المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس، استقرار منطقة الساحل، مواقف روسيا أو الجزائر أو إيران على الساحة الدولية، العلاقة بين المغرب والولايات المتحدة والنزاع في الصحراء، هي موضوعات ذات صلة، ومهمة للغاية سيتحدث عنها جورج لومباردي، كبير مستشاري المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب.
مع أكثر من 30 سنة من الخبرة التجارية والسياسية والأكاديمية، أجرت “أتالايار” مقابلة مع لومباردي، المدير التنفيذي السابق للمجلس الاقتصادي الدولي للتنمية، وذلك بمناسبة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
كتب لومباردي عن الأعمال السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة وإيطاليا. ونال كتابه الأول “Liberta e Progresso Economico”، استحسان النقاد والأكاديميين والقادة السياسيين الإيطاليين. كما نشر “مصفوفة القيمة” وهو كتاب مهم نال الكثير من الثناء من القادة الأمريكيين مثل دونالد ترامب، والسفير السابق لدى إيطاليا ماكس راب، ودانييل أبراهام أستاذ الدراسات السياسية في الشرق الأوسط.
س: في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، يشكل الاستقرار أحد التحديات الكبرى التي تواجه رئاسة ترامب الجديدة المحتملة. كيف سيتصرف للحد من نفوذ روسيا وإيران؟ وما هي استراتيجية ترامب فيما يتعلق باستقرار الساحل؟
ج: خلال السنوات الأربع لرئاسة ترامب الأولى، من 2017 إلى 2020؛ لم تكن هناك حروب، صفر. حتى أنه كان يتمتع بالشجاعة للتدخل في كوريا الشمالية. لذلك تمكن من تطوير علاقات شخصية مع العديد من القادة الدوليين، وخاصة أنه هو الذي جمع – باستثناء إيران – العديد من اللاعبين الكبار في الشرق الأوسط.
وبناء على هذا النجاح السابق، يمكننا أن نكون واثقين من أن إدارته، ستستمر في هذا الاتجاه. ترامب رجل مسالم للغاية. يريد أن يرى السلام في جميع أنحاء العالم، ولكن أكثر من أي مكان آخر، في الشرق الأوسط، وبالطبع في منطقة الساحل؛ لأن منطقة الساحل تمثل امتدادا لطموحات إيران، وقيادة طهران تؤثر بشكل كبير على الحركات المتمردة والثورية، ليس فقط في لبنان، ولكن أيضا في غزة والصومال وجميع أنحاء منطقة الساحل، والجزائر خاصة.
لذلك، يعلم الجميع، وترامب على وجه الخصوص، أن إيران هي بالفعل، الفاعل الرئيسي، وخاصة من حيث التمويل، وراء الحركات المسماة بـ”الثورية”. سأقول لهم: لا تعبثوا مع الولايات المتحدة، ستكون إدارة ترامب مختلفة تماما عن إدارة أوباما في إشارة إلى مرحلة بايدن، التي كانت تخشى إيران تماما، وحاولت بذل كل ما في وسعها لإبقاء إيران سعيدة.
هذه الأنواع من السياسات لا تعمل مع هذه الأنواع من الجهات الفاعلة العنيفة والعدوانية للغاية. ولذلك عندما تولى ترامب السلطة في يناير 2017، أوقفت إيران جميع أشكال العدوان على إسرائيل، وأيضا الدول الأخرى. في الواقع، نحن نعلم أن ترامب سوف يستمر في هذه السياسات.
إن الصراعات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى والصحراء، بما في ذلك، بالطبع، الإرهابيون الذين أرسلهم وكلاء إيران والذين يحاولون زعزعة استقرار أجزاء من المغرب، سوف يختفون على الفور بمجرد وصول ترامب إلى السلطة، دون حتى استخدام القوة العسكرية، وذلك بالنظر إلى القوة الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية.
قُلت الاقتصاد لأن الحقيقة هي أن إيران كانت على حافة الانهيار الاقتصادي لفترة طويلة، حتى في هذا الوقت كان تناول أصغر الأشياء مثل الخبز والحليب باهظ الثمن، بل ومن الصعب العثور عليه في جميع أنحاء البلاد، لذا تواجه القيادة الإيرانية سخطا داخليا.
إيران على حافة الانهيار الاقتصادي، ولولا المساعدة التي تتلقاها من الصين والمنظمات الدولية، وبعضها للأسف حتى من الولايات المتحدة، _ لولا ذلك _ لانهارت بالفعل.
س: وفيما يتعلق بالعلاقة بين المغرب والولايات المتحدة، هل يستطيع ترامب في حالة فوزه بالانتخابات، أن يجمع الجزائر، بطاولة المفاوضات، مع “البوليساريو” لإنهاء نزاع الصحراء؟
ج: لقد كان ترامب صديقا وثيقا جدا، أكثر بكثير من أوباما أو حتى بايدن، من الملك محمد السادس، لأن المغرب، كان صديقا تاريخيا للولايات المتحدة وللدول الغربية في أوروبا. لذلك فإن هذه الصداقة التاريخية ستستمر.
أنا متأكد من أن هناك صداقة قوية بغض النظر عن كل شيء آخر بين ترامب والملك محمد السادس، لأن كلاهما قلقان على بلديهما وشعبيهما، وكلاهما يحاولان السعي إلى السلام والتقدم الاقتصادي.
نعم، يمكن لترامب أن يجمع على طاولة المفاوضات الجزائر و”البوليساريو”، فالولايات المتحدة كدولة ومؤسسة، اقتصاديا وعسكريا، كانت دائمة قريبة جدا من المغرب، وبدرجة أقل بشكل طبيعي من الجزائر وتونس، اللتان كانتا تعتمدان، خصوصا من الناحية الاقتصادية، على فرنسا. إذا فاز ترامب بالانتخابات، أعتقد أنه سيحدث بعض التغييرات الجوهرية في العالم.
س: المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب ستغير السيناريو الجيوستراتيجي لإفريقيا، كيف تنظرون تقيمون المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس؟
ج: لقد قرأت القليل عن هذه المبادرة، حيث قدمها يوسف العمراني، سفير المغرب لدى الولايات المتحدة الأمريكية. لقد كان عرضا جيداً جدا، وأعتقد أن معظم الأمريكيين، وأيضا الزعماء الغربيون، سوف يتفاعلون بشكل إيجابي للغاية مع هذه المبادرة. وكان هناك بالفعل القليل من الدعم من البعض. لكن أمريكا الجنوبية، لسوء الحظ، كولومبيا والبرازيل في الوقت الحالي، غير قادرين على تعزيز التجارة الدولية والمشاريع الحرة.
ولذلك، لا أعرف ما إذا كانت المبادرة ستحقق نجاحا كبيرا في أمريكا الجنوبية، حتى تغير البرازيل وكولومبيا بشكل خاص، قيادتهما، ولكن بحضور ترامب سيتم استقبال المبادر بشكل جيد للغاية، وأعتقد أن هناك أيضا مؤيدين آخرين في كل من إسبانيا وإيطاليا.
ومن الممكن أن تكون إيطاليا القريبة من إسرائيل والولايات المتحدة، شريكا جيداً ومثيرا للاهتمام، لأن لديها الآن حكومة محافظة للغاية. هناك علاقات صداقة وسياحة جيدة جدا، وأعتقد أيضا أنه فيما يتعلق بالمغامرات التجارية والاقتصادية، قد يكون هناك شيء ما في المستقبل، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الأمريكية.
أرى مستقلا إيجابيا للغاية لهذه المبادرة. وقال عمر زنيبر، الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف، إن المبادرة تكتسب أهمية خاصة لأنها تجمع أشخاصا يحملون نفس القيم ونفس الأهداف، وهذا ما يحدث الآن في العالم. دول مثل المجر، إيطاليا، الولايات المتحدة في عهد ترامب، أو اليابان، لديها نفس القيم، ونفس الأهداف، مثل المشاريع الحرة، وحرية التعبير، والديمقراطية الحقيقية وليس الدكتاتورية الشمولية.
لذلك، فإن القيم التي نتشاركها هي أكثر أهمية من الصداقة، لأن الصداقة يمكن أن تتغير في مرحلة ما، بسبب مواقف شخصية أو وفاة شخص ما أو أي شيء آخر، لذلك يمكن أن تكون الصداقة مؤقتة، ولكن مشاركة القيم هي ما يبقي الناس معا لعدة قرون. وأعتقد أن أحد أهم الأمور هو تبادل القيم الثقافية، والقيم الديمقراطية، وقيم الدستور الأمريكي: الحياة والحرية والسعي وراء السعادة، هذا ما يبقي الناس معا حقا.
س: إلى أي مدى يمكن لفرنسا وإسبانيا، إلى جانب الولايات المتحدة، أن تلعب دوراً حاسماً في إغلاق قضية الصحراء في الأمم المتحدة بشكل نهائي؟
ج: سيكون الأمر صعبًا للغاية. لسوء الحظ، في هذا الصدد، ليس لدي الكثير من التعليقات الإيجابية لك. وأخشى أن ما يحدث هو أن بعض الأصدقاء على وجه الخصوص، قد ذهبوا بعيداً إلى اليسار، ولكن قبل كل شيء وقعوا في أيدي أصولية لا علاقة لها بالإسلام، حسب تعبيره.
ومن المؤسف أن الشعب الفرنسي صوت بأعداد كبيرة لصالح اليسار، الذي أصبح له اليد العليا اليوم. ستواجه فرنسا العديد من الصعوبات للسيطرة على هذا النفوذ الذي سيطر الآن على الحكومة.
وفي إسبانيا، الأمر نفسه تقريبًا، والآن لديهم حكومة شيوعية، لكن الشيوعيين يحتفظون بهامش أغلبية صغير جدًا. لذلك، من الممكن أن يحدث تغيير في الحكومة الإسبانية لصالح الحكومة الأكثر محافظة. لذا، بالنسبة لإسبانيا، لدينا بعض الأمل، ولكن الآن، ربما لا يمكننا الاعتماد عليهم كثيراً لأن لديهم مشاكلهم الخاصة، ولا نعرف ما إذا كانوا قادرين على حلها.
ولذلك فإن الشريك الوحيد الذي يمكنني الاعتماد عليه للمساعدة في حل حالة عدم الاستقرار في هذه البلدان وخاصة في صراع الصحراء هو الولايات المتحدة. أما بالنسبة لإيطاليا، وغيرها من البلدان الجيدة مثل بولندا والمجر والنمسا، وحتى ألمانيا إلى حد ما، فيمكنها أن تفعل الكثير في الأمم المتحدة وكذلك مع المنظمات الدولية لحل المشكلة، ومن ثم قيادة الأسس لمستقبل أكثر إشراقا وازدهارا للمنطقة.
(مترجم بتصرف عن أتالايار)
تعليقات الزوار ( 0 )