.منذ تشكيل المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان بمقتضى المرسوم رقم 2.11.150، الصادر بتاريخ 11 أبريل 2011، ومرورا بالمرسومين التعديليين رقمي 2.17.190 و2.19.954 بتاريخي 5 ماي 2017 و24 أكتوبر 2019، وصولا إلى المرسوم الحالي رقم 2.21.931 الصادر بتاريخ 15 دجنبر 2021، وهي تطرح إشكالات دستورية وقانونية.
المرسوم الحالي رقم 2.21.931 المغير والمتمم للمراسيم السابقة، والذي بمقتضاه أصبح للمندوب الوزاري لحقوق الإنسان “صلاحيات” على المندوبية الوزارية، يطرح إشكالات دستورية وأخرى قانونية.
أولا: إشكالان دستوريان
الإشكال الدستوري الأول، ينص الدستور المغربي لسنة 2011 في مادته 90 على أن “يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية، ويمكن أن يفوض بعض سلطه للوزراء. تحمل المقررات التنظيمية، الصادرة عن رئيس الحكومة، التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها”.
والنص الدستوري صريح ولا يحتاج لا لتأويلٍ ولا لتفسيرٍ، إن أي مقرر تنظيمي، مرسوما كان أو مقررات أو تفويضات أو غيرها، فإن الوزراء المكلفين بتنفيذه يجب أن يوقعوا بالعطف على هذه الوثائق.
وهو ما أكد عليه القانون التنظيمي رقم 65.13 المتعلق بتنظيم وسير أشغال الحكومة، في مادته 10.
وباعتبار أن السلطة الحكومية المنصوص عليها في المرسوم الحالي للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، قد تم حسمها في المرسوم رقم 2.21.826 الصادر بتاريخ 21 أكتوبر 2021، والمتعلق باختصاصات وزير العدل، في مادته الثالثة، فإنها هي وزارة العدل.
وهذا ما يقتضي بالضرورة أن يكون المرسوم الحالي لرئيس الحكومة المتعلق بالمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، موقعا بالعطف من قبل السلطة الحكومية الحالية، أو موقع بالعطف من قبل وزير العدل.
وهو ما يجعل مرسوم 2.21.931 الصادر بتاريخ 15 دجنبر 2021 مشوبًا بعدم الدستورية، لمخالفته أحكام الفصل 90 من الدستور ومخالفته للقانون التنظيمي لسير أشغال الحكومة.
الإشكال الدستوري الثاني، يتعلق بكون رئيس الحكومة، من خلال مرسوم المندوبية الحالي، منح اختصاصات إلى المندوب الوزاري، أي أنه منح شيئا لا يملكه.
المندوبية الوزارية كبنية إدارية تدخل في المجال التنظيمي لرئيس الحكومة، في حين لا توجد أي علاقة أو رابطة دستورية أو قانونية بين رئيس الحكومة والمندوب الوزاري، ولا يمكن نهائيا أن يسائله أو يعفيه.
رئيس الحكومة، هو رئيس الوزارء، وهو رئيس الإدارة المغربية، ولكنه لا تربطه أي علاقة بالمندوب الوزاري، لكون هذا الأخير مُعينًا خارج النسق الدستوري، وله علاقة مباشرة بسلطة التعيين، أي الملك وحده فقط.
فرئيس الحكومة منح اختصاصات يملكها لشخص لا “يملكه”.
ثانيا: إشكالان قانونيان
هناك إشكالان قانونيان بخصوص المرسوم رقم 2.21.931 الصادر بتاريخ 15 دجنبر 2021.
يتعلق الأول، بعدم ملاءمة المرسوم الحالي للمندوبية، مع مرسوم اختصاصات وزير العدل.
فمرسوم وزير العدل الصادر في أكتوبر 2021، يتحدث عن وجود سلطة حكومية واحدة مكلفة بالإشراف على المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، في حين أن مرسوم رئيس الحكومة المتعلق بالمندوبية والصادر في أكتوبر 2021 يتحدث عن سلطتين حكوميتين، السلطة الحكومية الأولى وهي رئاسة الحكومة في حد ذاتها، والسلطة الحكومية الثانية “غير معلومة” ولم يسمّيها، مع العلم أنها “غير مجهولة” وفق مرسوم اختصاصات وزير العدل.
مما يوحي أن المشرّع، وهو يسن مرسوم المندوبية (2.21.931)، غير مطمئن لمآل ومستقبل أو السند القانوني والدستوري لوضعية المندوب الوزاري لحقوق الإنسان، وللمندوبية الوزارية كبنية بين حكومية، وترك السلطة الحكومية الثانية مبنية للمجهول.
وما يثير الانشغال الدستوري والقانوني، كون مرسوم المندوبية الحالي لم ينص نهائيا على وضعيتها الحالية وفق مرسوم اختصاصات وزير العدل.
فهل مرسوم اختصاصات المندوبية معدل أو مكمل أو مغير أو “غريب” عن مرسوم اختصاصات وزير العدل.
الإشكال القانوني الثاني، يتعلق بكيفية تفويض وزير العدل.
المرسوم الحالي للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان لا يمنح أي تفويض للمندوب الوزاري.
فالمرسوم، وفق مادته الثانية، يقر صراحة، أنه “يجوز للسلطة الحكومية المنصوص عليها في المادة الأولى، أن تفوض إلى المندوب الوزاري لحقوق الإنسان، الاختصاصات المسندة إلى المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان”.
أولا، إن هذا المرسوم يسمح بالتفويض وليس تفويضا.
ثانيا، السلطة الحكومية المعنية حاليا، هي وزير العدل وليس رئيس الحكومة، مما يطرح السؤال: هل فوّض السيد عبد اللطيف وهبي اختصاصاته أم لا؟ وعلى أي سند؟ وهل نشرت في الجريدة الرسمية أم لا؟ وهل هو تفويض الاختصاص أم تفويض الإمضاء، أم تفويض المهام؟
وإلى ذلك الحين، فإن حال المندوب الوزاري لحقوق الإنسان مازال معلقا ولا يتمتع بأي اختصاصات…
تعليقات الزوار ( 0 )