قال موقع ”19FortyFive” الأمريكي المتخصص في السياسة والدفاع وقضايا الأمن القومي، إن حل قضية الصحراء الغربية المغربية تمثل فرصة ذهبية لإدارة ترامب لإحداث تحول استراتيجي في المنطقة.
وأوضح الموقع الأمريكي، أنه باتخاذ موقف حازم وداعم للمغرب، يمكن للإدارة الأمريكية أن تعزز نفوذها في شمال إفريقيا، وتحصد مكاسب دبلوماسية كبيرة، حيث إن هذا النجاح من شأنه أن يعزز موقف الولايات المتحدة في ملفات إقليمية ساخنة أخرى، مثل أوكرانيا وإيران.
واستنادا إلى المصادر ذاتها، فيمكن للولايات المتحدة، بناءً على مبدأ “السلام من خلال القوة” الذي أدى إلى اتفاقيات إبراهيم، أن تحول الديناميكيات الإقليمية بشكل إيجابي، أو أن يخلق التوافق غير المسبوق بين فرنسا وإسبانيا وربما موريتانيا الظروف لحل نهائي.
حل نزاع الصحراء يؤمن ثلاث مصالح حيوية للولايات المتحدة
واعتبر التقرير، أن حل هذا الصراع من شأنه أن يؤمن ثلاث مصالح حيوية للولايات المتحدة، منها منع الصين من توسيع نفوذها بشكل أكبر في ممر حيوي استراتيجيًا بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.
وإظهار قدرة أمريكا المستمرة على تشكيل النتائج في المناطق المتنازع عليها، ثم تعزيز العلاقات مع الشركاء الموثوق بهم مع صياغة تحالفات استراتيجية جديدة في وقت من عدم الاستقرار الإقليمي المتزايد.
وأضاف التقرير أن الفشل في التصرف بحزم من شأنه أن يخاطر بالتنازل عن المبادرة الاستراتيجية لبكين، التي قد تؤدي شراكاتها الصناعية والأمنية المتعمقة في شمال إفريقيا إلى إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية حتمًا.
وزاد، أن صراع الصحراء الغربية المغربية، الذي يقترب من عقده الخامس، يقف عند مفترق طرق حرج، حيث إن الأطر الدبلوماسية التقليدية، المصممة لعصر مختلف، تعيق الآن الحل بدلاً من تسهيله، ويقدم المشهد الدبلوماسي المتغير فرصًا غير مسبوقة للعمل الحاسم.
ويرى الموقع الأمريكي، أن اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية في إطار عملية اتفاقيات إبراهيم، التي شهدت إقامة المغرب علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، قد غير بشكل أساسي معايير الحل.
وفي حين تضمنت الاتفاقية تعهدًا أمريكيًا بفتح قنصلية في الداخلة – وهو التزام لم تفي به إدارة بايدن – فإن تحالف فرنسا اللاحق مع هذا الموقف يخلق إجماعًا تاريخيًا بين أعضاء مجلس الأمن الرئيسيين، مما يعزز الأساس للسلام الدائم.
وذكر التقرير، أن تأمين هذا الفوز الدبلوماسي في وقت مبكر من الإدارة من شأنه أن يثبت فعالية استراتيجية متجددة مع إرساء الأساس لمعالجة التحديات الإقليمية الأكثر صعوبة.
وبحسبه، فإن قرار الصحراء المغربية، الذي يبني على أطر السياسات القائمة، يقدم انتصارًا يمكن تحقيقه ويمكن أن يولد زخمًا لمبادرات إقليمية أوسع نطاقًا.
فشل دور الأمم المتحدة
كما أن هذا الإجماع الدولي المعزز حول خطة الحكم الذاتي المغربية كأساس وحيد للحل يتناقض بشكل صارخ مع الفشل الواضح للنهج الذي تقوده الأمم المتحدة والذي يركز على خيارات وهمية مثل التقسيم.
وأضاف، أن اللحظة الحالية مهمة بشكل خاص بسبب التوافق الإقليمي غير المسبوق على الطريق إلى الأمام. ولأول مرة، اجتمع أصحاب المصلحة الرئيسيون ذوو القرب التاريخي والجغرافي من الصراع – فرنسا وإسبانيا – في دعمهم لخطة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الحل الأكثر واقعية وعملية.
ويمكن أن يمتد هذا التوافق إلى موريتانيا، التي تحافظ على علاقات قوية مع فرنسا وتقف كواحدة من أكثر حلفاء الغرب الإقليميين موثوقية، في حين تحقق توازنًا دقيقًا بين المغرب والجزائر، حيث إن التقارب بين هذه الجهات الفاعلة الحاسمة، ولكل منها روابط تاريخية عميقة ومصالح مباشرة في الاستقرار الإقليمي، يخلق نافذة فريدة لتحقيق حل دائم.
كما يتطلب السياق الاستراتيجي اتخاذ إجراءات فورية، وتظل الإمكانات الاستراتيجية والاقتصادية للمنطقة غير مستكشفة إلى حد كبير، بينما تتنافس القوى العالمية مثل روسيا والصين على وضع نفسها في مشاريع البنية التحتية التحويلية في المغرب، بما في ذلك في الصحراء، ويضيف النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة مع وجود نقاط اتصال بين وكلاء طهران وجبهة البوليساريو طبقة أخرى من التعقيد.
وقد أبدت بكين، على وجه الخصوص، اهتمامًا كبيرًا بميناء الداخلة في المياه العميقة، والاتصالات السككية الاستراتيجية، ومبادرات التنمية الأوسع في المغرب بما في ذلك البنية التحتية لشبكة الجيل الخامس ومشاريع كأس العالم الطموحة لعام 2030.
ويهدد النفوذ الاقتصادي الصيني المتزايد في المغرب المصالح الغربية، ويطالب بتوجيه استراتيجي واضح من الولايات المتحدة.
ويمكن للإدارة القادمة أن تبدأ انتقالًا مُدارًا من الآليات المتعددة الأطراف الفاشلة إلى التركيز على الأطر الثنائية، ويبدأ هذا بالتخلص التدريجي من تفويض بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء – وهي بقايا باهظة الثمن وغير فعالة من التفاؤل المتعدد الأطراف القصير في فترة ما بعد الحرب الباردة.
كما أن استمرار وجود البعثة يديم الافتراضات القديمة حول الإطار المحتمل لحل الصراع، مما يستهلك الموارد الأميركية الموجهة بشكل أفضل نحو التنمية الاقتصادية والتعاون الأمني، علاوة على أن استبدال المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية بالجهود الدبلوماسية الأميركية من شأنه أن يبسط آليات حل الصراع ويوفق بينها وبين الحقائق الحالية.
ومن شأن هذا التحول السياسي المباشر أن يسمح بالمشاركة المباشرة بقيادة الولايات المتحدة في حين أن الصين قادرة على إظهار الكفاءة الدبلوماسية في وقت تواجه فيه القيادة الأميركية انتكاسات كبيرة في منطقة الساحل وتخضع للاختبار من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط.
دور التنين الصيني
وأوضح التقرير، أن الوجود الصناعي التحويلي لبكين في المغرب والتعاون العسكري الاستراتيجي مع الجزائر يضعها في موضع الوسيط المحتمل الموثوق بين الرباط والجزائر، تمامًا كما فعلت في التوسط في التقارب السعودي الإيراني.
كما أن توقع مثل هذه المبادرة الاستراتيجية الصينية من خلال القيادة الأميركية الحاسمة والاستفادة من التحالفات الإقليمية القائمة يمكن أن يساعد في استعادة موقف أميركا في المنطقة، حيث إن حل نزاع الصحراء يتطلب نهجًا صريحًا تجاه الجزائر ويوازن بين المساءلة والاعتراف بتطلعاتها الإقليمية.
وقال الموقع المذكور، أن المفاوضات المباشرة بقيادة الولايات المتحدة – والتي أثبتت نجاحها في عملية اتفاقيات إبراهيم – يمكن أن تحقق نتائج أكثر واقعية من عقود من المشاركة المتعددة الأطراف المكلفة ولكن العقيمة.
وباعتبارها أكبر دولة في شمال إفريقيا ومنتجًا رائدًا للطاقة، ترى الجزائر نفسها قوة عسكرية إقليمية ذات إمكانات اقتصادية كبيرة، كما يجب على الإدارة القادمة الاعتراف بهذه المكانة مع الضغط من أجل القيادة المسؤولة التي تليق بفاعل إقليمي قوي.
ويمكن للولايات المتحدة أن تساعد الجزائر في معالجة هذه المخاوف من خلال تعزيز المشاركة الثنائية، وأطر التعاون الأمني، والشراكات الاقتصادية التي تعزز الدور الإقليمي المهم للجزائر.
ومع ذلك، يجب أن يأتي هذا الاعتراف مع توقعات واضحة، وباعتبارها قوة إقليمية، تتحمل الجزائر مسؤولية خاصة عن إدامة نزاع الصحراء المغربية ويجب عليها الآن أن تظهر القيادة في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
ودفع النمط المثير للقلق من التعبئة الداخلية للنظام الجزائري ضد المغرب، بما في ذلك من خلال العروض والخطابات العسكرية الصريحة، المسؤولين المغاربة إلى التحذير مما يرون أنه محاولات متعمدة لإثارة المواجهة العسكرية.
ويمكن للولايات المتحدة الاستفادة من أصولها الاستراتيجية للعمل مع الجزائر لتهدئة التوترات واحتضان دورها المحتمل كفاعل إقليمي بناء بدلاً من المفسد للاستقرار.
وبحسب التقرير، ينبغي للإدارة أن تتبنى نهجًا مزدوج المسار: تقديم تعاون ثنائي معزز والاعتراف بأهمية الجزائر الإقليمية مع الحفاظ على الضغط القوي من أجل خفض التصعيد الملموس مع المغرب، إذ أن الولايات المتحدة قادرة على تقديم الدعم الكامل للسلطة المغربية في إطار الحكم الذاتي.
ويمكن أن يشمل هذا حواراً منظماً حول بنية الأمن الإقليمي، والشراكات في مجال الطاقة والتكنولوجيا، ومبادرات التكامل الاقتصادي ــ وكل هذا يتوقف على التقدم نحو حل النزاعات.
كما أن الساحل الممتد للمنطقة، وخاصة منطقة الداخلة، يوفر إمكانات بحرية كبيرة، وتطوير الطاقة المتجددة، وطرق التجارة البحرية التي تربط أوروبا وأفريقيا والأميركيتين.
المشهد الطاقي في المغرب
وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن تصبح الصحراء نقطة عبور حاسمة لخط أنابيب الغاز الأطلسي الأفريقي الذي ينقل الغاز النيجيري إلى جنوب أوروبا، وهو مشروع تحويلي من شأنه أن يعيد تشكيل المشهد الطاقي في أفريقيا بشكل أساسي ويعزز مكانة المغرب كبوابة لموارد الطاقة الأفريقية إلى الأسواق الأوروبية.
كما أن استراتيجية التنمية الشاملة من شأنها أن تستفيد من هذا الموقف الاستراتيجي لإنشاء مركز لإنتاج الطاقة والتجارة البحرية، مع دمج المنطقة في الأطر الاقتصادية الأوسع في البحر الأبيض المتوسط والأطلسي.
ويمثل صراع الصحراء المغربية تقاربًا نادرًا بين الضرورة الاستراتيجية والفرصة الدبلوماسية، ومع وجود أساس سياسي قائم وحسن نية سياسي كبير من عام 2020، ومحاذاة إقليمية غير مسبوقة، ومصالح أمريكية واضحة على المحك، يمكن لإدارة ترامب 2.0 القادمة تأمين نجاح دبلوماسي مبكر مع منع القوى المعادية من إعادة تشكيل شمال أفريقيا.
ويتطلب النجاح تحفيز المشاركة البناءة للجزائر مع الحفاظ على الضغط الاستراتيجي، والعمل مع المغرب لتنفيذ أحكام الحكم الذاتي التي تضمن الحكم الشامل، ودمج الإقليم في أطر اقتصادية إقليمية أوسع.
كما أن اتخاذ الإدارة لإجراء حاسم من شأنه أن يمنع القوى الأخرى من ملء الفراغ الدبلوماسي في شمال أفريقيا، ومن خلال الاستفادة من الإجماع الجديد بين فرنسا وإسبانيا، والانخراط بحزم مع الجزائر، والبناء على الاختراقات المحتملة مع موريتانيا، يمكن للقيادة الأميركية أن تضع حداً لهذا الصراع المستمر منذ عقود والذي أعاق التكامل الاقتصادي الكامل بين المغرب ومنطقة البحر الأبيض المتوسط الأوسع.
وخلص التقرير، إلى أن حل قضية الصحراء الغربية المغربية من شأنه أن يثبت قدرة أميركا المتجددة على تحقيق نتائج ملموسة في النزاعات الإقليمية المعقدة، وإرساء الزخم لمعالجة التحديات الأوسع نطاقاً من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط.
تعليقات الزوار ( 0 )