يعيش سوق مليلية في مدينة وجدة، على وقع ركود اقتصادي غير مسبوق، وهو ما جعل التجار يتجرعون المعاناة، سيما في ظل جائحة فيروس “كورونا”، فيما يفكرون في إغلاق أبواب محلاتهم التجارية والدخول في عطالة إجبارية، وذلك أمام تفاقم الأزمة التجارية التي ساهم فيها توقف نشاط التهريب عبر الشريط الحدودي المغربي-الجزائري المغلق منذ عام 1994.
ويشتكي عدد من تجار السوق المتواجد وسط مدينة الألف سنة من تدهور الحركة التجارية، والانعكاسات السلبية لفيروس “كورونا” على القطاع، قائلين إن هذا الأمر انعكس سلبا على العديد من الأسر التي كانت تتخذ من التهريب وسيلة لكسب قوتها اليومي، وأصبحت اليوم تتجرع المعاناة في صمت، أمام عدم الاهتمام بهذا القطاع من قبل المسؤولين.
وقال التجار في تصريحاتهم لجريدة “بناصا”، إنهم حافة الإفلاس، كون الوضع التجاري بالسوق أصبح يرثى له، وهو ما دفع عدد كبير منهم إلى إغلاق محلاتهم التجارية، بفعل تراكم الضرائب والديون، مشيرين إلى أن تجار آخرين أغلقوا محلاتهم وسافروا نحو مجموعة من المدن.
ويربط التجار موضوع تدهور الحركة الاقتصادية بوجدة بالحدود المغربية الجزائرية، إذ يطالبون بفتحها من أجل إنعاش الحركة الاقتصادية بالمنطقة، أمام انعكاساتها السلبية على الوضعية الاقتصادية بجهة الشرق.
وبدورهم يعاني شباب مدينة وجدة من مشكل البطالة، خاصة وأنهم ارتبطوا لمدة طويلة بنشاط التهريب عبر الحدود، إلا أن توقف هذا النشاط انعكس عليهم سلبا، وجعلهم يعانون من البطالة، في ظل غياب المشاريع الاقتصادية بالمدينة.
وكان معاذ الجامعي والي جهة الشرق، عامل عمالة وجدة أنجاد، قد قال العام الماضي، في لقاء “أسبوع الطالب” الذي احتضنته جامعة محمد الأول بوجدة، إن “معضلة التشغيل تقع في صلب اهتماماتنا اليومية وهي تساءلنا جميعا كل من موقعه، سواء مؤسسات عمومية، منتخبين، قطاع خاص ومجتمع مدني، نظرا لانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية السلبية والمباشرة”.
وأكد والي جهة الشرق، أنه رغم المجهودات التي بذلت في السنوات الأخيرة فإن تزايد عدد العاطلين بمختلف أصنافهم حد من النتائج والآثار الإيجابية المتوقعة لمختلف المخططات القطاعية والمبادرات الإنتاجية الخاصة.
وأبرز معاذ الجامعي، ان المؤشرات الرقمية لازالت مقلقة بل مخيفة في العديد من المناطق التابعة لجهة الشرق وخاصة منها المناطق الحدودية، والتي ارتبط اقتصادها لفترة طويلة بالحدود و الاقتصاد غير المهيكل بصفة عامة، بالإضافة إلى الانعكاسات الناجمة عن إغلاق المناجم، و توالي سنوات الجفاف.
وأشار معاذ الجامعي إلى أن حل الإشكاليات المرتبطة بالتشغيل يبقى رهينا بوضع مخطط تنموي شامل للمنطقة، يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الحدودية لجهة الشرق، وبعدها الجغرافي، وضعف القدرة التنافسية و الإستقطابية للاستثمارات الخاصة الكبرى، ويمر وضع هذا المخطط عبر التفكير في المحاور التالية المتعلقة بالرفع من الاستثمار العمومي بجهة الشرق لجعلها رافعة ومحفزا للإستثمار الخاص.
وكان حريق مهول، قد شب شهر غشت من سنة 2011 بسوق مليلية وخلف خسائر مادية كبيرة في صفوف التجار قدرت ب”الملايير”، حيث أتت ألسنة اللهب على جميع السلع التي كانت موجودة به، والذي كان يضم الملابس والأحذية والتجهيزات المنزلية والالكترونية.
وجرى فتح السوق، يوم 2 مارس سنة 2013، حيث عاد حوالي 2000 تاجر إلى فتح محلاتهم التجارية لتدب الحياة من جديد في هذه المعلمة التجارية التاريخية بمدينة الألفية.
ويوجد السوق على مساحة قدرها 15000 متر مربع، وروعي في إعادة بنائه مجموعة من الضوابط لتفادي المشاكل التي كان يعرفها من قبيل الفوضى في عرض السلع، إضافة إلى استعمال الطاقة الكهربائية، ليتحول من تجمع فوضوي عشوائي إلى سوق نموذجي بمواصفات حديثة، ويتوفر على 23 مدخلا مجهزا بصناديق أنابيب الإطفاء وكاميرات المراقبة.
ويتوفر السوق على 1107 محلا، تم إنجازها بمساهمة مجموعة من الشركاء، ساهمت الجماعة الحضرية لمدينة وجدة بمليار سنتيم والتجار بمليار و460 مليون سنتيم والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بغلاف مالي قدر بحوالي 320 مليون سنتيم.
تعليقات الزوار ( 0 )