Share
  • Link copied

مناورات عسكرية بالجنوب المغربي مقابل فرقعات جزائرية.. ماذا يربح المغرب من الأسد الإفريقي؟

أما بعد…!

انطلقت بالمغرب، كما جرت العادة، مناورات الأسد الإفريقي التي تعتبر أحد أكبر التجمعات العسكرية الميدانية على المستوى الدولي، حيث ترسخ الشراكة المغربية مع أحد أقطاب القوة العسكرية في العالم، وأحد أكبر مصنعي قطع السلاح الحربي النوعي والمتطور، وهي الولايات المتحدة الأمريكية التي لا زالت تقود النظام الدولي وحلف شمال الأطلسي الذي يشكل القوة العسكرية الأولى في العالم من حيث العتاد والجيوش المشكلة له، والذي يعتبر المغرب أحد شركائه خارج الحلف.

 إن اختيار المغرب منذ سنوات لاستضافة هذه المناورات النوعية الممتدة على مسافة جغرافية مهمة واستراتيجية في الجنوب المغربي، وذلك من كاب درعة وصولا إلى منطقة التماس الحدودي بالمحبس، يشكل حدثا مهما حيث يتميز بمشاركة أكبر دولة تستحوذ على سوق السلاح الحربي بنسبة 59% بقيمة تتجاوز 246 مليار دولار أمريكي حيث يتطور هذا السوق سنة بعد سنة بنسبة تتجاوز 7%..

أما بعد…!

تتميز هذه المناورات العسكرية التي تعتبر أكبر تكوين عسكري في إفريقيا بمشاركة 8000 جندي من مختلف الرتب والتخصصات يمثلون 27 دولة من أربع قارات ومناطق تعرف تحديات مرتبطة بمواجهة الجماعات الإرهابية، والتي تنشط بشكل كبير في منطقة الساحل والصحراء، خصوصا على مستوى الشريط الممتد من شمال مصر وصحراء ليبيا وشمال مالي، وعلى امتداد الجنوب الجزائري، وهو ما يشكل اليوم تحديا استراتيجيا وإكراها اقتصاديا لدول المنطقة، خصوصا في ظل الصراعات الجيوـسياسية والتي تعرقل انخراط كل دول المنطقة في مواجهة هذا التحدي، بل تغذيه عبر دعم الحركات الانفصالية كما تفعل الجزائر التي تعتبر الخلفية اللوجيستيكية والعسكرية لتنظيم البوليساريو الإرهابي، وهو ما يجد تفسيره في إجراء مجموعة من العمليات في منطقة تعتبر بالغة الحساسية، وعلى مقربة من مركز الجبهة الانفصالية على أراضي تندوف مقابلة الحدود شرق المغرب.

أما بعد…!

إن هذه المناورات ليست مجرد فرقعات كما يفعل كل مرة حاكم الجزائر الفعلي قائد الجيش و كل شيء (..) سعيد شنقريحة، وهو يصور عمليات تستعرض خردة قطع السلاح السوفياتية أو ما تبقى منه، حيث حذرت الدولة الصديقة الجديدة في شمال المتوسط الرئيس من تلك العمليات التي تكشف عورة المنظومة العسكرية بدل تلك القوة الضاربة التي يحاولون تسويقها للشعب الجزائري تحت يافطة العدو الغربي، وهو ما يتم ترويجه في قصاصات وكالة الأنباء الرسمية والإعلام العمومي والمواقع الصحفية العسكرية، وكذلك عبر نشطاء مواقع التواصل  الاجتماعي  حيث يتم تدوير وتحويل تلك الفرقعات الشنقريحية إلى فرقعات في الإعلام ستنفجر أكثر وبشكل أكبر داخل التراب الجزائري بداية من الجنوب، وهو ما ذهب إليه صديقنا الدكتور نور الدين لشهب أكثر من مرة، حيث يعتبر أن الحصار المضروب على ساكنة المخيمات سيدفع الكثير من الشباب إلى الارتماء في الجماعات المتطرفة التي تنشط بمنطقة الساحل.

إن ما يقوم به المغرب في مناورات الأسد الإفريقي هو عملية اكتشاف ما استجد في مجال التسلح واستعمال السلاح النوعي والمتطور، وهي كذلك فرصة للاحتكاك وتبادل واكتساب الخبرات في مجال التكنولوجيا الحربية والتمرين العسكري مع مدارس متنوعة وجيوش تتمتع بأعلى نسب الجاهزية العملياتية.

أما بعد…!

وبما أن الجيش الأمريكي جزء من ثوابت الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أن عقيدته واحدة لا تتبدل ولا تتغير بتعاقب الإدارة الجمهورية أو الديمقراطية، فإن هذه المناورات لا تخلو من إشارات بداية بمجالها الجغرافي في الجنوب المغربي، وبالضبط على مقربة من الحدود الساخنة، وأهم تلك الإشارات كانت عبر الفيديو الرسمي الذي نشرته السفارة الأمريكية بالرباط، والذي يرسخ قناعة المؤسسة العسكرية والدولة الأمريكية بأن الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، وهو ما تم تأكيده من قبل بقرار رئاسي يقوي الموقف المغربي على الصعيد الدولي، وهو ما أحدث رجة في مواقف العديد من الدول الغربية التي أصبحت تدعم وتتبنى الموقف المغربي خارج المنطقة الرمادية في قضية الصحراء.

 إن هذه المناورات العسكرية ليست فسحة سياسية، ولكن هي بالتأكيد محور التحالف الذي اختاره المغرب عسكريا وتتم مواكبته ديبلوماسيا تحت إشراف القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، الملك محمد السادس.

Share
  • Link copied
المقال التالي