لم يكن يدري الأسطورة الكروية العالمية، الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا، أنه سيغادر الحياة في الـ 25 من نوفمبر، اليوم نفسه الذي توفي فيه، أحد الأشخاص الثوريين الذين كانوا من أعز أصدقائه، وممن اعتبرهم اللاعب قدوةً له، إنه الرئيس الكوبي الأسبق، فيديل كاسترو.
نبأ وفاة مارادونا، المفجع، خلف صمدةً كبيرةً لدى عشاق الساحرة المستديرة على الكوكب، الذين وجدوا أنفسهم، فجأةً، وكأنهم يفقدون أحد أقرب الناس إليهم، بالرغم من أن كثيرين منهم، لم يعاصروا زمن تألق اللاعب في الميادين، إلا أن إنجازاته، والمقاطع المصورة، ظلت تُعرف به.
توفي مارادونا، بعد حوالي أسبوع من مغادرته للمستشفى، عقب خضوعه لعملية جراحية لاستئصال جلطةٍ دمويةٍ بالدماغ، وهذه المرة، تعرض لسكتة قلبية مفاجئة، لم يستطع المسعفون، رغم محاولاتهم، بعد أن أسرعوا لبيته على متن 7 سيارات إسعافٍ، _ لم يستطيعو _ إنقاذ من يُعتبر حسب كثيرين، أفضل من لمس الكرة على الإطلاق.
صدمة رحيل “القزم الذهبي”، كما يسمونه، لم يتجرع مرارتها مواطنوه الأرجنتينيون فقط، ولا على مشجعوه وعشاقه في مدينة نابولي الإيطالية، التي تألق معها لاعباً، بل همّت كل عشاق الكرة في العالم، ومعهم المغاربة، الذين لطالما أتحفهم مارادونا بتألقه، وأثر فيهم بمواقف الثورية، التي لم يكن يخفيها عن أحد، وأحبوه رغم من كلّ أخطائه خارج الملعب.
مباشرةً بعد صدمةِ الرحيل، تناسلت تدوينات المغاربة، في رثاء مارادونا، وتوديعه آخر وداع، حيث كتب علي يان، على حسابه الشخصي، إن مارادونا لم يكن “لاعبا عاديا، لقد اقترف مارادونا خطيئة أن يندد بالأشياء التي يأمر النظام بالصمت عنها، لقد اقترف جريمة اللعب الأعسر، (…) ولكنه يعني أيضا عمل عكس ما يتوجب فعله كما عرفه إدواردو غاليانو، فحيثما حل مارادونا حل التمرد”.
وأضاف: “في إيطاليا انتصر للجنوب المهمش على الشمال المهمِّش، أين أصبحت تباع توابيت الأندية الشمالية رفقة قوارير مليئة بدموع الفاشي سيلفيو بيرلوسكوني، وعن لقطته الأشهر في تاريخ كرة القدم، كان دييغو مارادونا، فيما يقدمه المخرج الكبير إيمير كوستاريكا، إنسانا يحس برغبة شديدة في الثأر لحظة توجيهه الكرة نحو مرمى إنكلترا، خلال مباراة كأس العالم عام 1986”.
وتابع، بأن مارادونا لم يكن وحده الراغب في الانتقام من إنجلترا، التي هزمت جيش بلاده الأرجنتين، في حرب الفوكلاند، “بل السبعة عشر لاعبا الذين كانوا يقفون خلفه في تلك اللحظة، أولئك اللاعبون الذين قدموا من أجل إعادة الكرامة لكل الناس المهانين لسنين وسنين، والذين كانوا بانتظار لحظة الثأر هذه”.
وأوضح الشخص نفسه: “في تلك اللحظات القليلة والحاسمة، لم يكن يوجه الكرة نحو الهدف فحسب، إنما هدّفها نحو مارغريت ثاتشر، رونالد ريغان، بريطانيا العظمى والملكة إليزابيث الثانية والأمير تشارلز، البابا جان بول الثاني، وطالما كرة القدم هي لعبة تخييلية”.
وفي سياق الهدف نفسه، كتب الناشط الفيسبوكي الآخر، مصطفى برجال: “وهو يغادر غرفة تبديل الملابس في استاد أزتيكا (مارادونا) قال: الهدف في مرمى الأنجليز إنه للأطفال الذين ماتوا في حرب الفوكلاند”.
وواصل برجال في تدوينة ثانية التذكير بالمواقف التي قام بها الأسطورة الأرجنيتينية، قائلا إنه “في عام 1984، مارادونا طلب من الفيفا و نابولي إقامة مباراة ودية بهدف جمع الأموال لطفل فقير في أحد أحياء نابولي، لكنهم رفضوا فقام مارادونا بنفسه بإقامة المباراة أمام منزل الطفل”.
وكتب الصحافي محمود عبابو، على هامش رحيل الأسطورة الكروية: “لطالما كان مارادونا عنوانا للاتقان والموهبة الكبيرة.. لدرجة أن اسمه استعمل لوصف مجالات أخرى.. فمثلا عبارة مارادونا تاع الراي..استعملت لوصف الشاب خالد.. رحم الله صديق الفقراء والمتمرد مارادونا”.
وما زاد من احترام المغاربة للأسطورة الأرجنتينية، وتأثرهم برحيله، استجابته المتكررة، لدعوة الجامعة الملكية لكرة القدم، بالمشاركة في مباراة نجوم إفريقيا، التي كانت تقام في مدينة العيون بالصحراء المغربية، كما لم يتوان في ترديد عبارة “عاش الملك، عاش المغرب، الصحراء مغربية”، وهو الموقف الذي ضاعف تعلق المواطنين به.
تعليقات الزوار ( 0 )