Share
  • Link copied

هذه هي الدولة التي ستكون أكثر جاذبية بعد نهاية “كورونا”

ما الدولة التي ستصبح قبلة للباحثين عن فرص للعمل والتعليم ونمط حياة أفضل بعد زوال جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) التي بالكاد لم تسلم منه أمة من الأمم اليوم؟

سؤال كانت الإجابة عنه محور مقال مجلة فورين أفيرز (Foreign Affairs) الأميركية للكاتبة غراسيا ليو فرير أستاذة علم الاجتماع بجامعة واسيدا في طوكيو باليابان.

تقول غراسيا فرير إن البشر سيعاودون التنقل بين أقطار العالم ما إن تضع الجائحة أوزارها بحثا عن العمل والتعليم ومستوى معيشة أفضل، إلا أن وجهاتهم هذه المرة قد تتغير إلى الأبد.

فالحياة في بعض الدول -بما فيها الولايات المتحدة- ستصبح على ما يبدو أقل جاذبية عما كانت عليه قبل اندلاع جائحة “كوفيد-19”.

وترجع ذلك إلى أن طبيعة الأزمة الراهنة قد تدفع المهاجرين المحتملين نحو دول ينشدون فيها الأمان والاستقرار، وتتيح لهم إمكانية الحفاظ على روابطهم الأسرية.

وبنظر الكاتبة، فإن الولايات المتحدة -التي تسببت استجابتها للجائحة في تعريض البلاد للفوضى والانقسام- أضحت في وضع يجعلها تخسر المهاجرين، في حين ستجتذبهم دول أخرى إذ سيضفون عليها تنوعا وحيوية ومواهب جديدة.

على أن قلة من الدول ستكون أكثر استفادة من اليابان التي تتمتع بأمان نسبي واستقرار وبطالة أقل رغم أنها لا تزال بحاجة لمزيد من العمالة.

ثم إن اليابان لديها جامعات “ممتازة” بإمكانها استقطاب الطلاب الذين لم يعودوا راغبين الآن في المخاطرة بالدراسة في مؤسسات تعليمية باهظة التكاليف بالغرب، على حد تعبير غراسيا فرير.

وتمضي الكاتبة في تعديد مآثر اليابان فتقول إنها دولة ظلت تعيش في تجانس منذ زمن بعيد، وستصبح بعد زوال الجائحة على الأرجح أكثر تنوعا وارتباطا بالعالم.

ولعل هذا التحول يبدو ضروريا إذا أرادت اليابان أن تبقى قوة ذات شأن في الساحة الدولية، كما أن هذا من شأنه أن يعيد صياغة المجتمع الياباني ويشكل تحديا لمفهومه للهوية الوطنية.

وبعكس العديد من الدول الصناعية الغنية الأخرى، فإن عدد المهاجرين في اليابان يعد ضئيلا نسبيا، إذ يشكلون أكثر من 2% بقليل من جملة تعداد السكان البالغ 126 مليون نسمة، وهناك نحو 440 ألفا من المهاجرين أصبحوا مواطنين يابانيين بالتجنس منذ عام 1980.

وعلى النقيض من ذلك، فإن 13% من سكان الولايات المتحدة إما حصلوا على جنسية الدولة أو غير مواطنين. ومع أن اليابان اضطرت إلى فرض مزيد من القيود على الهجرة بسبب أزمة فيروس كورونا، مما قد يوحي بأنها وبهذه التصرفات باتت دولة شديدة العداء للمهاجرين، إلا أنها توشك على التخلص من هذه السمعة.

وفي سبيل ذلك، استحدثت الحكومة في السنوات الأخيرة تصنيفات جديدة لتأشيرات الإقامة، وعمدت إلى تيسير الإجراءات المطبقة حاليا، وذلك من أجل السماح بتوظيف العمال الأجانب وقبول مزيد من الطلاب الدوليين. وقد زاد عدد المقيمين الأجانب في اليابان خلال السنوات الخمس التي سبقت تفشي جائحة كورونا، بمعدل 31%.

وتتمتع اليابان كذلك بمزايا تتيح لها على الأرجح جذب مزيد من المهاجرين بعد انقشاع “كوفيد-19”. ومن تلك السمات توفر فرص عمل جيدة، وإمكانية لتلقي تعليم عالٍ برسوم معقولة نسبيا، وبيئة اجتماعية آمنة ومنظمة.

وعلى الرغم من الكساد الاقتصادي الذي يشل العالم مع ارتفاع معدلات البطالة، فإن سوق العمل في اليابان لا تزال قوية. فنسب البطالة في نهاية مايو/أيار الماضي بلغت 2.9%، ومعدل الوظائف الشاغرة 1.2%، ما يعني أن هناك 1.2 وظيفة متاحة لكل طالب عمل.

على أن ارتفاع نسب التوظيف يشي في حقيقة الأمر بوجود مشكلة جوهرية وهي أن ثمة أزمة ديمغرافية (سكانية) تسببت في نقص حاد بالعمالة في اليابان، فقد بدأ تعداد السكان البلاد بالتقلص في عام 2005، وواصل العدد تراجعه باطراد منذ 2011. كما القوة العاملة تنكمش بوتيرة أسرع من تناقص إجمالي عدد السكان.

ومع أن جائحة كورونا قد تؤدي إلى ركود اقتصادي خلال سنوات عديدة مقبلة، فإن ذلك لن يخفف من مشكلة نقص العمالة على المدى الطويل، وستظل اليابان بحاجة إلى مهاجرين ذوي مهارات عالية ومتدنية على حد سواء، لسد الفجوة في القوة العاملة، مما سيستقطب عمالة من الصين ودول جنوب شرق آسيا المجاورة.

وتمضي الكاتبة في مقالها إلى التنويه بأن اليابان استطاعت جذب طلاب من الخارج منذ ثمانينيات القرن المنصرم، لكن هيمنة الإنجليزية كلغة للتدريس مال لصالح الجامعات في أوروبا وأميركا الشمالية، بيد أن فيروس كورونا قد يعيق هذا التوجه.

وتتكهن غراسيا بأن تتسبب سياسات الهجرة التي تنتهجها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحربها التجارية مع بكين بتناقص أعداد الطلاب الصينيين الذين يدرسون بالجامعات الأميركية.

وإلى جانب ذلك، فقد تحول جائحة “كوفيد-19” دون توجه مزيد من الطلبة الصينيين نحو الغرب بعد أن بات أولياء الأمور لا يرغبون في دفع رسوم تعليم عالية.

ثم إن سلسلة الهجمات المناهضة للآسيويين في الولايات المتحدة ودول غربية أخرى أقضّت مضاجع أولئك الطلاب.

وتختم الكاتبة بأن اليابان -وفي تلك الأحوال- توفر بديلا مقنعا للطلاب القادمين من الصين والدول الآسيوية الأخرى، ذلك أن رسوم التعليم فيها تمثل جزءا ضئيلا من تلك التي تفرضها المؤسسات التعليمية في الولايات المتحدة وبريطانيا.

Share
  • Link copied
المقال التالي