قراءة أولية..
مع بداية تفعيل مرسوم حالة الطوارئ الصحية بالمغرب (المرسوم بقانون رقم 292.20.2)، و المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية و إجراءات الإعلان عنها، اتخذت “السلطات” المغربية إجراءات صارمة في تدبير الأزمة التي نمر بها و باقي مناطق العالم، نتيجة تفشي الوباء. ومع الوضع الاجتماعي المزري الذي صاحب هذه الجائحة، و الذي مس مختلف القطاعات و المجالات الحيوية الاقتصادية منها و الإجتماعية، تراكمت و ازدادت المشاكل عند عامة الناس.. و من جهة أخرى، فشل السلطة في تدبير المجال و الذي رافقه عشوائية في اتخاذ القرارات.
هنا سأحاول توضيح بعض التأثيرات المجتمعية التي جاءت كنتيجة لسوء التدبير الصادر عن السلطات الإقليمية و المحلية بالحسيمة. إن كان البرتكول الصحي المتمثل في جملة من الإجراءات الاحترازية ك (إلزامية ارتداء الكمامة الواقية و التباعد الجسدي…)، فأمر ضروري أن يكون المواطن-الفرد مُلما بها و على دراية بها، حيث أن هذه النتائج في عدد الإصابات و الوفيات لهي خير دليل على أن الفرد تعَرّف عن الوباء و عن كيفية الاحتراز منه. إضافة إلى تقارير منظمة الصحة العالمية خاصة تلك التي اتجهت صوب محاولة التعايش مع الوباء، و هنا استطاعت مجموعة من الدول الأوروبية و الأمريكية أن تنحو هذا المنحى -التعايش مع الوباء- بخفض بعض القيود، و كل هذا للتنفيس عن المجتمع و عن الفرد.
أضحت الحسيمة أيضا جزءا من الأزمة، حيث تفاقمت عدد الإصابات و الوفايات بشكل سريع خلال شهري نوفمبر و ديسمبر. وهنا كانت الساكنة تعاني نوعا من الأزمة النفسية حول ما تشاهده أعينهم، و أصبحت تحطات دوما من التصافح و لمس الأشياء مع حرصها على ارتداء الكمامات الواقية. و هذا يعتبر درسا استثنائيا لساكنة الحسيمة و إمزورن و باقي المناطق.
لكن و من جهة أخرى، مارست السلطات نوعا من التضييق على المجتمع بتطبيقها الصارم للعقوبات على من لم يلتزم بارتداء الكمامة، وهنا كي أكون واقعيا أكثر؛ هذه المضايقات بدأت بنفس الوتيرة التي هي عليها الآن، أي بدأت صارمة و هي صارمة لحد الآن.
بالمقارنة مع باقي المدن المغربية وهنا أخص مدينة تطوان، نجد أن قوانين حالة الطوارئ الصحية تطبق بشكل صارم، أثناء ارتفاع عدد الإصابات؛ إذ أن السلطات تحاول “أجرأة” القوانين إن صح التعبير، عبر الخوض في عملية التوعية ( موكب من رجال السلطة مكون من القائد و أعوان السلطة و عناصر من القوات المساعدة…) هذا الأسلوب اتخذته السلطات منذ سريان حالة الطوارئ الصحية بالبلاد، إذ تعتبره إجراءا كافيا في توعية الأفراد و الجماعات، إضافة إلى منصاتها الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي. و بالمقابل تنخفض هذه القيود مع تدني مؤشر المصابين، حيث تصبح الحياة عادية إلى حد ما، ارتداء الكمامة فقط في الأماكن المكتظة.
فالحسيمة/إمزورن مثلا؛ تعاني نوعا من الإستثناء، لأنه كما سبق و أن أشرت بأن السلطات منذ أن فَعّلت حالة الطوارئ بالبلاد مازالت تنهج نفس السياسات الأمنية، و بالتالي فهي تسبب في خلق نوعٍ من الخلل داخل البنية الاجتماعية، مما يؤدي إلى “خنق” النشاط و الدينامية الاجتماعية. وهذا يدفعنا أولا إلى التساؤل هل حالة الطوارئ الصحية هي بالفعل تصب في مصلحة المواطن، أم هي وسيلة لفرض وهيمنة السياسة والأفكار “السلطوية” بالمجتمع؟
ثانيا سؤال التموقع الذي شغلنا بشغف، في إطار المستجدات الأخيرة حول تطعيم لجان إقليمية لليقظة الوبائية، بحيث أن لكل عمالة، تستطيع تدبير مجالها الترابي وفق الشروط الموضوعية لذات جغرافيتها، و ذلك وفق ما يسمى بالخفض التدريجي عن المجتمع. هنا نحن بصدد سياسات “لامركزية” حيث أن الوزارات الوصية أو السلطات المعنية، تنازلت عن بعض من اختصاصاتها لصالح العمالات و الأقاليم. و هذا ما يدفعنا إلى التساؤل؛ أي موقع لإقليم الحسيمة في خريطة التطورات الأخيرة؟
تعليقات الزوار ( 0 )