بعد المصالحة المزعومة، وعودة المياه الى مجاريها، حسب قول الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، هذا الحزب الذي شهد مخاضا قويا في الآونة الاخيرة بعد بروز تيار معارض لسياسة بنشماش يتزعّمه عبد اللطيف وهبي وسمير كودار بدعم من بعض أعيان الحزب وقواعده، وجّه عبد الحكيم بنشماش، مجموعة من الرسائل المبطنة في كلمته التي ألقاها أمام مؤتمري حزبه ضمن اشغال المؤتمر الوطني الرابع للحزب الذي تجري أطواره في مدينة الجديدة، ورصدنا خمس رسائل أساسية هي:
الرسالة الاولى .. “العلاقات الخارجية “
بدأ بنشماش كلمته بتوجيه الشكر والترحيب بـ”من يتكئ عليهم في علاقته مع الدولة وأعيان الحزب” فقد أظهر المتحدث بصيغة مبطنة طبيعة علاقاته مع بعض زعماء الدول التي ظلّت تشكل عائقا أمام قضية الوحدة الترابية، حيث سبّق في ترحيبه، ضيوف الحزب من فلسطين وأمريكا اللاتينية ودول افريقيا الوسطى، هذه المناطق أين تخضع للمدّ اليساري الشيوعي الذي بقي حجرة عثرة في وجه قضية الصحراء المغربية.
وكان للحزب دور في زحزحة المواقع الجامدة تجاه القضية الوطنية، اذ استطاع بعض قيادات البام بما فيهم بنشماش، ازاحة اللبس عن قضية الوحدة الترابية في اذهانهم عبر مجموعة من اللقاءات التي عقدت في المغرب والدول المعنية الهادفة الى خلق قنوات للتواصل بين الرباط وعواصم الدول المعروفة بـ”عدائها للوحدة الترابية”.
الرسالة الثانية .. قيم لا تتجزأ
ولم يخلو خطاب بنشماش من تلميحات ورسائل نقدية، لخطاب عبد اللطيف وهبي، المرشح الأوفر لقيادة حزب الجرّار في المرحلة القادمة، هذا الاخير الذي يطالب بفتح حوار مع حزب العدالة والتنمية معتبرا أنه من مكوّن اساسي في المشهد السياسي المغربي، وهو ما يرفضه الامين العام، الذي يعتبر ان قيم الحزب تأسس لخصومة تاريخية وسياسية مع جميع الاحزاب التي تدخل في خانة “الاسلام السياسي” .
وركّز المتحدث نفسه، عن ما اعتبره “تحريفا في قيم الحزب” مشيرا اساسا الى خطاب ودعوات تيار المستقبل وعبد اللطيف وهبي، معبرّا على ان “قيم الحزب التي لا تقبل تحريفا ولا تبديلا ولا مقايضة” كما زاد في تفصيل رسالته بقوله ان القيم التي يتحدث عنها هي قيم المجتمع الحداثي الديمقراطي المتقدمن ليجدد دعوته مرة اخرى لتفعيل الخطوات الخمس اللازمة لاحياء الحزب واخراجه من عنق الزجاجة مركزا اساسا على محاربة الاسلام السياسي والقوى الشعبوية .
الرسالة الثالثة .. في حاجة لماذا؟
دعا بنشماش الى استكمال ورش التنظيم الحزبي من اجل بناء آداة حزبية قوية قادرة على مواجهة التحديات الحزبية والاجتماعية التي سبق وعرفها بـ”حاجة المغرب الى نموذج تنموي جديد فعّال واعادة احياء التنظيمات السياسية وتحديثها”، والمساهمة في اعادة بناء النسيج الوطني للوساطة الحزبية والمدنية.
كما حاول بنشماش تدارك الوضع ومحاولة توجيه الحزب في آخر يوم من فترة ولايته نحو “المساهمة في بلورة أجوبة على التحدياث والقضايا المفصلية التي يطرحها المجتمع”، وهو ما بدا واضحا ان حزب الاصالة والمعاصرة طيلة الولاية الاخيرة لم يستطع ان يضع يده على هذه الاسئلة ولا ايجاد الاجوبة لها، لكن بنشماش وضع الكرة الحارقة في يد المجموعة الجديدة التي ستتولى قيادة حزب “البام”.
وزاد المصدر نفسه، ان الحزب اليوم عليه المساهمة في البناء التشاركي للبناء التنموي الجديد الذي يريد الامين العام المنتهية ولايته ان يكون دامجا ومستديما، وهو ما يتعلق بالنموذج التنموي الذي اسست له لجنة ملكية مستقلة تشرف على صياغته واعداده .
الرسالة الرابعة .. المقاومة الداخلية
لم يتوانى عبد الحكيم بنشماش، في العودة للوراء من اجل تصفية حساباته السياسية مع معارضيه داخل الحزب، اذ كشف ان كل ما دعا اليه كان من الممكن تطبيقه لو ان الحزب انصهر في تطبيق وصاياه التي نشرها في وثيقة “طريق الانبعاث” المعمّمة من طرف اعضاء الحزب بعد انفجار الوضع الداخلي داخل “البام”.
وأعاز ابن الحسيمة، عدم تفعيل وصاياه الى وجود مقاومة داخلية اعتبر ان “التاريخ سيكشف دواعيها ومراميها وارتباطات فاعليها وآثارها على الحزب” ليضيف ان التاريخ ايضا سيكشف من المستفيد منها داخل الحزب وخارجه، مشيرا إلى وجود علاقة بين عبد اللطيف وهبي وعبد الاله بنكيران، وما يروّجه بعض المحسوبين على “تيار الشرعية” من كون وهبي يخدم اجندة حزب العدالة والتنمية داخل الأصالة والمعاصرة.
الرسالة الخامسة .. مواجهة واضحة
تمنى بنشماش في كلمته امام اعضاء المؤتمر الوطني الرابع، ان يكون كل ما عاشه الحزب من مشاكل تنظيمية جزء من الماضي وصفحة يتم طيّها، وان لا تتم العودة لها الا من خلال عين ناقدة لمسار الحزب من النشأة الى الانقسام من اجل استلهام العبر والدروس .
“لان الكلمة شهادة، ولأن المنصب لا مكان فيه للانتهازية ولا الاستهثار ولا الذاتية، ولا الرؤى القصيرة النظرة فإني اود أن اوصيكم بأن تثقوا في أنفسكم” بهذه الكلمات وجد بنشماش نفسه في مواجهة مع تيارعبد اللطيف وهبي قبل ان يضيف في اعلانه لموقفه الرافض لتقلّد هذا الاخيرة لمنصب الامانة العامة “حاشا ان يكون مناضلونا وأمناؤنا العامون السابقين نصابين أو مخادعين للدولة “.
زاد المتحدث من حدّة خطابه وتفاعله الشديد اللهجة مع تصريحات وهبي، ليقول موجها كلامه للمؤتمرين “ثقوا في علّة وجود حزبكم” التي هي حسب ادبيات الحزب مواجهة الاسلام السياسي والدعوة للحداثة، كما اعتبر ان دعوات المصالحة مع الاحزاب الاسلامية “مدا أسودا” وصل للبيت الحزبي للأصالة والمعاصرة، وهو ما يفتح باب المواجهة المكشوف مع عبد اللطيف وهبي وتياره الذي يدعو لفتح الحوار ع هذا التيار .
تعليقات الزوار ( 0 )