغة السياسة والتوازنات السياسية؟ هل الوزير والمديرون بوزارة الاقتصاد والمالية يُدركون دور علم الإدارة وعلم السياسة في عمل الوزارة؟ وهل يُدركون أن مجال عملهم المرتبط بالسياسة المالية وسياسة الميزانية يعد جوهر تخصص القانون العام، وأن هذا التخصص الذي هو السياسات العمومية الوطنية والقطاعية والترابية غير موجود في التخصصات المطلوبة في مباراة 22 نونبر القادم؟
إن هذا الإقصاء يعيد إلى الأذهان الحرب التي كانت تُقاد في سنوات معينة ضد تخصصات الفلسفة، والخوف أن يكون هناك عدم إدراك أن الظرفية الوطنية والدولية تغيرت، وأن السنوات القادمة هي سنوات تُغير وظيفة الدولة بعودة الدولة التدخلية ومعها الدور الحاسم لقواعد القانون العام وتخصصاته، وقد كان يجب الانتباه إلى أنه في الشهور الأخيرة، منذ تطبيق حالة الطوارئ، ظل النقاش المؤسساتي والمجتمعي كله في معترك القانون العام وداخل قواعده.
تعليقات الزوار ( 0 )