Share
  • Link copied

مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة حول رفح.. والأمم المتحدة تحذر من “العملية العسكرية” وآثارها

عقد مجلس الأمن الدولي ابتداءً من الساعة الثالثة بعد ظهر الإثنين اجتماعا طارئا بناءً على دعوة من الجزائر وسلوفينيا جلسة مفتوحة لمناقشة الأوضاع في رفح وغزة على ضوء توسع العمليات العسكرية التي يشنها الكيان الصهيوني منذ أكثر من أسبوعين.

وبناءً على طلب من ممثلي روسيا والصين والجزائر، طلب رئيس مجلس الأمن الحالي، سفير موزمبيق بيدرو كوميساريو أفونسو ، بالوقوف دقيقة صمت حدادا على روح الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان اللذين قضيا ليلة أمس في تحطم الطائرة المروحية في منطقة أذربيجان الشرقية.

وتحدث بالجلسة  منسق عملية السلام في الشرق الأوسط وممثلة مكتب الشؤون الإنسانية وكل أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر بالإضافة إلى ممثلي فلسطين ومصر ومندوب الكيان الصهيوني. وكان أول المتحدثين، تور وينيسلاند، منسق عملية السلام في الشرق الأوسط ،والذي حذر من الوضع الإنساني في منطقة رفح غزة مؤكدا أن نحو 800000 فلسطيني قد تم تهجيرهم من منطقة رفح في ظل مواصلة إسرائيل عملياتها العسكرية في المنطقة.

وقال: “إنني أحث الطرفين على مضاعفة جهودهما والعودة إلى طاولة المفاوضات على الفور بنية صادقة. وأكرر دعم الأمم المتحدة الكامل للوسطاء الدؤوبين لتحقيق هذا الهدف، ونحن على استعداد لدعم تنفيذ مثل هذا الاتفاق. وإذا لم تستأنف المحادثات فإنني أخشى الأسوأ من أجل المدنيين المحاصرين و المذعورين في رفح، ومن أجل الرهائن المحتجزين في أماكن وفي ظروف لا يمكن تصورها لأكثر من 225 يوما، ولعملية إنسانية منهكة لا تزال قائمة”.

وقال وينيسلاند :” في 5 ماي، أطلقت حماس قذائف هاون وصواريخ على جنود الجيش الإسرائيلي المحتشدين على الجانب الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم ما أسفر عن مقتل أربعة جنود من الجيش الإسرائيلي وإصابة عشرة دبابات تابعة للجيش الإسرائيلي وأدى القصف وسلسلة من الغارات الجوية في رفح إلى مقتل ما لا يقل عن 19 فلسطينيًا في اليوم نفسه، وفقًا لما ذكرته وزارة الصحة بغزة. وفي اليوم التالي، قال الجيش الإسرائيلي إنه سيستخدم القوة المفرطة ضد حماس في شرق رفح وأمر نحو 100 ألف فلسطيني بالإخلاء الفوري إلى ما وصفها بـ”منطقة إنسانية موسعة في المواصي”. ومنذ بدء العمليات في رفح ، نزح أكثر من 800,000 شخص من رفح إلى المواصي في خان يونس ودير البلح وسط غارات جوية يومية للجيش الإسرائيلي ما أسفر عن مقتل عشرات الفلسطينيين.

وأضاف وينسلاند أن حماس واصلت إطلاق الصواريخ بشكل عشوائي من غزة باتجاه إسرائيل وكان لهذه الأحداث تأثير كبير على العمليات الإنسانية وإمكانية إيصالها لمنطقة تفتقر إلى المأوى المناسب والغذاء والماء والإمدادات والبنية التحتية للصرف الصحي. وفي أعقاب الغارة التي شنتها حماس في ماي، أغلقت السلطات الإسرائيلية معبر كرم أبو سالم لمدة ثلاثة أيام. وفي اليوم التالي، قال الجيش الإسرائيلي إنه أعاد السيطرة العملياتية على المعبر.

وكانت إسرائيل قد أغلقت معبر رفح أمام حركة البضائع الناس، ولا يزال المعبر مع مصر مغلقا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأعمال العدائية النشطة وعمليات الجيش الإسرائيلي لا تزال تجعل أي مكان في غزة غير آمن للعاملين في المجال الإنساني. “في الأسبوع الماضي فقط، توفي موظف من إدارة الأمم المتحدة للسلامة والأمن من الهند وأصيب موظف آخر عندما أصيبت سيارتهم المسجلة للأمم المتحدة أثناء توجههم إلى المستشفى الأوروبي في منطقة رفح. وبهذا يصل مجموع من قتل من موظفي الأمم المتحدة منذ بدء الأعمال القتالية إلى 193.

وأكد تور وينسلاند عدم إمكانية التوصل إلى حل طويل الأمد لغزة إلا إذا كان هناك حل سياسي في الأساس. وقال إن الحكومة الفلسطينية الجديدة التي تضم 8 وزراء من غزة، تمثل فرصة مهمة لدعم الخطوات الملموسة على مسار توحيد غزة والضفة الغربية المحتلة، سياسيا واقتصاديا وإداريا.

وشدد على ضرورة أن يقدم المجتمع الدولي الدعم للحكومة الجديدة لمعالجة التحديات المالية التي تواجهها وتعزيز قدرتها على الحكم وتحضيرها لإعادة تولي مسؤولياتها في غزة، وفي نهاية المطاف تولي الحكم في سائر الأرض الفلسطينية المحتلة. وقال إن السلطة الفلسطينية يجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من تعافي غزة وإعادة إعمارها.

واختتم وينسلاند خطابه بالقول إن الدمار والبؤس على مدى الأشهر السبعة الماضية، يؤكدان حقيقة بسيطة وهي أن الفلسطينيين والإسرائيليين لم يعد بإمكانهم الانتظار قبل إيجاد أفق سياسي لإنهاء الصراع وتحقيق حل الدولتين.

ممثلة الشؤون الإنسانية: الوضع في غزة كارثة وكابوس وجحيم

وتحدثت بعد ذلك السيدة أديم وسورنو، مديرة شعبة العمليات والمناصرة بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ووصفت ما يحدث في غزة بالكارثة، والكابوس، والجحيم على الأرض، وقالت إن ” الوضع في غزة كل هذه الأوصاف مجتمعة بل وأسوأ”.

وقدمت وسورنو الإحاطة نيابة عن مارتن غريفيثس، منسق الإغاثة الطارئة، وقالت فيها إن الظروف المعيشية في غزة تتدهور نتيجة القتال العنيف وخاصة في جباليا، شمال غزة، وشرق رفح جنوبا بالإضافة إلى القصف الإسرائيلي من الجو والبر والبحر.

وأشارت المسؤولة الأممية إلى استمرار ارتفاع عدد الضحايا يوميا. وفق وزارة الصحة في غزة، فقد قُتل أكثر من 35 ألف شخص وأصيب ما يزيد عن 79 ألفا. كما وصل عدد موظفي الأمم المتحدة الذين قُتلوا في غزة منذ تصعيد الأعمال العدائية إلى 193.

وأشارت وسورنو إلى إعلان الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي عن انتشال جثث أربع رهائن إسرائيليين من غزة، وقالت إن التقديرات تفيد بأن 120 إسرائيليا وأجنبيا ما زالوا محتجزين في القطاع بما في ذلك أشخاص لقوا مصرعهم وما زالت جثثهم محتجزة.

وتحدثت المسؤولة الأممية عن أن 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون مستويات كارثية من الجوع فيما يبقى القطاع على حافة المجاعة، وتطرقت إلى شح الوقود والإمدادات والضغوط الهائلة على النظام الصحي. وقالت إن 75% من سكان غزة أي 1.7 مليون شخص قد هُجروا بشكل قسري داخل غزة، الكثيرون منهم لثلاث أو أربع مرات، بما في ذلك بسبب تعليمات الإخلاء المتكررة من الجيش الإسرائيلي.

وشددت وسورنو، بشكل لا لبس فيه، على أن الأشخاص الذين يُهجرون قسرا داخل غزة أو منها يجب أن يُضمن لهم الحق في العودة الطوعية وفق ما يقتضيه القانون الدولي. كما أكدت ضرورة تلبية الاحتياجات الأساسية للمدنيين. وهو ما يعني بالنسبة للمدنيين الذين تم إجلاؤهم ضمان توفر المأوى المناسب والظروف الملائمة للنظافة والصحة والسلامة والتغذية وألا يتم فصل نفس أفراد الأسرة الواحدة. هذه الظروف المروعة تثير شكوكا بالغة بشأن الامتثال لهذه الالتزامات الأساسية.

ورحبت المسؤولة الأممية بوصول أول شحنات المساعدات الإنسانية عن طريق الرصيف العائم الذي أنشأته الولايات المتحدة، قائلة إن الممر البحري الذي تستضيفه قبرص بدعم من دول أخرى يعد عنصرا مهما للعملية الإنسانية الشاملة في غزة ولكنها ليست بديلا عن الطرق البرية الأكثر فعالية لتوصيل المساعدات على النطاق المطلوب.

وحددت وسورنو عدة متطلبات أمام مجلس الأمن هي:
– حماية المدنيين وسكنهم وبنيتهم التحتية الحيوية التي يعتمدون عليها؛
– تيسير الوصول الإنساني العاجل وبدون عوائق إلى غزة وأنحاء القطاع؛
– ضمان حماية العاملين في المجال الإنساني وموظفي الأمم المتحدة، الذين يعملون في ظل ظروف صعبة للغاية في غزة؛
– توفير التمويل الكافي وخاصة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)؛
واختتمت كلمتها بالتأكيد على الحاجة للوقف الإنساني لإطلاق النار والتوغل البري في رفح، وقالت إن ذلك فقط هو الذي سيحمي المدنيين ويوفر الظروف الملائمة للعمل الإنساني.

مندوب الجزائر: هذه ليست حربا بل إبادة جماعية

وتحدث نائب الممثل الدائم للجزائر السفير أحمد صحراوي وقال إن آخر معاقل العمل الإنساني في غزة يوجد في مدينة رفح التي تكدس فيها أكثر من مليون فلسطيني وكانت العمليات الإنسانية متواصلة فيها. وهي الملجأ الأخير للغزيين والتي تجمع فيها معظم المهجرين من ديارهم والتي بقي فيها ثلاثة مستشفيات تعمل ولو بصعوبة. قال إن رفح ملجأ لنحو ستمئة ألف طفل، والعملية البرية في رفح تندرج ضمن سياسة إسرائيل المستمرة “للتطهير العرقي للفلسطينيين، فعملية قتل أطفال غزة وتدمير مستقبلهم قد بدأت، وتشتيت 80000 من سكان رفح تشكل أكثر المآسي فظاعة منذ بدأت العمليات العسكرية في أكتوبر الماضي”.

وقال المندوب الجزائري مخاطبا المجلس: “نحث المجلس على العمل لا وقت لنضيعه. الوقت الآن للعمل الحاسم. متابعة حرب الإبادة انتهاك للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. “إن جرائم فظيعة ترتكب الآن ويجب أن يتحمل مرتكبوها المسؤولية. إننا ندعو إلى وقف التهجير القسري وحماية البنى التحتية الأساسية التي تشكل مصدر حياة للأطفال”.
واقتبس السفير الجزائري الوضع الإنساني في غزة من تقرير قدمته السيدة ياسمينة غردة التي عادت مرة أخرى إلى غزة مع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) والتي قالت في وصف الأوضاع في غزة: “نريد أن نخترع مفردات جديدة لوصف الأوضاع في غزة. أينما نظرت وأينما اتجهت هناك دمار، هناك خراب، هناك ضياع. هناك معاناة لا توصف. الناس يعيشون بين الخرائب. جوعى. لا أحد يستطيع شراء شيء، لا ماء ولا دواء. بعضهم لم يغير ملابسه منذ 7 أشهر… بعضهم هجر ثماني مرات”.

وتابع السفير الجزائري، نائب الممثل الدائم قائلا إن إسرائيل تتحكم في كل الممرات لم يبق ما يمكن توزيعه من مساعدات في غزة رغم قرار مجلس الأمن 2728 (2024) المستوطنون يهاجمون المساعدات الإنسانية. فقط 33 شاحنة دخلت منذ العملية البرية في رفح. يجب فتح جميع المعابر.

وقال: “هذه ليست حربا بل إبادة جماعية. الوقت قد حان لتشكيل لجنة تحقيق. الشعب في غزة يحتاج إلى دعمكم. التخلي عنهم يعني التخلي عن إنسانيتنا. عمل لا شيء يعني التخلي عن الناس في غزة”.

السفير رياض منصور: حرب الإبادة يجب أن تتوقف الآن

في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، استعرض السفير الفلسطيني رياض منصور ما لحق بالشعب الفلسطيني في غزة من مصائب منذ انطلاق حرب الإبادة “مليونا فلسطيني فقدوا أحبة لهم في الشهور السبعة الماضية. فقدوا أحد أفراد العائلة، فقدوا أصدقاء أو أحد أطرافهم وفقدوا مجتمعاتهم. مدارسهم وجامعاتهم ومستشفياتهم دمرت. لاجئون منذ نكبة عام 1948 ينتظرون نهاية لنكبتهم ولكنهم أجبروا على أن يعيشوا نكبة جديدة أكثر وحشية وعنفا”.

وقال السفير الفلسطيني إن النتيجة التي يتوصل إليها أي إنسان أن إسرائيل مستمرة في قتل وتشريد الشعب الفلسطيني رغم القرارات الدولية ومواقف المنظمات والدول ومجلس الأمن والجمعية العالمة، ولن تتوقف إلا إذا كان هناك نظام عقوبات ومساءلة تضطرها إلى التوقف.

وأضاف أن كل الدول بدون استثناء اعترضت على عملية رفح لكنها مستمرة في عمليتها، ما شرد مئات الألوف ولا مكان آمنا يذهبون إليه، بل وضاعفت جرائمها وخاصة الاستيلاء على جميع معابر رفح ومنع المساعدات وإطلاق يد المستوطنين لتدمير المساعدات مستخدمة التجويع سلاحا ضد المدنيين.

وطالب منصور بضرورة أن تنسحب إسرائيل من معبر رفح وتفتح جميع المعابر وتسمح لتدفق المساعدات الإنسانية بالوصول دون إعاقة. من أين لإسرائيل الجرأة لتدمير الشعب الفلسطيني ومنعه من ممارسة حقه في تقرير مصيره وتتحكم في حياة الأفراد “إن هذا الغرور نابع أصلا من أنها محمية من المساءلة”.

وتابع أن إسرائيل تريدكم أن تدمروا المؤسسات الدولية والقانون الدولي بأياديك كي تستمر في قتل شعبنا وهي محصنة من أي مسؤولية. وطالب منصور في نهاية الكلمة التحرك كمجلس أمن، وكدول كل على حدة التأثير على إسرائيل والاستماع لأصوات الشعوب التي تطالب بوقف إطلاق النار. “نحن نقترب من اللحظة الحاسمة حيث تقف الدول لتدافع عن العدالة والحرية والسلام، وهناك مؤشرات تشير إلى ذلك.. أحثكم على استخدام كافة الوسائل التي بين أيديكم دولا وأعضاء في مجلس الأمن لوقف المجازر”.

السفير الإسرائيلي: كيف تقفون دقيقة صمت حدادا على إبراهيم رئيسي؟

بعد أن هاجم، جلعاد إردان، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، المحكمة الجنائية الدولية للإعلان عن نيتها بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع غالانت وثلاثة من قادة حماس معتبرا هذا اليوم من أسواء أيام النفاق الدولي الذي يساوي بين “دولة ديمقراطية الملتزمة بالقانون ومنظمات إرهابية”، واعتبر ذلك نوعا من كراهية اليهود وانحدارا لمستوى المنظمات الدولية التي فقدت بوصلتها الأخلاقية. واعتبر أن المنظمات الدولية أصبحت أدوات في أيدي المنظمات الإرهابية الكارهة لليهود بما فيها مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان.

ثم انتقد أعضاء مجلس الأمن لوقوفهم دقيقة صمت احتراما لمقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي أطلق مئات الصواريخ على إسرائيل لقتل المئات. “إنه مسؤول عن قتل الآلاف داخل إيران وخارجها، ثم يأتي مجلس الأمن ويكرمه بدقيقة صمت. كيف يمكن أن تتشوه معاييركم الأخلاقية لهذا الحد. هذا المجلس لم يعمل شيئا لإطلاق الرهائن الإسرائيليين ثم يكرمون من هو مسؤول عن معاناتهم. وماذا بعد؟ هل سيكرم المجلس لابن لادن وهل سيضيئ الشموع لهتلر. لن يكون ذلك مفاجئا. هذا يوم أسود لمجلس الأمن، هذا يوم أسود للمحكمة الجنائية الدولية”.

(القدس العربي)

Share
  • Link copied
المقال التالي