يعتبر مؤشر الدخل الفردي هو المقياس الذي يُستخدم لقياس متوسط دخل الأفراد في مجتمع معين.
ويعكس هذا المؤشر مدى توزيع الثروة والدخل بين أفراد المجتمع، ويعبر عادة عنه بالقيمة النقدية للدخل الشهري أو السنوي للشخص الواحد. وقد يستخدم المؤشر لفحص التطورات الاقتصادية والاجتماعية، وتحديد مستويات التفاوت بين الفئات المختلفة من السكان.
وتعتمد عملية قياس مؤشر الدخل الفردي على جمع البيانات والمعلومات، من عينة عشوائية من الأفراد في المجتمع المعني قيد الدراسة.
ويتم ذلك عادة من خلال استبيانات أو مسوح أو استجوابات شخصية. تسأل في هذه الاستبيانات الأفراد عن دخولهم الشهري أو السنوي من مصادر مختلفة مثل العمل، والاستثمارات، والملكية العقارية، وغيرها.
بعد جمع البيانات، يتم تحليلها للحصول على القيمة المتوسطة للدخل الفردي. من ثم يمكن استخدام هذه القيمة لحساب مؤشر الدخل الفردي وفقًا للصيغة المحددة، والتي قد تشمل معاملات لتصحيح التضخم أو توزيع الدخل. تسمح هذه العملية بمقارنة متوسط دخول الأفراد عبر الزمن أو بين مجتمعات مختلفة.
الا أنه مع التطور التكنولوجي الحاصل والمتسارع، وتطور اقتصاد البيانات والذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء… اصبح اليوم مؤشر الدخل الفردي غير منصف بتاتا في ترتيب الدول على مستوى مؤشر التنمية البشرية، فالاقتصادات القوية رغم الأزمات المصطنعة والتقلبات المناخية والازمات الاقتصادية تبقى محافظة على مستوى تقدمها في مؤشر التنمية البشرية لكونها تتوفر على أدوات خلق الثروة والأهم انها تتوفر على منهج صناعة أدوات الثروة عكس الدول الفقيرة والنامية أو السائرة في طريق النمو، فإن اقتصادياتها غير مؤهلة لركوب الموجة الجديدة وبالتالي تتأثر اقتصاداتها بشكل كبير بالازمات العالمية سواء الاقتصادية أو الصحية أو حروب أو كوارث طبيعية مما يزيد من تفاقم حدة اقتصادياتها المحلية نتيجة ضعف تنافسية مقاولاتها المحلية وتعقد مساطر الاستثمار وغياب الكفاءات المطلوبة والاقتصاد غير المهيكل مما يزيد من اقتراضها للديون الخارجية وعجزها التجاري وهذا يؤثر بشكل كبير على الدخل الفردي، كما أن عدم الزيادة والانفاق في البحث العلمي والتطوير والابتكار وعدم توظيف التكنولوجيا الحديثة في الاستثمار وخلق بنية تحتية تكنولوجية كلها عوامل تساهم في تراجع الدول الفقيرة والنامية إلى ذيل التصنيف.
إن حساب مؤشر الدخل الفردي عن طريق استخدام مجموع مداخيل الدولة مقسومًا على الكثافة السكانية لحساب متوسط الدخل الفردي، فهو غير منصف بتاتا لأن هذا النوع من القياس يُعبر عن متوسط مدخول الدولة للأفراد في المجتمع بناءً على إجمالي الإيرادات التي تجنيها الدولة ومقسومًا على عدد السكان. وبالتالي يُفترض أن هذه الإيرادات تشمل جميع مصادر الدخل للدولة مثل الضرائب والرسوم والعوائد من المشاريع الحكومية، كما أن حجم الاستثمارات التي تقوم بها الدول لا يمكن لها أن يكون لها أثر على المدى القريب فالآثار تبدأ في الظهور على المستوى المتوسط والطويل، كما أن هذه الاستثمارات تتعلق بمناخ الأعمال ضمن البلد وما تقدمه الدول من امتيازات وشروط تفضيلية لجلب الاستثمار والمستثمرين، كما أن الزيادة في الإنفاق في ميزانية البحث العلمي والتطوير والابتكار تساهم في الدخل الفردي على المستوى البعيد، وبالتالي اليوم وجب تجاوز مقاربة تصنيف الدول على مؤشر الدخل الفردي واعتماد مؤشرات مضبوطة ومنصفة للجميع مثلا : مؤشر حجم الاستثمارات المخصصة من طرف الدولة في المجالات الاستراتيجية والحيوية المستقبلية، مؤشر تكلفة الإنفاق على البحث العلمي والتطوير والابتكار، مؤشر حجم التعلم الذاتي لدى الأفراد، مؤشر استخدام التكنولوجيات الحديثة في تحسين جودة العيش… وبالتالي هاته المؤشرات ستساهم لا محالة في زيادة الدخل الفردي.
خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير
تعليقات الزوار ( 0 )