هل امراض الاغنياء هي نفس امراض الفقراء ؟
وهل امراض دول الشمال هي نفسها بدول الجنوب الفقيرة ؟
ربما جغرافية المرض عبر العالم تكشف ان الاوبئة و الامراض ليست عادلة، و انها تهاجم المواطن الفقير و الضعيف،و ان الاغنياء اكثر حصانة و حماية من الاوبئة و الامراض بسبب حصونهم واسوارهم العالية، مما يقود الى فرضية ان للاغنياء امراضهم , و للفقراء امراضهم كذلك.
منظمة الصحة العالمية كشفت في تقرير لها سنة 2011 ان امراض دول الشمال ليست هي امراض الجنوب ،و هو مؤشر يعكس ان الوضع الاجتماعي و الاقتصادي محدد اساسي في تحديد طبيعة و نسبة الامراض.
التمثلات الشعبية تكشف و تتبنى هذا المعتقد ، لدرجة ان الفقراء لا يعرفون حتى سبب موت احدهم،عبر عبارات دالة عن سبب الموت،حيت عبارة : “معرفناش باش مات ” .
فيروس كرونا ، باعتباره فيروسا معولما ، فهو عابر للحدود و للثقافات ، و الاكثر من ذلك فيروس عادل ، لا يفرق و لا يميز بين احد ، هو شبيه بالموت لا يسثتني احدا .
حين تطالع قصاصات الاخبارتكتشف ان الفيروس دخل الى الى اكثر من 130 دولة دون تمييز ، و انه اصاب الجميع و دون تميز كذلك ، الاطفال و الشيوخ و الفقراء و الائمة و الوعاض و المثليين و الشواذ و الاغنياء و الفقراء و الروؤساء و الملوك .
لنكون امام و وباء تخطى جميع الحواجز، واخترق كل الجدران والأسوار، وقهر كل بروتوكولات الحماية والوقاية التي يتمترس وراءها الاغنياء و المترفون و جعل الجميع تحت سيطرته .
الكوارت الطبيعية مثل الزلازل و البراكين و الفيضانات و العواصف و التسونامي تدمر منطقة دون اخرى وهي بذلك انتقائية عكس فيروس كورونا الذي دمقرط فعل الوباء و الاصابة .
في تقرير لمنظمة الصحة العالمية سنة 2011 اعتبر ان أمراض الفقر هي الإيدز والملاريا والسل ، وتقدر نسبة انتشار مرض الإيدز في الدول النامية بمعدل 95% من الانتشار العالمي فضلا عن 98% من الإصابات بالسل النشط كما أن 90% من نسبة الوفيات بسبب الملاريا تحدث في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وتتسبب هذه الأمراض الثلاثة معا بنسبة 10% من الوفيات في العالمكما أن هناك ثلاثة أمراض إضافية تشمل الحصبة، ذات الرئة وأمراض الإسهال عادة ما ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالفقر.
كما ان وفيات الرضع ووفيات الأمهات منتشرة بشكل أكثر بكثير بين الفقراء. على سبيل المثال، إن نسبة 98 % من 11.600 من الوفيات اليومية للأمهات وحديثي الولادة تحدث في البلدان الفقيرة . و ان امراض الفقر تقتل سنويا حوالي 14 مليون شخص .
اما الاغنياء فلهم امراضهم و التي ترتبط بماهو نفسي فين امراض الفقراء عضوية ، في ذات السياق اكد الطبيب و لسياسي الانجليزي دفييد اوين و الذي شغل منصب وزير الخارجية في كتاب له تحت عنوان “في القوة و وفي المرض” يعود إلى السجلّات الطبّية لبعض الرؤساء والمسؤولين ليتناول، من خلالها، سلوكهم حين يكونون مرضى وفي موقع السلطة. ويحاول، استكشاف العلاقة بين النظاموطبيعة السلوك الإنساني للقادة وقد اختار كعيّنة لهذه الدراسة قادة ورؤساء حكموا ما بين 1901 و 2007.
في ذات الكتاب يفسر اوين شخصية الرئيس الامريكي بوش و غزوه للعراق و اصابته ب” “متلازمة الغطرسة”، الواقائع التي تتاكد يوما بعد يوم ، و الاخبار المتتالية تكشف ان فيورس كورونا لا يصيب الفقراء وحدهم ، انه فيروس عادل و ديموقراطي فهو لا يعتدي على احد و لا يبحث عن ضحاياه ، بقدر ما نجد ان الضحايا هم من يبحثون عنه حين يتخلون عن شروط السلامة و الوقاية منه.
خصوصية الفيروس انه كاشف للحقيقة , و مزيل للاقنعة عن انظمة كانت تقدم نفسها انها تحمي القيم الانسانية و ناضل من اجلها ، دول عظمى تخلت عن كل القيم و اصبحت تعترض السفن لقرصنة المواد الطبية ، و تخلت عن كبار السن و تتركهم في مواجهة مباشرة مع الموت بعد افلاس انظمتها الصحية ودخلت مرحلة طب الحروب دون حرب .
ربما هو فيروس اكثر انصافا ، لان اكبر عدد من ضحاياه من الدول الغنية و التي كانت تقدم نفسها ان النموذج المثالي للتقدم و الرفاهية و جودة الخدمات الصحية ، بالمقابل مع قلة الضحايا في بلدان الجنوب و التي يكفي اصابة برد لقتل الكثيرين .
.
تعليقات الزوار ( 0 )