انتهت المشاهد الأخيرة من دستور الجزائر بثلاث مشاهد تُحدد بوضوح المجهول الذي دخلته الجزائر انطلاقا من اليوم.
مشاركة بأقل من 10%
المشهد الأول، صناديق محمولة منذ يومين في جنوب جزائري، يبدو أنه لازال يعيش العصر الحجري بسكان لازالوا في أكواخ قديمة في دولة بترولية. سكان وضعت أمامهم أوراق لايعرفون ماذا يوجد فيها، حملتها صناديق الجيش تطوف بها الجنوب، ولا أحد يعرف أين توضع، ليعلن محمد الشرفي رئيس الهيئة العليا للانتخابات عن نسبة 11 في المائة بعد مشاركة الجنوب في الصناديق المتنقلة، ومن غير الواضح كيف قام محمد الشرفي بعملية احتساب المشاركة، وماهي الطريقة الحسابية التي اتبعها؟
واليوم الأحد فاتح نونبر قاطعت ولايات جزائرية كثيرة الذهاب لصناديق الاقتراع، وخرج بعضها للاحتجاج كما وقع في قسطنطينة التي حملت شعار ”لا لدستور العسكر“، ليتم الإعلان بعد ذلك عن إلغاء التصويت في 63 بلدية من أصل 67 بلدية بدواعي عدم توفر الشروط الأمنية.
والسؤال بعد هذا الوضع، كيف يأتي محمد الشرفي في الخامسة مساء، ويقول إن معدل المشاركة وصل 18 في المائة، والجزائريون في كل المناطق مقاطعون؟ لذلك، تقول تقارير متقاطعة إن معدل المشاركة في دستور الجزائر لم تتجاوز 10 في المائة، ويقدمون حججا على ذلك بالقول إن انتخاب عبدالمجيد تبون الذي كان خارج الجائحة، وكانت فيه حملة انتخابية في كل مناطق الجزائر لمجموعة مرشحين بحضور القايد صالح، ورغم ذلك لم تتجاوز المشاركة 10 في المائة آنذاك، فكيف يمكن أن يتم تجاوز هذه النسبة في ظل مرض رئيس لا أحد يعرف مصيره، ووسط انتشار الجائحة والاحتجاجات في مجموعة من المناطق الجزائرية.
وتعد هذه النسبة مؤشرا كبيرا على ماهو قادم في الجزائر، فبعد إحدى عشر شهرا لم يتغير أي شيء في الجزائر، بل إن المجتمع بات مستعصيا على الدولة العسكرية أكثر مما كان.
دلالة تصويت زوجة تبون بالوكالة
يتساءل الجزائريون في وسائل التواصل الاجتماعي متى أعطى الرئيس تبون لزوجته وكالة للتصويت باسمه؟ وإذا كان تبون قد منح هذه الوكالة، فهل هي قانونية؟ بل إنه إذا كان تبون قادرا على كتابة وكالة لزوجته، وهو في المستشفى بألمانيا، فلماذا لم يخاطب الجزائريين ولو بكلمة واحدة؟
يقول الملاحظون والمتابعون للوضع الجزائري إن آخر زوجة لرئيس جزائري ظهرت في تصويت انتخابي كانت هي زوجة الشاذلي بنجديد، وأن الجيش أخرج زوجة تبون للتصويت لمحاولة استمالة مشاعر الجزائريين في مشهد مرتبك لم يعرف معه الجزائريون هل صوتت زوجة تبون مرة أم مرتين.
وفي جميع الحالات، فخروج زوجة الرئيس كانت لتشتيت الأنظار عن شيء ما قد يكون حدث، فالمعلومات المسربة من الرئاسة تقول إن الرئيس تبون أصيب بجلطة دماغية نتيجة خلافات مع جنرالات الجيش بقيادة الجنرالين شنقريحة ويوسف بوزيت.
الجنرال شنقريحة ببدلة مدنية: إعلان عن تسلم الرئاسة محل تبون
لم يسبق لجنرال من جنرالات الجيش الجزائري أن حضر لمكاتب التصويت على الدستور ببدلة مدنية، وحضور الجنرال شنقريحة اليوم إلى مكتب للتصويت ببدلة مدنية له معنى سياسي يدل على أن الجنرال شنقريحة يتسلم رئاسة الدولة بطريقة مباشرة، وأن التخوفات التي كانت للعديد من الدستوريين بكون الدستور الجديد يؤسس بوضوح لحكم ودولة الجيش كان صحيحا، فالجنرال شنقريحة نزع لباسا عسكريا وخرج على الجزائريين بلباس مدني ليعلن أنه الرئيس الجديد، حتى ولو عاد للباسه العسكري في الأيام المقبلة.
والتفسير هنا، لهذه الرئاسة الجديدة بقيادة شنقريحة ينطلق من أن جنرالات الجزائر عادوا إلى ”منهجية الحكم ببوتفليقة المريض ”، فالمعلومات المسربة لحد الآن تجعل مصير تبون غامضاً، وعاد الجنرالات إلى كتابة الرسائل في الثكنات ونَسبِها لرئيس الدولة، كما كان الحال أيام بوتفليقة، حيث إن أول رسالة ألقيت على الجزائريين اليوم منسوبة لتبون مؤشر على بداية وضعية مشابهة بحكم الجزائريين برئيس مريض مثل بوتفليقة، الذي استمرت التوقيعات والتعيينات بل تم تعديل دستور باسمه، وهو مجهول المصير منذ سنة 2013 إلى اليوم.
مؤشرات صعبة تدل على أن الجزائر دخلت مرحلة أصعب من العشرية السوداء، التي انطلقت بانقلاب الجيش على انتخابات بداية التسعينيات، وستكون المرحلة السوداء الجديدة بتمرير الجيش لدستور بنسبة أقل من 10 في المائة من الجزائريين، أغلبهم من الجيش، لقد بدأت الجزائر حربا داخلية طويلة بين الدولة العسكرية التي لاتريد أن تموت والدولة المدنية الناشئة التي تريد أن تولد.
*رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني
الرﺉيس شنقريحة”الإنقلابي”الذي ارسل القايد صالح لزيارة الآخرة و اتبعه تبون المريض الميت ، يؤسس لألجيري جديدة بعقلية قديمة في طريقها إلى إستقلال القبايل و الطوارق و الميزابيين و غيرهم …فعدم خروج كل الألجيريين لإنجاز الدولة المدنية كما صاحوا بذلك مدة عام ، فكك مكونات البلاد الغير منسجمة ما سيدفع إلى مطالبات سيدعمها من يدعمها لبلقنة أو سودنة البلاد