Share
  • Link copied

هل استولت جبهة البوليساريو الانفصالية على حركة “صحراويون من أجل السلام”؟

بعد قرابة سنةٍ على تأسيسها، تعيش حركة صحراويون من أجل السلام، على وقع مجموعة من الإعفاءات التي شملت العديد من المنضويين تحت لوائها من المقيمين على الأراضي الجنوبية للمغرب، في واقعةٍ أثارت العديد من التساؤلات، سيما وأنها تأتي مباشرةً بعد حملة الفضح التي نفذها المعنيون ضد الجرائم التي ترتكبها جبهة البوليساريو في صفوف المحتجزين بتندوف، والسجناء بالرشيد وكويرة بيلة.

وقرر السكرتير الأول لـ”صحراويون من أجل السلام”، الحاج أحمد باريكلا، عبر تسجيل صوتي موجه للناطق الرسمي باسم الحركة، تتوفر “بناصا” على نسخة منه، طرد محمد علي بيبا، بعد اعتراضه الشديد على إقصاء عدد من الأطر والكفاءات على رأسهم بادي عبدربو، دون أي مبرّرات مقبولة، وهو ما لم يتقبله باريكلا، ليأمر بطرده من صحراويون من أجل السلام.

السكرتير والقانون

وكشف بادي عبد ربو، رئيس لجنة الإعلام والاتصال بحركة صحراويون من أجل السلام، في بيان حديث له، توصلت “بناصا” بنسخة منه، أن “السكرتير العام للحركة، الحاج أحمد باريكلا يتصرف خارج القانون المنظم لهياكل هذه الحركة ويلغي اختصاصات لجنة الإعلام والاتصال، وكل اللجان، ويمركز اختصاصاتها بين يديه”.

وقال البيان: “نحن في لجنة الإعلام والاتصال لا نطلع على أي منشور ولا يتم الاحتكام إلى القوة الإعلامية والاختصاص المهني بقدر ما تحول السلوك إلى ولاء وإلى هدم الميثاق التأسيسي للحركة المبني على احترام الكفاءات والتشارك والديمقراطية”، مسترسلاً: “وبناء على اختصاصات اللجان في المادة 28 و29 من القانون الأساسي للحركة”.

الحركة شعارها السلام.. ولكن!

وأضاف المصدر أن “الحركة شعارها السلام، لكن تدار حرب شرسة على الكفاءات والأطر الصحراوية، وتمنعهم من المشاركة الفعالة والبناءة التي دعا لها مجلس الأمن الدولي 2468/2019″، مشيراً إلى أن الحركة “يمارس دخلها تعتيم خطير وغير مقبول ويتنافى مع البيان التأسيسي للحركة الذي وقعت عليه المائة المؤسسة”.

وتابع: “نعلم كافة الصحراويين والمنظمات الدولية والمحلية بأن السكرتير الأول قد حول هذه الحركة إلى ما كان قد انتقده في جبهة البوليساريو من تسلط والرأي الواحد والاستبداد”، مضيفاً: “بناء عليه فإن هذه الحركة تشوبها تجاوزات خطيرة وأن السكرتير بدء يطرد الصحراويين والكفاءات الصحراوية خارج القانون والاختصاص”.

عقلية البوليساريو تحارب عقلية المغرب

وأردف المصدر: “لقد أسسنا الحركة على أساس الاحتكام إلى الكفاءة والمردودية، فإذا بنا نتحول إلى أشباح ولجان معطلة ودائرة من الولاء لا تنتهي”، متابعاً: “وبذلك فإننا سنطلع عموم الصحراويين في المستقبل المنظور على حجم هاته الانتهاكات والاشتغال الأحادي والتفرد بكل شيء وهو ما لن نقبله كشباب صحراويين”، حسبه.

وفي تصريحه لجريدة “بناصا”، قال بادي عبدربو، رئيس لجنة الإعلام والاتصال بحركة صحراويون من أجل السلام، الذي تم إعفاؤه من منصبه وتجميد عمل اللجنة مؤقتا، إن “ما يحدث هو تصارع عقليات، عقلية البوليساريو تسعى لهدم عقلية المغرب، بهذا المعنى”، مضيفاً: “لن يسمحوا لنا بالممارسة الديمقراطية في صناعة حلّ، رغم أن لنا القدرة والكاريزما، هم يريدون إقصاءنا، ولن نقبل بهذا التوجه الفكري”.

بادي: لا يمكن الذهاب في مشروعٍ بهذه العقلية

وأوضح بادي أنه “لم يتم احترام كافاءاتنا، وقاموا باستنساخ كل كفاءات البوليساريو داخل الحركة، والميثاق الذي تعاقدنا عليه ليس موجوداً على الإطلاق، والآن يحاولون طردنا من موقع الحركة، وأقصونا منها. هم يحاروبون الكفاءات”، مسترسلاً: “لماذا هذه الكارثة؟ يرغبون في جلب عقلية الولاء من قانون القرون الوسطى لنا؟”.

وأفاد بادي في تصريحه، بأنه يملك “تسجيلات خطيرة كاملة تدينهم”، مشدداً على أنه “لا يمكن الذهاب في مشروع بهذه العقلية، لابد من تصحيح هذا المسار، أو تأسيس مشروع سياسي بديل يحترم الكفاءات، ويذهب على منهج السلم ويبني القواعد الشعبية بسلمية، لا أن يلعبوا بنا ويضحكوا علينا”، منبهاً إلى أن كلّ ما انتقدت عليه صحراويون من أجل السلام، البوليساريو، بات متوفراً بالكامل في الحركة الآن.

صراع بين اللاقانون والقانون.. الحركة.. والمؤسسات

وأشار بادي إلى أن ما يقع هو أنه هناك “إستراتيجية داحل الحركة، هي تغييب الكادر الصحراوي المكون داخل المغرب بأي طريق، لأنه نحن تربينا داخل عقلية الدولة، وهم تربوا داخل عقلية الحركة، وعقلية الحركة لم تكن تحتكم للقانون، بل للقائد، أو القيادة، والأخير تحكمه الأهواء في حين أن الدولة تحكمها المؤسسات والنظام”.

واسترسل بادي أن ما جرى هو أنهم “استنسخوا عقلية القائد، ومنهج القائد واختيارات القائد، فاصطدموا مع عقلية الدولة؛ عقلية الممارسة؛ عقلية المؤسسة، عقلية القانون، وهو ما جعل السكرتير ومن معه، لا يرغبون في أن يبقى معهم أي كادر من الكوادئر الدذين نشأوا في ظل نظام الدولة ونظام المؤسسات، وهو ما سيدمر الحركة بالمطلق”.

سكرتير الحركة يرد: أصوات نشاز تخرج بتصريحات خارج السياق

وبعد أيامٍ من الصمت، قرر السكرتير الأول للحركة الخروج عن صمته، عبر قرار تجميد لجنة الإعلام والتواصل مؤقتاً، وإعفاء رئيس اللجنة بادي عبد ربو، من كل المسؤوليات داخل الحركة وإحالته على لجنة النظام والانضباط”، منبهةً إلى أن الصفحة الرسمية للحركة على “قيسبوك”، وقناتها على “يوتوب”، لم تعوداً لسان الحركة، والأخيرة ليست مسؤولةً عما ينشر بهما.

باريكلا قال في بيانه، صدر أمس الأحد،، من مدريد، اطلعت عليه “بناصا”، إن الحركة عملت “منذ تأسيسها على ترسيخ ثقافة مبادئ الشفافية والنزاهة والتشاركية في اتخاذ القرار، وتنفيذ النصوص القانونية التي يضمنها النظام الأساسي للحركة والذي كان عليه الإجماع بالمؤتمر التأسيسي، بيد أنه ما فتئت تخرج أصوات نشاز بمواقف وتصريحات خارج سياق الحركة”.

باريكلا يجمد لجنة الإعلام ويعفي رئيسها

وشدد البيان على أنه “في إطار ضبط قواعد الحركة وانضباطها خاصة المادة العاشرة التي تنص بالحرف على أنه لا يحق لأي عضو أن يبادر باسم الحركة إلى اتخاذ موقف أو الإدلاء بتصريح يتنافى مع توجهات الحركة ودون العودة إلى هياكلها المسند إليها اتخاذ القرار والمحافظة على أسرار الحركة”، وفق المصدر.

وزاد “وبعد تشاور بين قيادات الحركة بخصوص مجموعة من الوقائع تهم رئيس لجنة الإعلام والتواصل والتي تمثلت أساساً في معالجة قضايا الحركة خارج أجهزتها التنظيمية، والهجوم بألفاظ نابية تمس بأعضاء الحركة وتضرب في قيم ومبادئ مجتمعنا، وكذا الاستحواذ والاستيلاء على مواقع الحركة التواصلية في غير الأهداف المحددة لها”.

والمصدر كشف أنه “بناء على المادة السابعة من النظام الأساسي والتي تحدد مهام السكرتير الأول، فقد قرر: تجميد لجنة الإعلام والتواصل مؤقتاً، وإعفاء رئيس اللجنة السالفة الذكر من كل المسؤوليات داخل الحركة وإحالته على لجنة النظام والانضباط”، مردفةً أن صفحة الحركة على “فيسبوك” وقناتها على “يوتوب”، لم تعوداً ناطقتين باسمها، وقد جرى تأسيس صفحة وقناة جديدتين.

المطرودون يردون: باريكلا يخرق القانون مجدّداً في بيانه

وعاد حساب الحركة على “فيسبوك”، الذي يديره التيار المطالب باحترام الميثاق التأسيسي، ليردّ على السكرتير الأول للحركة، ببيان توصلت جريدة “بناصا” بنسخة منه، جاء فيه أن الحاج أحمد، اتخذ قرارا بتجميد عضوية ورئاسة بادي عبدربو، للجنة الإعلام والاتصال، وبنى السكرتير قراره على اجتماع عقده وفق ما أسماه بـ”التشاور”، مع قيادي الحركة.

وزاد عبد ربو في بيانه، بأن مقتضيات المادة 17 لا تبيح للسكرتير الأول اتخاذ أي إجراء في حق المنخرطين أو رؤساء اللجان سواء بالطرد أو تجميد العضوية أو غيرها من الأحكام الزجرية، بل هي من اختصاص لجنة النظام والانضباط التي تحكمها مقتضيات المادة 26 من القانون الأساسي، والتي تفيد بأن: من مهام لجنة الانضباط متابعة الأداء لدى أعضاء الحركة ومدى انضباطهم بنظامها ومبادئها وأهدافها”.

اتهامات لبرايكلا باستغلال النفوذ وهدم القانون

وتساءل المصدر: “كيف سمح سكرتير الحركة لنفسه بعقد اجتماع مع أشخاص لا يتوفرون على الشخصية القانونية لاتخاذ قرارات ذات صفة زجرية أو قضائية وهو ما يفيد بأن السكرتير الأول يستغل النفوذ ويهدم القانون الأساسي للحركة ويشتغل خارجه”، مضيفاً: “كل الذين وقعوا معه أو عقدوا احتماعاً خارج دائرة الاختصاص إنما شاركوا في جريمة يعاقب عليها القانون الأساسي للحركة”.

وواصل البيان: “كيف يتهم السكرتير الأول رئيس لجنة الإعلام ويصفه بأنه: استولى واستحوذ على مواقع الحركة التواصلية. في وقت يعتبر ذلك من اختصاص لجنة الإعلام والاتصال، وفق مقتضيات المادة 28 و29 من القانون الأساسي للحركة”، مسترسلاً، أن الأمر يفيد أن السكرتير الأول “يعطل عمل لجنة ومن يديرها من طاقم بشري دون سند قانوني”.

عبدربو: السكرتير يفكر بعقلية قيادة البوليساريو الإقصائية

وصرّح عبدربو، بناء على ما سبق، بأن “السكرتير يتخذ قرارات أحادية لا تستند لأي مادة قانونية بما يفيد بأنه لا زال يفكر بعقلية قيادة البوليساريو الإقصائية الشوفينية التسلطية”، متابعاً: “هذا السلوك يتناقض مع ميثاق التأسيس لهذه الحركة التي جاءت لنبذ كل السلوكات الشوفينية التي مورست في إطار الأحادية المبنية على الولاء للأشخاص لا المواثيق السياسية”.

وأكد المصدر على أن “السكرتير لا زال يعتمد على مفهوم القيادة لا مفهوم مأسسة اللجان وهو ما ورد بالعبارة الصريحة التالية في بيانه رقم 2021/01: وبعد تشاور بين قيادات الحركة”، مضيفاً: “إن السكرتير الأول لا زالت تعشش في ذهنه شخصية القيادات، لا اعتبارية المؤسسات والاختصاصات، وبذلك فإن ما قام به هذا السكرتير إنما هو ضرب من ضروب الفساد الإداري وتعسف مع سبق الإصرار والترصد ضد مقتضيات قانونية واضحة”.

بادي: قرار التوقيف في حقي باطل قانونا وشرعاً

واعتبر بادي أن “هذا التسلط والشطط لم يعد مقبول وأنه مناقض ومنافي لميثاق التأسيس وإننا كقوة شبابية وكفاءات صحراويين سنناضل دون تحويل مشروع سلمي إلى استنساخ جديد لتجربة البوليساريو الراديكالية”، مردفاً: “بناء عليه فإن قرار توقيفي كرئيس لجنة الإعلام والاتصال بحركة صحراويون من أجل السلام، هو قرار باطل قانوناً وشرعاً وهو سلوك خارج النصّ ولا يعتد ولا يؤخذ به”.

ومضى بادي يقول، بأن “هذا السلوك قد سبقه أفعال مماثلة ضد الأطر الصحراوية فتم تهميشهم من دكاترة وأساتذة ومحامين وغيرهم”، مضيفا: “هذا السلوك مخالف تماماً لمضامين القرار 8/24.6 الصادر عن مجلس الأمن الدولي”، قبل أن يختتم بالقول: “ما يقوم به سكرتير حركة صحراويون من أجل السلام إنما هو نفس سلوك البوليساريو المبني على الولاء والطاعة للشخص القائد لا الالتزام للعقود السياسية”.

مصادر: البوليساريو وراء الضغط على باريكلا للإقصاء

وفي السياق نفسه، ربطت مصادر الجريدة، بين المعركة الشرسة التي قادها بادي عبدربو، ومجموعة من زملائه عبر قناة “الغربية” على يوتوب، ضد جبهة البوليساريو الانفصالية، وإحيائهم لملف سجن الرشيد الذي شهد جرائم ضد الإنسانية منذ سبعينيات القرن الماضي، ما جعل قيادة الرابوني، تحرض أتباعها بغيةَ إيقاف من يفضحهم.

وكان بادي، قد نشر مجموعة من التسريبات الصوتية للتهديدات التي تعرض لها برفقة عدد من زلامه، من طرف جبهة البوليساريو، التي حرضت على قتله، وارتكاب أفعال إرهابية تستهدف المؤسسات المغربية ورجال الأمن والدرك والجيش، والمرافق العمومية، وبقية المواطنين، معتبرين إراقة الدماء بهذه الطريقة “واجباً وطنياً”، حسبهم.

وربطت مصادر “بناصا”، بين إقصاء الشخص المعني، برفقة العديد من الأطر التي تربت داخل الدولة المغربية، من الحركة، وبين فضحهم للبوليساريو، مرجحةً أن يكون السكرتير الأول لحركة صحراويون من أجل السلام، قد تلقى توجيهات من طرف قيادة الرابوني، تقضي بضرورة طرد أسماء معينة، وهو بالفعل ما حصل.

اتهامات لبادي بـ”العمالة”

وما يزيد من تأكيد، وفق مصدر “بناصا”، أن جبهة البوليساريو لها صلة بحملة الطرد التي شهدتها حركة صحراويون من أجل السلام في الفترة الأخيرة، والتي استهدفت جل الكوادر والكفاءات التي نشأت في ظل الدولة المغربية، ودرست في جامعاتها، هو اتهام عبدربو، بكونه عميلاً للمخابرات المغربية.

واطلعت “بناصا”، على تسجيل صوتيّ يؤكد فيه صاحبه، أن ما تقوله القيادة لأعضائها، من أجل تبرير حملة الطرد التي شملت مسؤولين؛ من بينهم بادي عبد ربو، رئيس لجنة الإعلام، هو ربطهم بالعمالة لصالح المخابرات المغربية، وهو ما اعتبره المصدر، إثباتاً صريحاً يرجح أن قيادة الرابوني لها علاقة بما يحصل.

Share
  • Link copied
المقال التالي