Share
  • Link copied

نحّوا الخلاف السياسي جانباً.. هكذا تضامن الجزائريون مع “طفل البئر” رغم الأزمة الحالية

منذ يومين وقصة الطفل المغربي ريان الذي سقط في بئر عميقة بمنزله وما زال بداخلها محل اهتمام وسائل الإعلام العالمية، لكونها قصة إنسانية محزنة دفعت الملايين للتعاطف معها.

الجزائريون لم يكونوا بعيداً عن هذا الحادث وتضامنوا بشكل كبير مع الحادث رغم التوتر السياسي الحاصل حالياً بين البلدين بسبب خلافات كثيرة.

وأبدى آلاف الجزائريين تضامناً كبيراً مع قصة ريان التي ذكرتهم  بواقعة عياش محجوبي الذي لقي مصرعه قبل نحو 3 سنوات في محافظة المسيلة جنوب شرقي البلاد.

ومنذ الثلاثاء، تواصل السلطات المغربية جهود إنقاذ الطفل ريان (5 سنوات)، العالق في بئر بعمق 32 متراً منذ ظهر ذلك اليوم، بمنطقة تمروت في إقليم شفشاون شمالي المملكة.

الطفل ريان المغرب
صورة متداولة للطفل داخل البئر/ مواقع التواصل

وأعلنت الحكومة المغربية، الخميس، وضع 3 سيناريوهات لإنقاذ الطفل ريان، يتمثل الأول في توسيع البئر، والثاني إنزال رجال الإنقاذ والذي جرى بالفعل، ولكن دون جدوى بسبب اصطدامهم بعوائق، بينما يتمثل السيناريو الثالث في الحفر الموازي للبئر للوصول إلى الطفل عبر منفذ.

وتستعمل السلطات 5 جرافات لحفر بئر موازية، في وقت تستمر فيه محاولات نزول رجال الإنقاذ، لكن القطر الصغير للبئر (لا يتعدى 45 سنتيمتراً) حال دون ذلك.

وتفاعل نشطاء بمنصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام مع الطفل، فيما أظهرت كاميرا تم إيصالها إلى الطفل أنه ما يزال على قيد الحياة، في وقت يتم إمداده بالأكسجين لإبقائه حياً.

 تضامن شعبي واسع

وعبّر مئات الجزائريين بينهم صحفيون ونشطاء عن تضامنهم مع الطفل ريان وعائلته من خلال تدوينات وتغريدات على المنصات الاجتماعية وخصوصاً فيسبوك وتويتر، وجرى مشاركة الأخبار الواردة من المغرب بشأن “طفل البئر” على نطاق واسع.

وقال موقع “الشروق أونلاين” الجزائري (خاص) إن جزائريين كثر تضامنوا مع الطفل ريان المغربي، بعد أن ذكرتهم الحادثة بالشاب محجوبي الذي توفي قبل سنوات بولاية المسيلة جنوب شرقي البلاد.

وعلّق الصحفي الجزائري إيدير دحماني، عبر صفحته على فيسبوك بالقول: “قلوبنا في المغرب مع الطفل ريان الذي لا يزال عالقا داخل بئر في حين تتواصل عمليات الحفر لإخراجه”.

فيما نشر الصحفي الجزائري المقيم بالخليج العربي، سامي قاسمي، تدوينة على فيسبوك قائلاً: “عندما ترى تعاطف الجزائريين مع قصة الطفل ريان المغربي، تدرك أن رباط الشعوب أقوى من مناكفات النخب السياسية وفجورها عند الخصومة.. اللهم نجّ ريان ورده إلى أهله سالماً”.

ونشر الناشط هشام ديما، صورة عبر صفحته على فيسبوك تضمنت خريطة الجزائر وعليها اسم ريان في مختلف ولايات البلاد.

وعلق بالقول: “تضامن جزائري كبير مع الطفل المغربي ريان.. مواقع التواصل الاجتماعي كلها تدعو لسلامته.. 44 مليون جزائري يرددون يا رب أخرجه سالماً”.

 استحضار حادثة الشاب عياش في 2018

وربط الكثير من الجزائريين – خصوصاً على المنصات الاجتماعية – بين حادثة الطفل المغربي ريان، والشاب الجزائري عياش الذي توفي سنة 2018 داخل بئر بولاية المسيلة جنوب شرقي الجزائر.

ونشرت تدوينات تتحدث عن قصة الشاب عياش بولاية المسيلة التي تكررت في المغرب مع الطفل ريان.

وانتشلت جثة الشاب عياش محجوبي من على عمق 30 متراً داخل بئر ارتوازية سقط بداخلها لمدة 9 أيام، نهاية ديسمبر 2018.

وتضامن الجزائريون حينها بشكل منقطع النظير مع الشاب عياش محجوبي، وتحولت قصته إلى قضية رأي عام شغلت البلاد، وجلبت متضامنين من عدة محافظات، ومتطوعين بآليات للحفر، في حين قضى متضامنون لياليهم قرب البئر رغم البرد الشديد.

في الجزائر آبار تصنع أبطالا: قصة الشاب عياش محجوبي | محمد مرواني | السفير  العربي

ووجه رواد المنصات الاجتماعية حينها انتقادات لاذعة للسلطات الجزائرية، وقالوا إنها تأخرت في إرسال الدعم لإنقاذ حياة محجوبي، كما اندلعت احتجاجات شعبية في بلدة الضحية، تعرض خلالها وفد حكومي للرشق بالحجارة، ومنع من الوصول إلى الحفرة التي سقط فيها الضحية.

وتتواصل جهود فرق الإنقاذ لانتشال ريان العالق  في البئر منذ نحو 48 ساعة، في سباق مع الزمن يخطف أنفاس السكان، حيث يسود ترقب وأمل كبيران لإنقاذه في أقرب وقت، وكشف مصدر مغربي مسؤول مشارك في عمليات الإنقاذ أن 3 أمتار تفصل فرق الإنقاذ للوصول إلى مكان تواجد الطفل.

 وكالة الأنباء الفرنسية قالت إن أشغال حفر نفق مواز للبئر يسعى المنقذون للنفاذ منه تقدمت، وهو النفق الذي يأمل المنقذون النفاذ منه للوصول إلى الطفل ريان.

إذ تعمل الفرق على حفر نفق مواز للبئر بهدف الوصول إلى الطفل العالق داخله. كما عزز فريق من المهندسين الطبوغرافيين أطقم الإغاثة التي كثفت مساعيها لحفر نفق مواز للبئر، وفق ما قال مصدر في السلطات المحلية لوكالة فرانس برس.

وتتقدم الأشغال بشكل حثيث لكن بكثير من الحذر لتفادي أي انهيار محتمل للأتربة”، مشيرة إلى الاستعانة بآلة حفر سادسة.

وسقط الصغير البالغ خمس سنوات بشكل عرضي ليل الثلاثاء في بئر جافة يبلغ عمقها 32 متراً لكنّ قطرها ضيق يصعب النزول إليه، في قرية بمنطقة باب برد قرب مدينة شفشاون (شمال)، وفق ما أوضحت وسائل إعلام محلية.

وقال والد الطفل ريان: “في غفلة مني سقط الصغير في البئر التي كنت بصدد حفرها، لم أستطع النوم ليلتها”.

لكن فرق الإنقاذ لم تتمكن من النزول مباشرة إلى البئر التي سقط فيها الطفل “نظراً لضيق قطرها الذي لا يتجاوز 45 متراً”، وفق ما أوضح المسؤول عن العملية عبد الهادي تمراني للقناة التلفزيونية العامة الأولى.

وبدأت العملية صباح الأربعاء “وتمت الاستعانة بخمس آليات تقوم بالحفر بالموازاة مع الثقب المائي”، وفق ما أكد مصدر في السلطات المحلية، مشدداً على أنها “لم تتوقف (…) على أمل إنقاذ الطفل على قيد الحياة”.

من جهته أوضح بايتاس الخميس أن عملية الإغاثة واجهتها صعوبات كثيرة بسبب طبيعة التربة وتجمع المواطنين حول موقع الحادث، داعياً إياهم إلى تسهيل مهمة المنقذين.

الخلاف بين المغرب والجزائر

وكانت الجزائر قد قطعت، في نهاية أغسطس 2021 العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، وقالت إن ذلك “بسبب الأعمال العدائية للمملكة ضدها” بينما اعتبرت الرباط القرار “غير مبرر، وبُني على حجج واهية”. 

وتبدو التوترات مرشحة للتصعيد رغم جهود التهدئة التي تبذلها أطراف عربية وغربية، بدليل إعلان الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية المدنية والعسكرية مؤخراً. 

فما هي التداعيات المحتملة لهذه القطيعة الدبلوماسية على المنطقة المغاربية والعمق الإفريقي؟ وما احتمالات تطورها إلى مواجهة عسكرية؟ وما هي فرص عودة المياه إلى مجاريها؟ 

بدأت تعتمل دوافع وأسباب القطيعة الدبلوماسية بالنسبة للجزائر منذ توقيع معاهدة “إبراهام” في خريف 2020 بين المغرب وإسرائيل إضافة إلى الولايات المتحدة والإمارات والبحرين، وبموجب هذا الاتفاق تعترف واشنطن بـ”مغربية” الصحراء مقابل التطبيع مع إسرائيل. 

وقد أثار هذا الاتفاق حفيظة الجزائر واعتبرته تهديداً أمنياً مباشراً لها، خاصة أن المغرب سجّل في السنوات الأخيرة عدة نقاط على مستوى الدبلوماسية معززاً مكانته على الساحة الدولية، في حين ظلت الجزائر منكفئة على نفسها بسبب مرض الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة وانشغالها لاحقاً بالحراك الشعبي  الذي أطاح بنظامه. 

وارتفع منسوب التوتر أكثر بين البلدين بعد أن كشفت تقارير أن المخابرات المغربية كانت تتجسس عبر برنامج “بيغاسوس” الإسرائيلي على 6 آلاف رقم هاتف جزائري، من بينها هواتف لمسؤولين سياسيين وعسكريين كبار. 

لكن القطرة التي أفاضت الكأس بالنسبة للجزائر كانت مذكرة سفير المغرب بالأمم المتحدة عمر هلال، التي وزعها خلال اجتماع أعضاء منظمة دول عدم الانحياز في يوليو 1413 يعلن فيها دعم بلاده لـ”حق تقرير مصير شعب القبائل” رداً على إثارة وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة لقضية الصحراء.  

ويبدو أن الجزائر لم تستسغ الخطوة المغربية؛ حيث استدعت سفيرها في الرباط للتشاور قبل أن يبلغ التوتر ذروته وتعلن قطع العلاقات مع الرباط في أعقاب تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي الذي أطلق تهديدات ضمنية من المغرب متهماً اياها بلعب أدوار مشبوهة في المنطقة من خلال تقاربها مع إيران والحملة التي قادتها ضد قبول إسرائيل عضواً مراقباً في الاتحاد الإفريقي. 

Share
  • Link copied
المقال التالي