تعول الجزائر على إنتاج ما بين 40 إلى 50 طنا سنويا من الحديد المستخرج من منجم “غار جبيلات”، لكن المنجم يثير خلافات مع الجار المغرب الذي يلوح باتفاق وقع في عام 1972 يشترط الاستغلال المشترك للمنجم.
وأعلنت الجزائر بدء إنجاز خط سكة حديدية يربط بين غار جبيلات وولاية بشار لتسهيل استغلال المنجم، وقال المدير العام للشركة الوطنية للحديد والصلب، أحمد بن عباس، للإذاعة الجزائرية، الاثنين، إن الخط “سيسمح باستغلال منجم غار جبيلات بطاقة إنتاجية تبلغ ما بين 40 إلى 50 مليون طن سنويا”.
غار جبيلات بالجزائر
وأكد المسؤول الجزائري أن مشروع غار جبيلات من المشاريع الكبرى التي تراهن عليها الجزائر في قطاع المناجم.
وتقدر واردات الجزائر سنويا من الحديد والفولاذ بحوالي 10 ملايين دولار أي حوالي 20 في المئة من فاتورة وارداتها الإجمالية.
وتم اكتشاف منجم غار جبيلات قرب الحدود مع موريتانيا في 1952 في فترة الاستعمار الفرنسي وتم تقدير احتياطات الحديد المتوقعة فيه ب 1,7 مليار طن بنسبة مادة خام الحديد تصل إلى 57%.
ولتواجده قرب الحدود مع المغرب، سبق للرباط والجزائر أن وقعتا عام 1972 على اتفاق شراكة وإنشاء شركة مشتركة بين البلدين لاستغلال المنجم، ولكن مع التوتر المتزايد بينهما، قررت الجزائر بدء استغلاله بشكل أحادي.
غار جبيلات بالجزائر
ويثير المنجم تساؤلات إن كان بدء استغلاله يعد خرقا لاتفاقية التعاون بشأن المنجم.
بالنسبة للناشط المحلل السياسي المغربي، سالم عبد الفتاح، فإن خطوة الجزائر هي “خرق سافر” لاتفاق الاستغلال المشترك الموقع بين البلدين، وهو ما من شأنه أن “يؤثر على اتفاق ترسيم الحدود بينهما”.
ويقول في حديث لموقع “الحرة” إن اتفاق الاستغلال المشترك “كان في سياق التفاهمات” حول ترسيم الحدود.
ويرى عبد الفتاح أن خطوة استغلال الجزائر للمنجم “تأتي في ظل التصعيد الجزائري ضد المغرب، بما فيها قطع العلاقات ومنع الطائرات المغربية من المرور من الأجواء الجزائرية وغيرها من الخطوات”.
ويضيف أن “استعانة الجزائر بشركات صينية لإنجاز المشروع هو محاولة للاستقواء بقوى أجنبية فيما يتعلق بالمشكل الحدودي بين البلدين”.
وأمام الاستياء المغربي، تقول الجزائر إن الجدل حول المنجم حسم قانونيا، ويشير المحلل السياسي الجزائري، توفيق بوقعدة، في حديث لموقع “الحرة” إلى أن الجدل حول المنجم “اشتد العام الماضي ولكنه حسم قانونيا، لأن الشركة المختلطة التي ينص عليها الاتفاق لم يتم تاسيسها والفترة الزمنية المخصصة لذلك انتهت.
ويقول بوقعدة إن المنجم يقع فوق التراب الجزائري ولا يحق لأي “دولة أن تدعي شراكتها في منجم يقع في تراب دولة أخرى” بحسب تعبيره.
وسبق لوسائل الإعلام المغربية أن اتهمت الجزائر بخرق الاتفاق الموقع في 1972، وكتبت صحيفة “الصحيفة” أن “الاتفاق بخصوص الاستغلال المشترك لهذا المنجم مدته 60 عاما، نشرته الجريدة الرسمية الجزائرية سنة 1973”.
وينص الاتفاق على أن تعود ملكية المنجم للجزائر بشكل كامل بعد 60 عاما على هذه الاتفاقية، وتقول الصحيفة إن الاتفاق لا يزال ساريا لعشر سنوات إضافية.
وينص على أن “المغرب يتوفر فوق ترابه على إمكانية تصريف معدن غارة جبيلات وشحنه عن طريق ميناء يقع على شاطئ المحيط الأطلسي” بحسب “الصحيفة”.
وأواخر العام الماضي، اعتبرت مصادر جزائرية أن الاتفاق بين البلدين سقط، ونقلت صحيفة “الشروق” عن سفير جزائري سابق لم تسمه قوله إن “الفقرة الـ4 من الاتفاق تنص بوضوح على أن “الجزائر هي المالكة لهذا المنجم الواقع على أراضيها، والخاضع لسيادتها الكاملة”.
ومن المبررات التي تمنح الجزائر حق إلغاء الاتفاق، نقلت الصحيفة عن السفير أن المغرب “قرر قطع علاقاته مع الجزائر من جانب واحد في العام 1976، في حين كان توقيع اتفاق 1972 يهدف إلى إرساء أسس سلام دائم بين البلدين”.
ويقع المنجم في أقصى جنوب غرب الجزائر، ويعد أحد أكبر مناجم الحديد في العالم.
خريطة توضح موقع غار جبيلات
وتشهد العلاقات توترا منذ عقود بسبب دعم الجزائر لجبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء، بينما يعتبرها المغرب جزء لا يتجزأ من أرضه ويقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادته.
وزاد التوتر عندما أعلنت الجزائر في أغسطس الماضي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط متهمة إياها “بارتكاب أعمال عدائية (…) منذ استقلال الجزائر” في 1962.
(الحرة)
تعليقات الزوار ( 0 )