لا تقلقوا ولا تحزنوا ولا تهنوا فقد قمتم بالواجب وزيادة في حدود ما يسمح به القانون، وكفانا من جلد الذات، واليأس فلقد أبنتم أيها المحامون النشامى الأشاوس والمحاميات البواسل الكواسر، عن شجاعة وصمود ونضالية وتضامن وإيثار منقطع النظير أفتقدته هيئات سياسية حزبية، وجمعيات المجتمع المدني وهيئات مهنية أخرى، فغدوتم رمز.
النضال، والشهامة، ولكن الواقع صلب صلد كجلمود صخر، وفوق طاقتكم لا تلامون، فقد كان هامش المناورة ضيقا وأفق الحراك محدودا، مسقفا، ولم يكن بإمكان الدولة أن تتراجع عن قرارها مهما كانت قوة ونزاهة. وأخلاقية ونبل المطالبين، ويكفي نصرا أن يعهد امر التلقيح وتدبيره لمؤسساتنا المهنية، فحقا نحن لم نكن في خلاف أو صراع مع الدولة بخلفية سياسية ولكن كان خلافا حول تأويل وتفسير القانون ونضالاتنا كانت من أجل الحرية والكرامة والاستقلالية وحق المواطن في العدالة، وبالتالي فقصدنا كان نبيلا ووطنيا، يهدف إلى تحصين المكتسبات الحقوقية، وليس من أجل مصالحنا الخاصة أو تحقيق امتياز لنا دون سائر المواطنين، كما حاول البعض ان يصور، فالمحامون اكثر الناس حرصا على سيادة القانون وحفاظا على وحدة واستقرار، الدولة، وهي مستقرة ضاربة جذورها في عمق التاريخ في تمازج رائع بين العنصر الأمازيغي والعربي والإفريقي، وتعايش وتسامح بين االدين لاسلامي والمسيحي واليهودي منذ عهد الأدارسة الى المرابطين الى الموحدين والسعديين والوطاسيين والمرينيين وصولا الى العلويين، شجرة ثابثة اصلها ثابت وفرعها في السماء، لا يمكن لأحد أن يزعزعها ، فهي كالطود. العظيم راسخة رسوخ الجبال، ونحن من هذا الوطن واليه، نحبه حبا جما ونفديه بأرواحنا، واموالنا، ففيه مولدنا ومعاشنا ومماتنا ،ومستقبل أبنائنا، ويحذونا الأمل في أن يصبح دولة ديمقراطية عادلة قوية متقدمة تنتمي إلى العالم الحر ويتمتع المواطنون فيه بالرفاهية والسعادة ،والسؤدد ورغد العيش.
وبالتالي فالمحامون مواطنون صالحون ينتمي أغلبهم إلى الطبقة المتوسطة ناشطون سياسيون كل من موقعه وقناعاته الفكرية والأيديولوجية فيهم الليبرالي واليساري والاسلامي واليميني المحافظ ويشكلون جزءا مهما من الانتليجينسيا المثقفة المغربية وهم بصفتهم المهنية، لا ينازعون الحكومة حقها في تدبير الشأن العام وقد فوض لها الشعب هذا الحق عن طريق آلية الانتخاب، وهو من له الحق في محاسبتها عند نهاية ولايتها، ربطا للمسؤولية بالمحاسبة ، ولكن هذا لا يسحب الحق كذلك من المواطنين في المعارضة ، والاقلية والهيئات المهنية في حق الانتقاد والاحتجاج السلمي.
لأجل كل ذلك لقد حققتم انتصارا أيها المحامون والمحاميات حينما اسمعتم صوتكم عاليا للقاصي و الداني ، وأبنتم عن معدنكم النفيس ،الذي نفضتم عنه غبار. السنوات العجاف من الصمت، والانكباب على اليومي الخبزي وتخلصتم من أنانيتكم وذاتيتكم لغاية الصالح العام ، فلا يهم. ماهي النتائج التي حققتموها، وهذا لا يعفينا من القيام بنقد ذاتي حقيقي وصارم ، لبعض مظاهر الفساد والانتهازية. والقضاء على الاحتكار، بتطوير العمل من المكاتب الفردية الى الشركات المهنية وتجويد العمل والتخصص فلم يعد بإمكان المحامي ان يعمل منفردا. في ظل مستجدات الوضعية الوبائية وعالم ما بعد كورنا ليس هو عالم ما قبله.
ولذلك وختاما. أقول لا تقلقوا انتم الأمل والحسن الحصين تشكلون مع المواطنون في باقي القطاعات كالبنيان المرصوص ، لقد انتصر الوطن. بكم، فنحن لم نكن في صراع من أعداء ،إنما هي امنا الأرض تخاصمنا ونبيت آخر. الليل في حضنها تحرسنا وتحمينا، طبتم مساء وتصبحون على وطن عظيم قوي بكل أبنائه وأطيافه على وطن جميل من حقوق وديموقراطية وعدالة. وامل. قد أديتم الأمانة وبلغتم. الرسالة وشهد عليكم المواطنون.
محامٍ بهيئة القنيطرة
تعليقات الزوار ( 0 )