تحاول مدريد جاهدة استخدام وتوظيف أزمة الهجرة التي جرت أطوارها أخيرا بمدينة سبتة المحتلة، بأشكال متعددة على وسائل الإعلام الدولية، في الوقت الذي يزال المغرب ينتظر رداً مُرضياً ومقنعاً من إسبانيا بشأن قرارها السماح لزعيم جبهة البوليساريو المتابع بتهمة ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بدخول أراضيها.
وفي هذا الصدد، قال ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، يومه (الخميس) إن المغرب لا يقبل بازدواجية الخطاب والمواقف من طرف مدريد.
وأكد بوريطة، “أن الهجوم الإعلامي الإسباني اتجاه المغرب على أساس أخبار زائفة لا يمكن أن يخفي السبب الحقيقي للأزمة، وهو استقبال مدريد لزعيم ميليشيات البوليساريو الانفصالية بهوية مزورة”.
وأضاف بوريطة، “أنه يتعين على مدريد أن تعي بأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، وعلى بعض الأوساط في إسبانيا أن تقوم بتحيين نظرتها للمغرب، كما يتعين على مدريد أن تتحلى بالشفافية إزاء الرأي العام الإسباني”.
تزوير مع سبق الإصرار
ويتعارض استقبال مدريد، لزعيم ميليشيات البوليساريو على أراضيها بجواز سفر مزور، وعدم تنفيذ القانون المتعلق باﻟﻤﺴﻁﺭﺓ الجنائية في حقه لدواع تقول إنها “إنسانية”، مع مبدأ الفصل بين السلطات، كما يتناقض مع المبادئ الأوروبية في الفصل بين السلطات وتحقيق العدالة الدولية.
وكانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، قد أكدت أن قرار السلطات الإسبانية بعدم إبلاغ نظيرتها المغربية بقدوم زعيم ميليشيات “البوليساريو”، هو فعل يقوم على سبق الإصرار، وهو خيار إرادي وقرار سيادي لإسبانيا، أخذ المغرب علما كاملا به، وسيستخلص منه كل التبعات.
محمد البزاز، المتخصص في القانون الدولي الإنساني، قال إن الحكومة الإسبانية ارتكبت خطأ فادحا بتبرير استقبالها إبراهيم غالي لأسباب ودواعي إنسانية،
وأوضح البزاز في تصريح لجريدة “بناصا” أن الجرائم التي ارتكبها إبراهيم غالي في حق المدنيين في مخيمات تندوف (من قتل وتعذيب واغتصاب و ..) وهي أفعال معاقب عليها دوليا، لأنها تندرج ضمن الجرائم ضد الإنسانية.
ويرى صاحب كتاب “دراسات في القانون الدولي الإنساني” أن العذر الذي قدمته مدريد أقبح من الزلة، فالمبررات الإنسانية التي كان يجب على الحكومة الإسبانية استحضارها هي متابعة غالي أمام القضاء الإسباني وتطبيق القانون في حقه، وذلك احتراما لضحايا الجرائم التي ارتكبها غالي في حق المدنيين.
إسبانيا تحول الجلاد إلى ضحية
ولفت المصدر ذاته، إلى ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبها المدعو إبراهيم غالي في مخيمات تندوف كثيرون، وبعض من هؤلاء الضحايا تمكن من رفع شكايات وبالأدلة الدامغة أمام القضاء الإسباني.
وأشار، إلى أنه بموجب الاعتبارات الإنسانية وتطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وتضميد جراح الضحايا ورد الاعتبار لهم، كان من الأولى الاستماع لشكاوى الضحايا والتضامن معهم، وليس تحويل الجلاد إلى ضحية والتستر عليه.
وختم المتخصص في القانون الدولي الإنساني بالقول، إنه وبموجب الاعتبارات الإنسانية وبمقتضى القانون الدولي، فإن السلطات الإسبانية مطالبة بتحمل مسؤوليتها كاملة، لأن كل عناصر المتابعة القضائية متوفرة، لتقديم المدعو إبراهيم غالي أمام العدالة لتقول كلمتها.
تعليقات الزوار ( 0 )