Share
  • Link copied

كيف يتعامل المغرب مع تهديد الخلايا الإرهابية المرتبطة بتنظيم داعش في منطقة الساحل؟ (تقرير)

كشفت مجلة “لوبوان” الفرنسية في تقرير مفصل عن تفاصيل مثيرة تتعلق بعملية تفكيك خلية إرهابية في المغرب، كانت على وشك تنفيذ هجمات إرهابية قبل أن يتم إجهاض مخططها بفضل جهود المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ)، الذراع الأمني المغربي في مكافحة الإرهاب منذ عام 2015.

وتكشف العملية التي تم الكشف عنها عن تحولات استراتيجية في أساليب الجماعات الإرهابية، لا سيما تلك المرتبطة بتنظيم “داعش” وامتداداته في منطقة الساحل الأفريقي.

خلية إرهابية بقيادة ثلاثة إخوة: “الجهاد الفردي” و”الذئاب المنفردة”

وكانت الخلية الإرهابية، التي ضمت أربعة أفراد بينهم ثلاثة إخوة، تخطط لتنفيذ هجمات إرهابية باستخدام أسلوب “الجهاد الفردي” وتكتيك “الذئاب المنفردة”، وهو نمط تشهد عليه العديد من الخلايا التي تم تفكيكها في المغرب في السنوات الأخيرة.

ووفقًا الشرقاوي حبوب، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، فإن هذه الخلايا تعتمد على هجمات منخفضة التكلفة لكنها ذات تأثير كبير، باستخدام عبوات ناسفة بدائية وأسلحة بيضاء أو نارية.

والخلية، التي تم اعتقال أفرادها في منطقة حد السوالم، كانت على اتصال مباشر مع عناصر من تنظيم “داعش” في منطقة الساحل، حيث تلقى أعضاؤها تدريبات عن بعد حول صناعة المتفجرات واستراتيجيات الهجوم وتقنيات التخفي.

وتكشف هذه الروابط عن تحول خطير في استراتيجيات الجماعات الإرهابية، التي لم تعد تقتصر على مناطقها التقليدية، بل تسعى إلى التمدد نحو المغرب العربي.

الساحل: القاعدة الخلفية الجديدة للإرهاب

وأصبحت منطقة الساحل الأفريقي بؤرة جديدة للإرهاب، حيث تستغل الجماعات الإرهابية الفوضى الأمنية والضعف المؤسسي في دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ووفقًا لتقارير استخباراتية، فإن أكثر من 40 خلية إرهابية مرتبطة بتنظيمي “القاعدة” و”داعش” تم تفكيكها في المغرب، جميعها تعمل بنفس النمط: التطرف عبر الإنترنت، الاتصال بعناصر إرهابية في الساحل، وتخطيط الهجمات.

ومنذ نهاية عام 2022، انضم أكثر من 130 متطرفًا مغربيًا إلى الجماعات الجهادية في الصومال والساحل، حيث تمكن بعضهم من الوصول إلى مناصب قيادية.

وتثير هذه الظاهرة القلق، خاصة في ظل تزايد نفوذ الجماعات الإرهابية في المنطقة بعد الانقلابات العسكرية الأخيرة التي أضعفت الحكومات المحلية.

التطرف العائلي والتجنيد الإلكتروني: تهديدات جديدة

وما يميز هذه الخلية الإرهابية هو طابعها العائلي، حيث كان ثلاثة من أفرادها إخوة. هذا النمط من التطرف العائلي يزيد من صعوبة اكتشاف الخلايا الإرهابية، حيث تعمل هذه الأسر كملاذات أيديولوجية مغلقة.

بالإضافة إلى ذلك، لعبت منصات التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني دورًا رئيسيًا في تجنيد وتدريب أفراد الخلية، حيث يتم تبادل مقاطع الفيديو الترويجية لتنظيم “داعش” وتعليم تقنيات الهجوم.

وتمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي يمتلك وحدة متخصصة في مراقبة الفضاء الإلكتروني، من تعقب هذه الخلية من خلال تحركات مشبوهة وشراء مواد كيميائية غير عادية واتصالات مع أفراد تحت المراقبة. ومنذ عام 2016، تم اعتقال أكثر من 600 فرد تم تجنيدهم عبر الإنترنت في المغرب.

استراتيجية مغربية شاملة: الأمن والإصلاح الديني

ولا تقتصر جهود المغرب على الجانب الأمني فقط، بل تشمل أيضًا إصلاحًا دينيًا يهدف إلى تعزيز الإسلام المعتدل. وتم إنشاء مجالس علمية إقليمية للإشراف على الخطاب الديني، كما تم إطلاق برنامج “مصالحة” في السجون لإعادة تأهيل المتطرفين.

ومنذ إطلاقه في عام 2017، ساهم البرنامج في إعادة إدماج 177 سجينًا، دون تسجيل أي حالات انتكاسة.

وعلى الصعيد الدولي، يلعب المغرب دورًا رئيسيًا في مكافحة التطرف من خلال تدريب الأئمة والوعاظ من دول أفريقية وأوروبية. ومعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين، على سبيل المثال، يستقبل مئات الطلاب سنويًا لنشر الإسلام الوسطي.

تحديات مستقبلية

ورغم النجاحات التي حققها المغرب في مكافحة الإرهاب، إلا أن التحديات تظل كبيرة. حيث إن قرب المغرب من منطقة الساحل، التي أصبحت بؤرة للإرهاب العالمي، يعرضه لتهديدات مستمرة.

وأشارت المجلة الفرنسية، إلى أن الخبرة الأمنية المغربية وإستراتيجيتها الشاملة في مكافحة التطرف تظل نموذجًا يُحتذى به على المستوى الدولي.

وتؤكد هذه العملية أن التهديد الإرهابي لم يختفِ، بل يتطور باستمرار، مما يتطلب تعاونًا دوليًا أقوى واستراتيجيات أكثر فعالية لمواجهة هذا الخطر المتزايد.

Share
  • Link copied
المقال التالي