بعد ان تحول الوباء الى جائحة, حقيقية تمكنت من ان تخترق الحياة العامة والخاصة وتعيد انتاج وافراز ردات فعل متلازمة, تجعل منه سيد اللحظة السياسية والاجتماعية بأمتياز, فالخطاب العمومي بجميع ابعاده السياسيةو التشريعية والادارية شغله الشاغل حالة الطوارئ والحجر الصحي والوضعية الوبائية.فمنذ اكتشاف اول حالة موجبة للفيروس جندت الدولة جميع الامكانيات المتاحة, للتعاطي مع هذه الجائحة حيث تم اتخاد 350 اجراء واهمها ,احدات صندوق مكافحة كورنا, مع توجيه الدعم الى 5ملايين اسرة, وصرف اجور منخرطي الضمان الاجتماعي ,والرفع من دعم الاسر من المواد الغدائية ,والتحكم في الاسعار وضبط النشاط الاقتصادي والخدماتي بشكل يتلائم مع اكراهات الازمة لضمان استمرارية الخدمات الموجهةللمواطن بشكل انسيابي محقق للاشباع وملبي للطلب العمومي. فمنذ استشراء الحالة الوبائية, فالدعامة الاساسية للدولة وتحقق انجازها على مستوى الميدان هو مجال السياسات العمومية الاجتماعية باعتبارها هي المرآة العاكسة لدينامية الاشتغال بين الفاعل السياسي صانع القرار, ومحيطه الاجتماعي-المواطن- مستقبل هذا المنتوج او الخدمة العمومية, بحيث ان جل المرافق العمومية استمرت في اداء خدماتها بوثيرة عادية و بشكل يواكب معطيات الظرفية ,سواء عن طريق منصات البث الرقمي كالتعليم الذي انخرط بشكل قوي في منطق الادارة الالكتورنية وخلق مجموعة من الابتكارات والموارد الرقمية التي استطاعت ان تلبي الطلب, وتحيط بالعملية التمدرسية بشكل جيد ,دون تحقق اكراهات مرحلة القطيعة او الفراغ الذي يسببه الانقطاع الشامل للمنظومة التعليمية, وفي نفس الاتجاه شهد قطاع الصحة العمومية انخراط جميع اصنافة سواء العمومية او العسكرية في التصدي لهاته الجائحة,متحملا جميع اعباء وتكاليف الاستشفاء ,وبشكل يراعي المبادى الجوهرية والاساسية للمرافق العمومية وهي المجانية في العلاج والاستشفاء لجميع المرضى كحق دستوري مع توسيع العرض الصحي, ليشمل امكانية اجراء التحاليل المخبرية على صعيد جميع المراكز الصحية الجهوية والاقليمية الكبرى.اما قطاع السلطة العمومية(السلطة المحلية/الامن/الدرك…) بجميع اشكالها وتلويناتها المدنية او العسكرية كقطب محوري وراعي لجميع العمليات الهاذفة الى تأمين سير الاشتغال وفرض اجراءات قانون الطورى على الواقع المجتمعي على مدار 24/24 .كما اتاحت هذه المحطة المهمة في تاريخ البلاد الى اكتشاف اعلام محلي, استطاع رغم ضعف الامكانيات من تغطية جميع الظواهر التي شهدتها حالة الطوارئ وبشكل اقرب للمهنية والاحتراف في المجال. قد تكون الدولة والسلطات العمومية في مرحلة اختبارات حقيقية للوقوف علي مذى جاهزية العديد من المشاريع التي هي في طريق الى الانجاز, كالنموذج التنموي الجديد الذي تعكف لجنته, مند تعينيها على القيام بدراسات ميدانية وانتقائية كمحاولة لمعرفة اسباب الخلل والاخفاق الذي شهدته مخططات وبرامج التنمية في 20سنة الاخيرة فانطلاقا من خلاصات مرحلة الطوارئ, واعتمادا على توجهات السلطات في مواجهة الوباء -كوفيد19- هنا يتجلى مكمن الداء ومربط الفرس , بحيث ان تقييم مقدرات الدولة في تدبير المخاطر ومعالجة الاختلالات التي خلفتها ازمة كورونا على النسيج الاقتصادي والاجتماعي ,من شلل تام لقطاع التشغيل وتوقف جميع المهن الغير المهيكلة التي تهم دخل شريحة كبيرة من المجتمع وبالتالي تفاقم ازمة البطالة, في ضل الحجر الصحي وما يتبعها من صعوبات وضغوطات, فرضت نفسها على مستوى تحديد الخيارات الاساسية والمهمة, خصوصا و ان الازمة اعطت تقييما حقيقيا ودقيقا, لاشكالات التنمية محددة الاولويات منطلقة من تجربة أن التنمية تحث ذريعة الاقتصاد الاجتماعي التضامني التي أثبتت عدم نجاعتها ,وعدم قدرتها على كسب رهان خلق الثروة واحتواء ازمة البطالة ,خصوصا ان معطيات الامية وتخلف البنية التحتية والتفاوتات الطبقية, لازالت مؤشرات ضاربة في الصعود فاحزمة الهامش الفقير تمددت داخل بنيان المجتمع ,فلم تعد مقتصرة على دور الصفيح واحياء فقيرة فالطبقة المتوسطة فقدت تواجدها بسبب شراسة وعنف التمدن العشوائي الذي فرض عليها السقوط في براثن الفقر والانقراض بشكل متدرج الى قاع السلم الاجتماعي…فالتنمية الحقيقية والامنة لها اولويات مادية و قانونية,بالدرجة الاولى, وهنا الحديث عن الارادة السياسية الحقيقية في تقليص الفوارق الاجتماعية, والقضاء علىى بؤر الاستحواذ الطبقي بفلسفة الامتياز الاسثتماري ,خارج الضوابط القانونية. مع رد الاعتبار للمجال المقصي وادماجه بشكل سريع في ركب التنمية, واعطاء الاولوية للبنية التحتية وفك العزلة القروية والجبلية ,عن طريق التاسيس لصناعات تحويلية مجالية قوية والاسثتمار الامثل للثروات الطبيعية… مع الحرص على ضرورة تحقيق توزيع جهوي ومؤسساتي في ان واحد ونحن في السنة الثالتة لتنزيل ميثاق اللاتمركز الذي يجب ان يعطي اولويات اساسية, تهم تغطية مؤسساتية مرفقية وقطاعية لجميع المجال الترابي, وبشكل يحقق عدالة مجالية وادارية حقيقية, تخدم خيار الجهوية الحقيقية المطلوبة بامكانيتها المادية, وامكانتها القانونية و التذبيرية لتنتج سياسات عمومية جهوية, قادرة على التدخل فى الزمان والمكان المناسبين متحررة من اكراهات البيروقراطية المركزية واحيانا كثيرة رهينة تعسف الاجراءات المسطريةالمعقدة.
فاعل جمعوي مهتم بالشأن العام
تعليقات الزوار ( 0 )