شارك المقال
  • تم النسخ

نحن وابن كيران .. وتاريخ الحركة الإسلامية المفترى عليه (2)

في شريطه الثالث، تحت عنوان ذكريات لا مذكرات، ذكر ابن كيران، أنه وعند انشقاقه عن مطيع وعن حركة الشبيبة الإسلامية، وكيف أنه كان هو القائد والفاعل الرئيسي لهذا الانشقاق والذي تبعه فيه شباب كثيرون، وأنه لم يبق مع مطيع سوى شوقي وعبد اللطيف عدنان وعبد الله لعماري وآخرون مجهولون.

وفي شريطه الخامس، ذكر أيضا أنه وبعد الإفراج عنه ومن كانوا معه من معتقل درب مولاي الشريف، ألقي القبض على أربعة من إخوانه في حركة الجماعة الإسلامية، وهم: العربي ملاحيظ وعبد الله بلكرد وعبد الرحيم ريفلا وعبد الله لعماري، وأنهم اعتقلوا في معتقل درب مولاي الشريف بسبب أمور تافهة، ثم زج بهم في السجن ليقضوا فيه عشر سنوات، بسبب هذه الأمور التافهة.

هكذا يتحدث ابن كيران، رئيس حكومة المغرب الأسبق، يلغي المشاركة الجماعية لرفاقه في أحداث كتب لها أن تحول مسار الحركة الإسلامية، فلا يذكر أسماءهم، ويبقي على نفسه وحده بصفته الصدر الأعظم.

ثم يلصق بواحد من صناع هذا التحول من حركة  الشبيبة الإسلامية إلى حركة الجماعة الإسلامية، وهو عبدالله لعماري، يلصق به صفة ووصمة بقائه مع عبدالكريم مطيع، وهو يتعمد هذا التضليل أو التزوير، لأنه يعلم علم اليقين، وقد شهد عن قرب، المراحل جميعها التي عبرها عبد الله لعماري، منذ سنة 1981، وهو يسهم رفقة إخوانه في تأسيس الجماعة الإسلامية، ومن موقع قيادي، تسبب له في اعتقاله سنة 1981، ثم اعتقاله سنة 1982، ثم اعتقاله سنة 1983، ثم الزج به في السجون لمدة عشر سنوات، يعرف جيدا ابن كيران  أسباب ذلك وملابساته وأسراره، كما سوف نبينه، لأنه كان في صلب هذه الملابسات، وكان هذا الاعتقال في صلب ترتيب الأوضاع في حركة الجماعة الإسلامية.

وابن كيران كان يعرف جيدا أين كان موقع عبد الله لعماري ورفاقه الذين قضوا معه عشر سنوات سجنا، ملاحيظ وريفلا وبلكرد، وهم كانوا قياديين في تنظيمات الجماعة الإسلامية، وقد شهد بذلك في شريطه الخامس، بما يدحض ما سبق أن قاله في شريطه الثالث.

في يوليوز من سنة 1984، وقع حدث من أهم أحداث التاريخ السياسي للمغرب المستقل، في ما تجلى في أول محاكمة سياسية للحركة الإسلامية منذ نشأتها، في ما عرف حقوقيا وسياسيا وإعلاميا بمحاكمة المجموعة 71، والتي انتهت بأحكام الإعدام والسجن المؤبد والمدد السجنية الطويلة، وأدينت فيها المجموعة بأثقل التهم جنائيا، من المؤامرة على النظام الملكي، إلى المس بأمن الدولة، إلى تحريض الناس على الثورة وحمل السلاح ضد السلطة القائمة، وقد همت هذه التهم أربع تنظيمات إسلامية ذات عناوين ثورية.

غير أن إقحامنا نحن أبناء الجماعة الإسلامية، في هذه المحاكمة، بالرغم من خلو واقعنا من هذه التهم، كانت له خلفية سياسية وأمنية أخرى، تستهدف تحويل المركز القيادي والثقل التنظيمي من الدار البيضاء إلى الرباط، وقد كان، مما يعرف ظروفه جيدا ابن كيران.

وقد كانت محاكمة يوليوز 1984، أهم محطة في تاريخ الحركة الإسلامية بالمغرب، لأن النظام السياسي في البلاد، فصل فيها بين عهدين، عهد السبعينيات حيث كان التغاضي المقصود عن واقع التنظيمات الإسلامية، وعهد الثمانينيات حيث أصبح لازما إدماج التنظيمات الإسلامية في المنظومة العامة للولاء للقانون والدولة والنظام، وإنهاء التسيب والتمرد على الدولة، واجتثات الفكر الثوري ضد الحكم.

وقد كانت المحاكمة محطة استراتيجية، تستحق الوقوف عندها بأطروحات دراسية معمقة، لأنها هي التي وظفت في التمهيد لبروز العهد السياسي للحركة الإسلامية، ومن ثم إفراز العوامل السياسية لولادة حزب العدالة والتنمية.

غير أن بنكيران يصرف النظر عن الأهمية الإستراتيجية لهذه المحطة، ويروج التحقير من شأن وقائعها، ويدوس عليها، بوصفها بالاعتقال من أجل أمور تافهة، في عملية بئيسة لتسطيح الوعي لدى الإسلاميين الأتباع، وتطويق كل محاولة للانعتاق من أسار حديث الأحاجي الذي يمجد الأبوية والإكليروسية، ويصرع المريد الهزيل في انبطاح أمام عنجهية الشيخ المنتفخ.

يتبع… 

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي