مع اقتراب شهر رمضان المبارك وما يرافقه من العادات المتعارف عليها في الأوساط الشعبية، تتزايد المخاوف بشأن ارتفاع أعداد حالات “كورونا” لاسيما بعد أن فاجأ الفيروس، دول العالم بظهور سلالات جديدة، أدت لارتفاع إصابات كورونا، ودخلت معها بعض الدول في الموجة الثالثة من الفيروس.
وفي هذا الصدد حذر الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، من الوجه الجديد للوباء الشرس، وكذلك من عواقبه وتداعياته، لافتا إلى أنه من الضروري تجنب هذا الوضع الذي أصاب عدة دول في مقتل وشلّ الحياة فيها.
في المقابل، أكد الباحث في النظم الصحية في حديث مع “بناصا” أن اللقاحات التي يستعملها المغرب فعالة لمواجهة الموجات الجديدة من السلالات، وأننا إذا بلغنا نسبة تلقيح تصل إلى 70 في المائة، فلا خوف على البلاد من أية سلالة، وفي انتظار ذلك يجب العمل بالتدابير الوقائية.
وأضاف المصدر ذاته، أنه في الوقت الذي تتراوح فيه نسبة “التطعيم” في الدول الأوروبية ما بين أربعة إلى سبعة في المائة من مجموع الساكنة، فإن المغرب بلغ نسبة 20 في المائة تقريبا من تلقيح ساكنته، وأنه وفقا للمعطيات الوبائية اليومية فإن الإجراءات المعمولة بها كافية.
ولفت الطيب، إلى أنه في غضون الأيام المقبلة سيتوصل المغرب بأزيد من أربعة ملايين ونصف جرعة من لقاحات كورونا، حيث لا مشكلة هناك بخصوص الإمداد في اللقاحات، بيد أن الأمر يتعلق بالموجة الثالة وما يرافقها من سلالات جديدة التي تشكل خطرا وتحديا جديدا.
من جانب آخر، دعا الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، إلى العمل بجد الآن لتجنب الأسوأ من حيث الحالات الحرجة والوفيات والضغط على المنظومة الصحية، وعدم تعريض الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي الذي نعول عليه كثيرا في فصل الصيف للخطر.
وأوضح الطيب في بلاغ له عقب التصريح، أن البرازيل في حالة فوضى عامة، ومعها بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وايرلندا والبرتغال وفرنسا ودول أخرى في وسط وغرب أوروبا التي قررت فرض تدابير تقييدية صارمة وحجر صحي عام مع إغلاق المدارس في الكثير منها لوقف تفشي السلالات الجديدة.
ويرى المصدر ذاته، أنه وباء جديد أو تقريبًا بحجمه ووجهه الجديد من حيث زيادة عدد الحالات الجديدة، والمرضى الذين يعانون من حالات خطيرة بشكل متزايد، في خدمات العناية المركزة المزيد، والكثير منهم بدون أي أمراض، أو ضعف مرتبط به، فترات أطول للإقامة في العناية المركزة، المزيد من النساء، ومع المزيد من العواقب.
وفي فرنسا، على سبيل المثال، انخفض متوسط عمر المرضى في العناية المركزة بمقدار 10 سنوات في بعض المناطق، حيث أن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عامًا والذين كانوا يمثلون 30٪ من مرضى أقسام الإنعاش في الموجة الأولى يبلغون الآن 40٪ ويستمر الرقم في الارتفاع.
وأوضح، أن أكثر من 60٪ من المرضى في بعض وحدات العناية المركزة هم تحت سن الـ65، وأن عدد المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 30-49 تضاعف ثلاث مرات مقارنة بشهر يناير الماضي، كما تضاعف عدد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و69 عامًا خلال نفس الفترة.
وأضاف الطيب، أن تطعيم المسنين أدى إلى حمايتهم وتقليل عدد الاشخاص من هذه الفئة العمرية في المستشفيات ووحدات العناية المركزة، ولكن هذا ليس التفسير الوحيد، ولا السبب الوحيد لتكاثر نسبة الشباب والمرضى بكوفيد غير المصابين بأي مراض مزمنة داخل وحدات العناية المركزة.
وأدى انتشار السلالات الجديدة، البريطانية بشكل أساسي، إلى زيادة هائلة في الحالات الجديدة، وتلقائيا الحالات الحرجة، بين الشباب والأقل شبابا على حد سواء، معتبرا أن هذا المتحور أكثر عدوى بنسبة 60٪ وفقًا لعدة دراسات.
كما يشتبه بشكل متزايد في أنه أكثر ضراوة وأكثر خطورة من السلالة الكلاسيكية، حيث كشفت دراسة حديثة أن المتحور البريطاني أكثر خطورة وأكثر فتكًا بـ 64٪. وبالنسبة لـكل 1000 حالة تم اكتشافها، فإنها تسبب 4.1 حالة وفاة، مقابل 2.5 حالة لفيروس كورونا الكلاسيكي.
ووفقًا لدراسة بريطانية نُشرت في نهاية عام 2020، فإن معدل الإصابة بالفيروس مرة ثانية سيكون 0.7٪ مقابل 0.11٪ بالنسبة للسلالة الكلاسيكية، مما سيؤدي إلى مزيد من حالات الإصابة بالعدوى، وحالات أكثر خطورة، ومتوسط مدة إقامة بالعناية المركزة أطول.
وهنا بالمغرب، يضيف الطيب، فإن الوضع الوبائي مستقر وتحت السيطرة لمدة تزيد عن 10 أسابيع، وحملة التلقيح متقدمة، لكننا ما زلنا بعيدين عن المناعة الجماعية، حيث تم اكتشاف السلالة البريطانية في بلادنا، ومن المحتمل أن تكون كذلك السلالات الأخرى قريبا.
ودعا المتحدث ذاته، إلى مزيد من الاحترام السليم والصارم للإجراءات الحاجزية من استعمال الكمامات بشكل سليم، والتباعد، وتطهير اليدين، وتجنب الازدحام وتهوية الاماكن المغلقة، واحترام التدابير الترابية، وتجنب السفر غير الضروري، والتجمعات العائلية وغيرها، والامتثال الصارم للعزل من قبل المرضى الذين ثبتت إصابتهم والمخالطين.
وأشار الباحث في السياسات والنظم الصحية، إلى أن الأسابيع القادمة ليست مناسبة للتراخي، فحياتنا وصحتنا وسلامة منظومتنا الصحية وإعادة فتح اقتصادنا، ومدارسنا، وحياتنا الاجتماعية، وسياحتنا في أشهر الصيف متوقفة على سلوكنا اليوم.
تعليقات الزوار ( 0 )