Share
  • Link copied

هل أضعف انقلاب “فاغنر” الفاشل ضد بوتين نفوذ روسيا في الشرق الأوسط؟

أثار التمرد المسلح الفاشل الذي أعلنه يفغيني بريغوجين قائد مجموعة فاجنر شبه العسكرية ضد الجيش الروسي الشهر الماضي تساؤلات حول سياسة موسكو ونفوذها في الشرق الأوسط، بحسب تحليل لجورجيو كافيرو بموقع العربي الجديد النسخة الإنجليزية.

وقال كافيرو الرئيس التنفيذي لشركة تحليلات الخليج، في تحليله الذي ترجمه الخليج الجديد، إن نجاح التدخل العسكري المباشر لروسيا في 2015 في إلقاء طوق النجاة للرئيس السوري بشار الأسد، ساهم بشكل كبير في تكوين تصورات عن قوة موسكو وقدرتها على تشكيل البنية الأمنية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

لكن في ضوء أزمة فاجنر والجيش الروسي في روسيا الشهر الماضي، يمكن أن تتغير هذه التصورات، خاصة إذا انخفضت قدرة بوتين على العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب حاجة حكومته إلى التركيز بشكل أكبر على الوضع الداخلي لروسيا والصراع في أوكرانيا.

كافيرو حاول الإجابة على هذا التساؤل عبر استعراض أراء عدد من الخبراء والمحللين السياسيين حول أزمة فاجنر -موسكو وانعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط التي تسجل حضورا للمجموعة الروسية شبه العسكرية في عدد من المناطق أبرزها سوريا وليبيا.

إعادة نظر

حسين إيبش، باحث مقيم في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، اعتبر أن محاولة التمرد قصير المدى لمجموعة فاجنر والذي استمر ليوم واحد تساهم في الشعور بوجود ضعف في الدولة الروسية، ونظامها الحاكم، وزيادة حالة عدم الرضا داخل النخبة في موسكو”.

وأضاف إيبش، أنه من المحتم أن تنظر حكومات الشرق الأوسط والجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة إلى هذا التمرد على أنه علامة أخرى على أن روسيا قد تم المبالغة في تقدير قوتها بعد نجاحها النسبي في سوريا، وأن الاتحاد الروسي كقوة عالمية متجددة ليس مستعدا بالفعل في الوقت الحالي للانطلاق.

يتفق خبراء آخرون على أن نقاط الضعف الملحوظة في حكومة بوتين في أعقاب تمرد بريغوزين سيكون لها تأثير على صورة روسيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

مارك كاتز أستاذ الحكم والسياسة في جامعة جورج ميسن يرى أنه يجب على ى الحكومات والمجتمعات في الشرق الأوسط أن تعترف الآن بإمكانية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس قويا كما اعتقدوا أو كما كانوا يأملون، وأنه ليس في وضع يمكنه حاليا من مساعدتهم كثيرا.

ووفق كاتس “بينما كان على تلك الحكومات في الماضي أن يهتموا فقط بتفضيلات بوتين السياسية، يجب عليهم الآن التفكير في الاحتمالات التي قد لا تكون بالضرورة عناصر داخل الأجهزة الأمنية الروسية راغبة أو قادرة على تنفيذها.

وأضاف: “قد يكون لدى الحكومات والأنظمة في المنطقة أيضا قلق من أن موسكو ليست في وضع يسمح لها بتصدير أكبر عدد ممكن من الأسلحة إليهم بسبب حاجة الجيش الروسي لهم للقتال ضد أوكرانيا”.

تأثير ضئيل

بدوره، رأى آرون لوند من مؤسسة سنشري إنترناشونال، إنه من غير الواضح كيف سيكون وضع مجموعة فاجنر فى الفترة القادمة إذ يجبالنظر بعناية في مجموعة من السيناريوهات.

وعقب لوند أنه إذا ظلت بنية فاجنر وانخراطها الإقليمي على حالها، وتم نقل قيادتها والسيطرة عليها إلى الحكومة والجيش الروسي فقد لا يكون هناك فرق كبير.

واعتبر أن وحدات فاجنر هي الأكثر نشاطا في ليبيا، لكن هذا الصراع في تراجع منخفض في الوقت الحالي، حتى لو تراجع الوجود الروسي إلى حد ما، فقد لا يهم كثيرًا طالما أنه لا يتبخر تمامًا.

وأوضح أن استخدام الدهاء السياسي قد يكون أمر ضروريا في حال تحول فاجنر من مجموعة شبه عسكرية إلى كيان رسمي تابع للجيش أو الحكومة في موسكو.

وذكر أنه على سبيل المثال في سوريا التي تستضيف قواعد عسكرية روسية، لن يكون تحول فاجنر لمجموعة منضوية تحت قيادة الجيش الروسي

بالضرورة عملية صعبة، على الأقل مقارنة بدول أخرى مثل جمهورية أفريقيا الوسطى أو مالي.

وعقب قائلا “إذا ارتدى مرتزقة فاجنر في سوريا قبعات جديدة وأصبحوا جنودًا روسيين، فما هي المشكلة؟”.

ضربة لنظام الأسد

وقال كاتس إنه على الرغم من الأسد كان محظوظا بنجاح القوات الروسية سواء التابعة للجيش أو عناصر فاجنر في تقليص قدرات خصومه في الداخل، لكن أزمة تمرد المجموعة الأخير أثارت قلق المسؤولين في دمشق.

قال الدكتور كاتس: يجب أن يشعر الأسد بالقلق من أن حاجة بوتين للتركيز على الشؤون الداخلية وقد تؤدي حرب أوكرانيا إلى سحب القوات الروسية من سوريا”.

وأضاف “قد يكون الأسد قلقًا أيضًا من احتمال اندلاع التنافس بين القوات العسكرية الروسية ومقاتلي فاجنر في سوريا، مما يجعلها أقل فعالية.”

في الأيام التي أعقبت تمرد فاجنر الفاشل، توجهت القوات العسكرية الروسية إلى القواعد والمنشآت السورية لاعتقال بعض قادة فاجنر، مما قلل من نفوذ قوة المرتزقة في سوريا.

وعلق صموئيل راماني، زميل مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، قائلا “هذه ضربة كبيرة لنظام الأسد لأن نظام الأسد أقام شراكات مباشرة مع فاحنر من حيث الترتيبات الأمنية، وقدمت فاجنر مساعدات تدريبية لوجستية وتكتيكية وعسكرية حيوية لسنوات عديدة”

وتابع أنه من المهم أيضًا أن نتذكر أن الاشتباك الأصلي بين قائد فاجنر بريغوجين ووزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو كان في سوريا، مشيرا إلي أن ذلك كان بسبب رغبة مجموعة فاجنر في تجاوز رأس شويغو والتعامل مباشرة مع الأسد.

وعقب: أعتقد أن أي نوع من الاضطراب، أو أي نوع من الاقتتال الداخلي بين فاجنر ووزارة الدفاع الروسية سيكون غير مريح للأسد.

وتابع أنه من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى اعتماد الأسد على شركائه العرب الجدد ، وكذلك على إيران، لذا بشكل عام ، أعتقد أنه يقلل من النفوذ الروسي في سوريا.

في ظل الظروف الحالية، قد تنتهز تركيا الفرص لاتخاذ إجراءات في سوريا يمكن أن تؤجج التوترات بين دمشق وأنقرة بعد عدة أشهر من الجهود الروسية الهادفة إلى تحقيق مصالحة بين الحكومتين السورية والتركية.

إذا لم تكن موسكو موجودة لمواجهة التدخل العسكري التركي في سوريا، فمن المحتمل أن تلجأ دمشق أكثر إلى الحكومات العربية التي لديها بالفعل تقارب مستمر مع حكومة الأسد.

قال لوند: “أنت ترى دمشق تزيد من انتشارها الإقليمي، وتبتعد عن بعض الأعداء السابقين وتعيد بناء صداقات قديمة.. القيام بذلك منطقي للغاية إذا كنت تعتقد أن روسيا قد تسحب الدعم وتحتاج إلى داعمين جدد لملء الفراغ”.

Share
  • Link copied
المقال التالي