شارك المقال
  • تم النسخ

كلاسيكو الدم ! 

بينما يترقب الملايين صافرة البداية لمباراة توصف ب”كلاسيكو الكون”، تنتشر في غزة رائحة الموت، حيث اتفق العالم على أن سكان غزة شهداء ولا مكان لهم في هذه الحياة المضنية. 

هناك، حيث تُقْصَفُ الكاميرات ومن يحملها في محاولة لطمس المشهد الحقيقي، يُكتب كلاسيكو آخر… كلاسيكو الدم والظلم.

يتابع المشاهد بشغف تراقص فقاعة جلدية بين أقدام النجوم، بينما يراقب جنود الاحتلال ما تبقى من أزقة غزة ويخطفون أرواح الأطفال بنقرة زر من بعيد. يتنافسون كاللاعبين على هدفٍ في المرمى، بينما بنك أهدافهم ليسوا سوى أطفال ونساء وأبرياء يصارعون الموت.

 أيُّ تناقضٍ هذا؟ وأيُّ عالمٍ نعيش فيه؟

تتصدر أخبار التشكيلات والتكتيكات أشهر الصفحات العالمية، في حين تدفن الخوارزميات أخبار المجازر والانتهاكات. يتحدث المعلقون عن “معركة” على أرض الملعب، والأصل أن المعركة الحقيقية هي معركة البقاء على قيد الحياة.

في غزة، لا يبحث الناس عن مكان في المقهى، بل عن البقاء. لا يتنافسون على تشجيع البارصا والريال، بل يتسابقون للعثور على رغيف خبز أو قطرة ماء. هناك، حيث يُحرم الأطفال من أبسط حقوقهم، تُنتهك كل المواثيق والأعراف الدولية، وتُداس كرامة الإنسان تحت أقدام الظلم والطغيان.

أيها المتابع الكريم، من حقك الاستمتاع بمشاهدة كرة القدم لكن لا تمنع ضميرك من التساؤل كم طفلاً فارق الحياة خلال الشوط الأول؟ وكم أماً ثكلى فقدت فلذة كبدها في زمن الاستراحة بين الشوطين؟ وكم منزلا تحول إلى ركام في الوقت بدل الضائع؟

إن كلاسيكو الكرة سينتهي بعد تسعين دقيقة، لكن كلاسيكو الدم والدموع يستمر وسيترك ندوبا عميقة في ضمير الإنسانية.

سيحتفل الفائزون، لكن من يواسي الثكالى والأيتام؟ من يعيد البسمة لوجوه الأطفال التي محاها الحصار والخوف والجوع؟

قد تلعب الرياضة دور رسالة سلام وتقارب بين الشعوب، لكنها لا يجب أن تتحول إلى وسيلة للإلهاء عن المجازر والجرائم ضد الإنسانية وأبشع صور الظلم. 

أما آن للضمير العالمي أن يصحو، وللإنسانية أن تستفيق ؟ 

 فالمعركة الحقيقية ليست على المستطيل الأخضر، بل في الدفاع عن الحق والعدل والكرامة الإنسانية.

لا ينبغي للكرة أن تحجب صرخات الأبرياء وأنين المستضعفين.

 فالكلاسيكو الحقيقي هو كلاسيكو الإنسانية ضد الوحشية، كلاسيكو الحق ضد الباطل، كلاسيكو الحياة ضد الموت.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي