شارك المقال
  • تم النسخ

فيروس “كورونا” يقتل أحلام “المتسولين” بمدينة مراكش

يقتربُ المغيبُ في هُدوءٍ. الناسُ جيئةٌ وذهابٌ، بينما هم يلزمونَ مكانهم كل يوم، قرب شارع الأمير المؤدي إلى ساحة جامع الفنا، إزاء موقف السيارات في طريق الملاح. بعضهم يفترشُ الأرض، والبعض الآخر يجلسّ على كرسيه المتحرك وآخرون واقفون، مهمتهم التسول. يضعون سلات أو علب من “الكارطون”، ليجمعوا فيها المال. جريدة بناصا تحاول درء الفضول ومعرفة ما عاشهُ هؤلاء عندما تم فرض الحجر الصحي على مراكش كباقي مدن المملكة.

تحكي عائشة بملامحها اليائسة لبناصا، ما قاستهُ من ويلات، إبان الحجر الصحي منذ مارس، قبل أن يتم نقلها إلى الخيرية. “كنت كانخرج نسعى ومكنلقاش الناس تا داوني”، تقول بهدوء وهي تجلسُ بمحاداة فندق إلياس.

التسولّ عادة!

إلى جانبها يقفُ رجلٌ خمسينيّ رفض الحديث بالمطلق، فعدتُ لأستمر معها في الحديث وهي تبتسمُ تعتقد أن في حديثها إلينا خلاصٌ لها. قالت إنها عاينت هرب الكثير من الخيرية للعودة إلى التسول، وتركوا خلفهم الأكل والشرب والنوم والراحة، “حيتاش هوما مايقدروش يلا ماسعاوش، عندهم السعاية عادة خاصهم يديروها”.

وزادت عائشة أنها لديها أبناءٌ يجبُ أن تطعمهم وأن توفر لهم قوتاً يومياً، لأنها مطلقةٌ وتصرفُ على والدتها أيضاً من مداخيل التسول، ثم سألتها بعفوية أين تركت أبناءها عندما ذهبت إلى الخيرية، فردّت أنها لم تقضي وقتاً طويلاً، وعادت إلى البيت، فوجدت المحسنين زودوا والدتها بالمؤونة وبعض المال، “أنا مشيت للخيرية غير باش ناكل شويا ومنبقاش بجوع وصافي ولادي زرقهم على الله”.

كورونا قاتلُ الأحلام…

بمرارةٍ تقصّ علينا عائشة، كيف أن أحد صديقاتها المتسولات، التي تسكن بالقصبة، لم تستطع تسجيل إبنها في المدرسة البالغ من العمر ست سنوات، لأنها لم تخرج للتسول منذ مدة، ولم يتأتى لها جمع المال، لشراء الكتب والدفاتر.

“كون بقات كتسعا من شهر ثلاثة تال دابا تلقاها مخبية شي بركة”، هكذا تحدثت بارتباك وهي تنظرُ إلى كل شخص يمر بجانبنا، تتمنى في عينيها لو يضع لها درهماً يطرد اليأس الذي فرضهُ الوباء.

وسألتُ أحدَ المارةِ عن رأيهِ، فردّ بتعاطُف أن الأزمةَ فجعت حتى علية القوم، “فما بالك بهؤلاء اليتامى والمساكين الذين لم يجدوا إلا في التسول ما يسد خصاصهم وحاجتهم”.

وبنوعٍ من الصرامة، أراد المتدخل الذي استفسرته عن إسمه، فقال عماد، أن يشير إلى مسألة معروفة أن “منهم من يلجأ إلى التسول ليس بسبب العوز، وإنما لأنه لا يستطيعُ أن يبدل مجهوداً في أي عمل، ويريدُ المال بسهولة، ولكن لا جيتي تشوف كلهم كلاو الدق لا لي محتاج ولا لي دايرها حرفة”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي