Share
  • Link copied

هل تنتظر إيران موافقة واشنطن للتغلغل في الأردن؟

خبر غريب عجيب انتشر في موقع إخباري محلي، ونقله الإعلام الخارجي، حول استطلاع للرأي أُجري في الأردن لصالح (معهد واشنطن للدراسات)، من أجل التعرف على آراء ومشاعر الناس في قضايا تخص إسرائيل وإيران، وحتى يتم قياس مدى قبول أو رفض الناس لهما، وقد تم إجراء الاستطلاع ما بين شهري مايو وأبريل 2023.

أن تقوم أي حكومة بإجراء استفتاء لمعرفة توجهات وآراء مواطنيها، أمر عادي مفهوم، من أجل أن تعالج مشكلة، أو أن تقوم بمشروع يحتاج رأي الناس، أو تقوم بتعديل قانون، أو أن تسن قانوناً جديداً. كلُ ذلك أمر عادي ومقبول. أما الأمر غير العادي، وغير المقبول، فهو أن تقوم دولة ما بإجراء استطلاع رأي لمواطني دولة أخرى، فهذا أمر غريب وعجيب. واضح أن استطلاع الرأي الأمريكي في الأردن أمر فيه ما فيه!

جانب إسرائيل من الاستطلاع الأمريكي

انقسم الاستطلاع إلى قسمين، الأول يتعلق بإسرائيل تضمن 3 أسئلة عادية وغير ذات بال، ومعروف الجواب عليها مسبقاً، وكانت النتيجة:

أولاً: 84% من الأردنيين يرفضون التجارة مع إسرائيل.. (وهذا أمر غير مهم على الاطلاق ومعروف من دون استطلاع).

ثانياً: 76% يرفضون مساعدات إنسانية من إسرائيل (وهذا أيضاً موضوع غير ذا بال، وهو سؤال افتراضي).

ثالثاً: 72% من الأردنيين شامتين بالاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو (وهذا أيضاً أمر عادي متوقع من أُناس يكرهون عدوهم).

جانب إيران من الاستطلاع الأمريكي:

أما الأخطر، في الاستطلاع الأمريكي، فهو الجانب الذي يخص إيران. إذ أن الأسئلة تعلقت بمشاعر الناس تجاه المد الإيراني الزاحف نحو المنطقة، وكانت النتائج كما يلي:

أولاً: 53% من الأردنيين يرحبون بعودة العلاقات السعودية الإيرانية، في حين أبدى 44% استياءهم (علماً أن رأي أهل الأردن في سؤال كهذا غير مهم، لأنه يخص دولة أخرى، لها ظروفها).

ثانياً:45% من الأردنيين يعتبرون إيران دولة منافسة و42% يعتبرونها عدوا.

ثالثاً: 69% يعارضون محاربة إيران (وهذا مربط الفرس وأهم نقطة في الاستطلاع).

رابعاً: والأخطر أن 59% ضد فكرة حيازة دولة عربية لقنبلة نووية بهدف التصدي لإيران.

تسهيل التمدد الإيراني:

ويفهم القارئ من آخر نقطتين، أن أسئلة الاستطلاع كانت موجهة بخبث للخروج بهذه النتيجة، بمعنى أن الأمريكيين حصلوا على نتيجة، غاية في الأهمية، وهي التي استهدفوها من الاستطلاع، والتي تناسب سياساتهم، الهادفة إلى تسهيل التوسع الإيراني في المنطقة. فقول الأمريكيين أن 70% من الأردنيين لا يرغبون في محاربة إيران، و60% لا يريدون حتى للعرب أن يقاوموا إيران، هو ما يستهدفه الاستطلاع، كي يخلصوا إلى نتيجة أن أهل الأردن لن يقاوموا المد الإيراني، ولا يريدون للعرب أن يقاوموه. وهذا أمر لا بد أنه يجافي الحقيقة، ولا يُصدق. فمشاعر الناس في الأردن كانت مع العراقيين ضد الاحتلال الأمريكي، وتؤيدهم في تصديهم للنفوذ الإيراني في العراق، ومع الثورة السورية، ومع أهل اليمن. فكيف يتم تزوير مشاعر الناس ووجهة نظر شعب بأكمله، بهذا الشكل السافر؟ وماذا لو تخطت الميليشيات الإيرانية الحدود الشمالية، ألا يتصدى لها الناس؟ هل يتوهم الأمريكيون أن أهل الأردن سيرحبون بالحرس الثوري الإيراني في بلادهم؟

توظيف استطلاعات الرأي لتبرير وتمرير المؤامرات:

استطلاعات الرأي، في العادة، يستفيد منها أصحاب القرار، في الغرب، لدراسة المزاج العام لشعوبهم، واتخاذ القرار حتى لا يجدوا معارضة قوية من قبل الناس، تعطل مشاريعهم. وهم في هذه الحالة يظنون أن 70% من أهل الأردن سيرحبون بالنفوذ الإيراني. فهل يعني أنه قد حان الوقت، لتبرير تهيئة الظروف لتحويل الأردن إلى عراق جديد، أو إلى سوريا جديدة، أو يمن جديد؟ وبما أن الاستطلاع الخبيث قد وجد أن أكثر من ثلثي أهل البلاد على استعداد للتعايش مع إيران، وحرسها الثوري، فربما يكون الظرف مناسباً لبدء تنفيذ هذه المؤامرة الأمريكية.

الأردن مستهدف من قبل إيران:

الأردن هو الهدف التالي للتغلغل الإيراني، حسبما كشفه الدكتور بسام العموش مؤخراً، وهو الذي أمضى سنوات في طهران سفيراً، وهو الخبير بالعقلية الحاكمة هناك، فقد فاوضه النظام لفتح (السياحة الدينية) ليصلوا إلى المقامات في الجنوب، مقابل مساعدات مالية! وفاوضوه على تمويل مشاريع بشرط أن يأتوا معهم بـ(الحرس الثوري) تحت مسمى أيد عاملة! بمعنى أنهم أرادوا أن يكرروا السيناريو الذي اتبعوه في الدول العربية التي سقطت تحت قبضة الهيمنة الإيرانية بالكامل. الخلاصة: الخوف، كل الخوف، من أن يكون وراء الاستطلاع المريب أمر خطير يدبره الأمريكيون. فهل يقتربون من تحديد ساعة الصفر، لإعطاء الضوء الأخضر لإيران، للتغلغل في الأردن؟ وهل إيران من جانبها تنتظر موافقة واشنطن كي تواصل تمددها الإقليمي، على حساب الأردن هذه المرة؟

Share
  • Link copied
المقال التالي