علاوة على تسريبات وتلميحات إسرائيلية، نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن ثلاثة قادة عسكريين إسرائيليين، قولهم إن الحملة البرية الواسعة التي تحدث عنها الناطق بلسان جيش الاحتلال ستبدأ قريبا بهدف السيطرة على قطاع غزة، وتدمير حركة حماس.
وكان الناطق العسكري الإسرائيلي، قال أمس السبت، إن قوات الاحتلال تستعد للقيام بتنفيذ عدة مخططّات عملياتية من الجو والبحر والبر.
وقال القادة العسكريون الإسرائيليون الثلاثة محجوبو الهوية، لمراسل نيويورك تايمز” و”يديعوت أحرونوت” رونين بيرغمان، إن عشرات آلاف الجنود سيشاركون في العملية البرية من أجل القضاء على حماس دون تحديد الأهداف العينية في إطار هذه الحملة، وهل المقصود احتلال القطاع، مثلما أنه من غير الواضح بدقة ما المقصود بـ”تدمير قيادة حماس” في مدينة غزة.
وتوضح صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الجيش وكذلك المستوى السياسي في إسرائيل قالوا في الأسبوع الفائت، إن هدف الحرب هو تدمير سيطرة حماس سياسيا وعسكريا داخل القطاع، وذلك عقب عملية “طوفان الأقصى” التي قُتل فيها 1300 إسرائيلي وأصيب أكثر من 3000 مستوطن.
وبحسب تقرير “نيويورك تايمز”، فإن الحملة البرية الوشيكة ستكون عملية الاجتياح الأوسع منذ حرب لبنان الثانية عام 2006. كما قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أمس السبت، إن سلاح البر، وقسم الشؤون اللوجستية والتكنولوجية، يعملان الآن على تحضير القوات العسكرية لتوسيع “دائرة القتال”. منوها أنه من أجل هذه الغاية، وفي نطاق التحضيرات اللوجستية، تمت إقامة مراكز لوجستية متقدّمة بهدف تمكين المقاتلين من التزوّد بسرعة وبما يتلائم مع احتياجاتهم.
كما ذكر أنه في الأيام الأخيرة، تم نقل المعدات اللازمة للقتال إلى جبهة الجنوب، فيما تعمل القوات اللوجستية والتكنولوجية في هذه الساعات على استكمال أهلية وصلاحية العتاد والأجهزة القتالية من خلال توفير أدوات حربية متطورة وفق احتياجات الجيش.
وأشار المصدر الإسرائيلي، إلى أن الجيش استدعى نحو 350 ألف جندي في الاحتياط ينتشرون في الجنوب والشمال وفي كل أنحاء البلاد، ومستعدة لرفع الجاهزية نحو مراحل تالية من الحرب بالتشديد على عملية الاجتياح البري.
ووفق “نيويورك تايمز” فإن الجيش يدفع نحو القيام بمناورة برية واسعة النطاق ومكثّفة داخل قطاع غزة بهدف الإجهاز على حركة حماس حتى بالأثمان المترتبة على ذلك. وبالتزامن، يعمل على تزويد قواته بسترات واقية بعضها ما زال غير متوفّر وبعضها غير صالح، ومن شأنه إثقال حركة الجندي وتعريضه للمزيد من المخاطر.
تحذير ملموس
بالتزامن ورغم الحرب والدعوات لتأجيل الانتقادات الداخلية، تواصل جهات إسرائيلية مهاجمة حكومة نتنياهو واتهامها بالفشل الذريع وتدعوها للرحيل فور انتهاء الحرب، خاصة بعدما تكشّف أنها والقيادة العسكرية قد تلقت إنذارات باحتمال وقوع هجوم قبيل ساعات من الشروع به، لكن المستويين العسكري والسياسي أخطأوا التقدير واعتبروا ذلك مجرد مناورة من حماس.
واعترف مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، خلال مؤتمر صحافي أمس، بوقوع “أخطاء” في التقييمات قبيل الهجوم يوم السبت الماضي، في حين نفى أن تكون إسرائيل قد تلقت “تحذيرا ملموسا” حتى من مصر.
وفي أول اعتراف لمسؤول حكومي بالفشل، تابع هنغبي في هذا المضمار: “ظننا فعلا أن حماس استخلصت العبر من الحرب السابقة، وتبين أننا واهمون”. ورفض هنغبي أي مفاوضات تؤدي إلى اتفاق لتبادل أسرى مع حماس، واعترف أن عدد الأسرى الإسرائيليين يبلغ حوالي 200، في حين قال المتحدث باسم جيش الإسرائيلي، دانيال هغاري، أنه تم إبلاغ أُسر 126 شخصا بأنهم وقعوا بالأسر في غزة.
تحذيرات إسرائيلية من الاجتياح
في المقابل، ووسط دعوات انفعالية لاجتياح غزة وتدمير المقاومة ومسح غزة بالأرض، تحذّر بعض الجهات الإسرائيلية من عدم وضوح سلة الأهداف الحربية، وكذلك من مغبة الاجتياح والتورط بحرب داخل مناطق سكنية مكتظة، ومن حرب عصابات تستنزف إسرائيل.
وذهب رئيس حكومة الاحتلال السابق نفتالي بينيت إلى حد التحذير من الوقوع في مصيدة، بموجبها ينضم حزب الله للقتال في الجبهة الشمالية بعدما تتورط القوات الإسرائيلية داخل القطاع وتُستنزف فيه.
وحذّر رئيس الموساد الأسبق يوسي كوهين من التوغل البري في قطاع غزة؛ لأنه يستلزم عمليات واسعة ومعقدة وخطيرة استخباراتيا وعملياتيا. وقال كوهين أيضا إنه لا يرى ضرورة لـ”الالتفات إلى مسألة الحصار”، مؤكدا أنه بصفته الرئيس السابق للموساد، يبذل جهودا دولية ودبلوماسية لتوسيع “النافذة الزمنية” التي حصلت عليها سلطات الاحتلال من القوى الغربية والدولية، لمواصلة هجماتها العنيفة على غزة.
وفي هذا المضمار، كشف مسؤول إسرائيلي، النقاب عن أن إيران تسعى لفتح جبهة ثانية ضد إسرائيل من سوريا بواسطة نشر أسلحة هناك. ونقلت وكالة “رويترز” عن المسؤول قوله إن إسرائيل ستتصدى لذلك.
رسائل أمريكية
في المقابل، تقول مصادر أمريكية إن إدارة بايدن تحاول الدفع بإسرائيل نحو إرجاء عمليتها البرّية كي يكون من الممكن تأمين ممر آمن للفلسطينيين داخل القطاع.
وتنقل صحيفة “معاريف” عن شبكة “فوكس نيوز” التي تعتمد على ثلاثة مصادر أمريكية، قولها إن ذلك يتطابق مع رسائل سابقة من الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لـ”الانصياع لقوانين الصراع”.
وفي الليلة الفائتة، تحدث رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكي جو بايدن للمرة الخامسة منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”.
وبحسب الإذاعة العبرية العامة، ناقش الطرفان المساعدات العسكرية وتحدث بايدن مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي قال إنه يجب على الطرفين وقف القتال واحترام القانون الدولي الخاص بالشأن الإنساني.
كما القى الرئيس الأمريكي خطابا أمام جمعية حقوق الإنسان، وتطرق أيضا إلى الوضع في إسرائيل التي يتضامن معها بمواقف صهيونية فاجئت حتى إسرائيل نفسها، وقال: “شهدنا أبشع مجزرة بحق اليهود منذ الهولوكوست”. متهما حماس باستخدام عائلات فلسطينية دروعا بشرية.
وقاطعت سيدة من الحضور خطاب بايدن بهتافات مناصرة للفلسطينيين، وتم إخراجها من القاعة.
(القدس العربي)
تعليقات الزوار ( 0 )