يطمح مشروع قانون المالية لسنة 2024، من خلال إجراء تخفيض الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على إنتاج الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة، إلى تحفيز الاستثمارات، وتعزيز تنافسية المقاولات العاملة في هذا القطاع.
ومن شأن هذا الإجراء، الذي يتماشى مع توجه المملكة نحو تطوير الطاقات المتجددة، أن يشجع على استخدام المزيد من هذه الطاقات، ويساهم، في نهاية المطاف، في الحد من آثار التغير المناخي.
ويتعلق الأمر، عمليا، بالخفض التدريجي للضريبة على القيمة المضافة المطبقة على الطاقة الكهربائية المنتجة من الطاقات المتجددة (طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة المائية..) والتي يبيعها المنتجون، من 14 إلى 12 في المئة، اعتبارا من فاتح يناير 2024، ثم إلى 10 في المئة في سنة 2025.
غير أن هذا الإجراء لا يحظى بالإجماع في صفوف المهنيين والخبراء في هذا المجال، لأنه لا يستهدف سوى عدد محدود من المقاولات.
ذلك ما أشار إليه الخبير المستشار في تدبير الطاقة، سعيد كمرة، الذي أوضح أن هذا التخفيض في الضريبة على القيمة المضافة إلى 12 في المئة، يقتصر على بضع عشرات من مقاولات الجهد العالي.
واعتبر، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “أزيد من 99 في المئة من النسيج الصناعي، بما في ذلك ذي الجهد المتوسط والأسر، غير معنيون بهذا التخفيض في الضريبة على القيمة المضافة، الذي يظل بالتالي ذا تأثير محدود للغاية، ولا يمكن أن يشكل حافزا حقيقيا للاستثمار في الطاقات المتجددة”.
الحاجة إلى وضوح أكبر على مستوى ضريبة الطاقات المتجددة
وتطرق الخبير إلى الضرائب المفروضة على الطاقات المتجددة، مشيرا إلى أنه ينبغي طرح العديد من الأسئلة المشروعة، خاصة تلك التي تتمحور حول توليد الدخل وإخضاعه للضريبة لفائدة أسرة أو صناعة من مصدر طبيعي.
“إن إخضاع الطاقات الخضراء للضريبة أمر ضروري بالنسبة لنا لكون أسعار الألواح الشمسية عرفت انخفاضا بنسبة 34 في المئة في غضون بضعة أشهر، وأن الأمر يتعلق بجعل الأسر وآلاف الصناعات تستفيد من هذا الانخفاض”.
وفي هذا الصدد، ذكر تكلفة الكيلوواط/ساعة للأسر التي تتراوح بين 0,8 درهم/كيلوواط ساعة و1,30 درهم/كيلوواط ساعة، أي بمتوسط كبير يبلغ 1 درهم/كيلوواط ساعة والذي سينتقل إلى حوالي 0,20 إلى 0,25 درهم /كيلوواط ساعة بفضل الألواح الكهروضوئية، مما يعني خفض التكاليف بنسبة 70 إلى 80 في المئة.
واعتبر كمرة أن هذا الدخل ينبغي أن يخضع للضريبة ولا يحتاج إلى أي دعم، وذلك حتى على مستوى الأسر.
كما أكد أن المقاولات المرتكزة حول الطاقات المتجددة في الوقت الراهن، وخاصة مطوري المشاريع الكبرى ذات الجهد العالي، متحفزة بشكل متزايد لإنجاز مشاريع هامة، خاصة بمدينتي الداخلة والعيون، لافتا إلى أن انتقال الضريبة على القيمة المضافة من 14 إلى 12 في المئة يشكل حافزا إضافيا للنهوض بهذه المشاريع.
دعوة لتغيير الإطار القانوني المحدد لمتطلبات النجاعة الطاقية
وبالموازاة مع ذلك، شدد كمرة على ضرورة تغيير القوانين الحالية بغية تشجيع التحول إلى الطاقة النظيفة على نحو أكبر، وهو ما لا يمكن أن يتم دون آلاف الصناعات وملايين الأسر، معتبرا أن نسبة 16,6 في المئة من الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي تعد “متواضعة جدا” مقارنة بالزخم الذي حظي به القطاع منذ سنة 2010.
وفي هذا الصدد، أشار إلى أن الطاقات المتجددة مرتكزة بشكل كبير على الجهد العالي والعالي جدا. كما أورد الخبير أنه في سنة 2010، نصت المادة 26 من القانون 13.09 المتعلق بالطاقات المتجددة على إمكانية بيع هذه الطاقات، مبرزا أنه وبعد مرور 13 سنة لا يمكن لأي صناعة ذات جهد متوسط الاستفادة من الطاقات المتجددة.
ودائما في سياق الجهد المتوسط، فإن المادة 7 من القانون 82.21 المتعلق بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية تفرض الحد الأدنى من القدرة عند 5 ميغاواط، في حين أن الحاجة الصناعية تبلغ 2 ميغاواط، أو حتى 3 ميغاواط على الأكثر. وأكد السيد كمرة أن “هذا الإجراء تسبب في توقف آلاف المشاريع، بما في ذلك، على سبيل المثال، إنتاج الكهرباء من الكتلة الحيوية والفلاحة الكهروضوئية”.
وأضاف أن قانون الإنتاج الذاتي يفرض حدا أقصى قدره 20 في المئة من ضخ الكهرباء في الشبكة، في حين أن الحاجة للضخ يمكن أن تصل إلى 60 أو 70 في المئة، مما يعني ضياع إنتاجية قد تصل إلى 50 في المئة.
تعليقات الزوار ( 0 )