Share
  • Link copied

كورونا والنجوم!

لاتنتهي دروس كورونا، فالحدث غني بالعظات والعبر، ومن بينها أنه سيعاد النظر في مفهوم النجم. فالنجم في العصر الحالي هو لاعب الكرة في أشهر فريق رياضي والذي يتقاضى الملايين من الدولارات شهريا، تصل إلى عشر ملايين اورو في الشهر عند نجوم البارصا والريال مثلا، او أشهر لاعب ضمن فريق الهارليم او عموم البطولة الأمريكية NBA، فهناك لاعب مثلا يتقاضى 34 مليون دولار سنويا، وهو ستيفن كوري، ولبرون جيمس الذي يتقاضى 33مليون دولار، ناهيك عن لاعبي الهوكي والبيسبول.

وأما نجوم السينما ممن يفرش لهم البساط الاحمر في هوليود، فحسب مجلة فوربس الامريكية، فعشر ممثلين من نجوم السينما تقاضوا سنة 2017 لوحدها 488 مليون دولار، اي بمعدل 48,8 مليون للمثل الواحد، (4,5) مليار سنتيم مغربية في الشهر. وأما عالم الملاكمة فما يتقاضاه ملاكم واحد في نزال واحد يفوق ما يتقاضاه عالم باحث في مختبر طيلة حياته، يكفي ان نذكر هنا الملاكم شاؤول ألفاريز كانيلو الذي تقاضى عن 11 نزال 365 مليون دولار، ناهيك عن عروض الإشهار والهدايا الفاخرة التي لاتقدر بثمن كالسيارات الفارهة واليخوت والفيلات في افضل الجزر العالمية لقاء صورة هنا مع هذا الثري أو توقيع لإحدى شركات التسويق العالمية… إنه سعار أصاب الإنسانية غلفته الرأسمالية المتوحشة بمغالطة كبرى إسمها النجومية!

إنه أسلوب شيطاني هذا الذي يجعل مئات الملايين من الشباب والكهول يجلسون الى المقاهي في عشية واحدة ويعطلون انشطتهم مقابل متابعة هذا النجم او ذاك، بل إن الراسمالية المتوحشة لتضمن ديمومة فلسفتها ربطت هذه الفرجة بريع اقتصادي، وربطتها بدورة اقتصادية تعود ببعض الفائدة على القنوات وارباب المقاهي من خلال حقوق البث والإشهار. وكأني بأحد المعلقين وهو يرفع صوته بعد تسجيل هدف ما والملايين من الناس تموج هنا وهناك كأننا ربحنا معركتنا الوجودية.

حلت كورونا كالصاعقة على هذه الدورة الاقتصادية الشيطانية، وحلت على كل هؤلاء النجوم وغيرهم، لقد خفت نجمهم، وتواروا للخلف وذهبوا بركام من الاموال دون ان تعود بنفع ما للبشرية وما يتهددها الآن… بل إن بعضهم يحاول أن يحفظ شيئا من ماء وجهه بتبرعات هنا وهناك للتغطية على فظاعة الامر.

لقد تعلقت افئدتنا وافئدة أبنائنا بنجوم الأوهام، بالمقابل من اطفالنا من يعرف يعرف البارين بالإنسانية ومن أنقذوها من اخطارها الوجودية؟، بل من منا من يعرف رونالد روس الذي انقذنا من الملاريا؟!!، او كاميلو كولجي الذي وضع الاصبع على الخلل الذي قد نعاني منه في جهازنا العصبي، او العالمين الذين اكتشفا لنا الانسولين، وتصوروا معي لو افقنا على عالم بدون انسولين ماذا يمكن ان يقع؟ وذاك الهولندي الذي اكتشف الية للتخطيط القلبي. والنمساوي كارل لاندشتاينر الذي عرفنا بفصائلنا الدموية…ومن وضع لنا الية لإجراء الأشعة المخبرية للتعرف على كسورنا… وفرانسوا سينوسي الي اكتشف فيروس نقص المناعة المكتسبة، واللائحة طويلة.

إنهم الأجدر بالبلاط الأحمر والأجدر بأن تكتب أسماؤهم على جدران ومسلات العواصم العالمية الكبرى … بل ينبغي ان يوضع تمثال لكل إسم منهم في كل مدينة مدينة، وليتعلق أطفالنا بهاته الاسماء بدل الأخرى التي خربت عقولهم ونخرت إرادتهم، وتلاعبت برغباتهم.

من من أطفالنا وشبابنا يعرف هؤلاء وغيرهم؟!.. لكنهم يعرفون حتما لاعبي الكرة وبكل تفاصيل حياتهم الشخصية… بل ونعرف ايضا نيبا وباطما وكل من تم تنجيمهم في برامج التفاهة عندنا.

يبقى العلم والعلماء الأولى بالنجومية من كل هؤلاء، فالعلم يرفع بيوتا (دولا) لاعماد لها، والجهل يهدم بيت العز والشرف. فكل صغير وكبير الآن إلا ويضع يده على الفؤاد وينتظر الهدف الذي سيعلن هنا أو هناك ضمن مباراة كبرى تشارك فيها المختبرات العلمية الكبرى.. وتتنافس وتتسابق… وليخسأ النجوم التافهون ومن ملأوا رؤسنا ضجيجا واوغلوا في تخديرنا.

وفي انتظار من ينقذنا من أزمتنا الوجودية، كل نجم وأنتم بألف خير!

Share
  • Link copied
المقال التالي