Share
  • Link copied

مؤثرو المواقع ودبلوماسية الواقع!

في إحدى الجامعات الخاصة بالرباط، والتي احتضنت لقاء علميا لتقديم عمل أكاديمي من إنتاج باحث مغربي حول قضيتنا الوطنية ومسارها الديبلوماسي، وأثناء تفاعل الحضور قام أحد الحاضرين بمقارنة لا تستقيم، في سياق يستوجب نذرا قليلا من الواقعية و لايتجاوز حدود المنطق والعقل، بين العمل الديبلوماسي لوزارة الخارجية في مدة تزيد عن خمسين سنة وتراكماتها مع كل التعقيدات التي تتحكم فيها منظومة من المعطيات والمعلومات والقرارات والعمل القاعدي الاستخباراتي و ما يقوم به يوتبر عبر ما يكتب أو ينشر في مواقع التواصل الإجتماعي الحديثة العهد والموجهة للجمهور العريض عبر فيديوهات أو تدوينات خصوصا إن كان من المقيمين بالمغرب من جنسية أخرى (…).

وهنا يطرح السؤال: أليس هذا الكلام عبثيا إذا علمنا أن صاحبه له انتماء للحقل الصحفي والإعلامي؟ أن يقابل هذا الموقف بالصمت من طرف نخب ومثقفين حضروا اللقاء أو أطروه وتلقفته أسماعهم ولم يسجلوا موقفا أو ردا أو تصويبا لمن قام بتوجيه سهام التبخيس برعونة لمؤسسة وزارة الخارجية وعملها خلال خمسين سنة وما حققته من مكتسبات بأطرها وميزانيتها، وتصنيف ذلك في المرتبة الأدنى مقارنة بعمل ناشط يوتوبر (…) أو صحفي من بلد آخر يقيم بالمغرب لا نرى غير إطلالته عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو قناة تلفزيونية قد يعبر فيها في بعض المرات عن مواقف لا تتوافق مع وجهة فئة كبيرة من المغاربة مثلا قوله بأن اعتذار الصحفي الجزائري الذي سب المغاربة في قناة جزائرية خطوة في الاتجاه الصحيح … هو رأي !! رغم أن حرية الرأي حق مكفول له في المغرب وقد لا يكون الأمر كذلك في بلده الأصلي!!

أفترض حسن نية أن صمت من حضروا هذا الجمع اتجاه هذا الكلام غير المسؤول يدخل في باب التجاهل وعدم إيلاء الاهتمام به إلا أنه من باب المسؤولية خصوصا وأن ما قيل تم بثه مباشرة يستوجب وضع نقطة نظام حتى لا تمر هذه المغالطة في رحاب جامعة رائدة ومحترمة، وتختلط ديبلوماسية الواقع التي حققت مكتسبات فعلية ملموسة عبر سلسلة الاعترافات المؤثرة من طرف القوى العظمى كان آخرها الاعتراف الفرنسي الذي أحدث رجة في منظومة النظام العسكري الجزائري وخلق توازنات جديدة بالمنطقة حسمت هذا النزاع وهو ما يدفع إلى إنتاج واقع يشابه ما حدث في شرق آسيا عبر نموذجين جارين متناقضين بين المغرب كبلد يشبه نمو وتطور كوريا الجنوبية والجزائر كبلد منغلق ومنعزل يشبه كوريا الشمالية، مع يتم نشره عبر مختلف المنصات من طرف المؤثرين على وجه الخصوص القادمين من بلدان أخرى وهو ما لا يستقيم عمليا وعلميا.

إن كان لمواقع التواصل دور في إيصال المعلومة، كما هو دور الصحافة والإعلام، فلا يجب أن يعتقد البعض أن هذا الدور يوازي دور مؤسسات لها بنيتها واستراتيجيتها وتخضع لرؤية وتوجيهات سامية من أعلى سلطة في البلاد في مجال محفوظ لجلالة الملك وفق مبادئ دستورية وأعراف وآليات تنظيمية، وهو ما يختلف عن ما يقدمه المؤثرون تحت شعار ما يطلبه المشاهدون.

Share
  • Link copied
المقال التالي