تعيش العلاقات المغربية الجزائرية، منذ مدة على التصعيد، من خلال إعلان ‘’الطلاق النهائي’’ بقطع العلاقات بين البلدين، بواسطة بلاغ رسمي من خارجية الجارة الشرقية، بسبب ما أسمته ‘’العدوان المغربي’’، لينطلق معه استعراض القوة ‘’الديبلوماسية والعسكرية’’، وتوالي القرارات التي أزمت بشكل مسبوق علاقة الجارين المغاربيين.
تصعيد وتوثر العلاقات بين المغرب والجزائر، حظي بمتابعة كبيرة من قبل العالم، الذي يتابع بشكل مستمر تداعيات الأزمة، على كل المستويات، حيث أوردت عدد من الصحف الدولية على لسان محللين سياسيين، إرتفاع نسبة التوتر بين المغرب والجزائر، مما ينذر بوقوع مواجهات عسكرية مباشرة بين البلدين، بسبب ‘’قضية الصحراء’’.
توتر حاد وحرب التوازنات
ويرى متابعون، أن الأحداث التي وقعت خلال الأشهر القليلة الماضية، من خلال إقدام الجزائر على إلغاء العلاقات مع المغرب، وإغلاق الحدود الجوية في وجه الطائرات المغربية، ووقف تزويد أوروبا بأنبوب الغاز المغاربي، والرفع من التواجد العسكري على الحدود، وتوالي التصريحات الإعلامية من قبل حكام الجزائر، مؤشرات تدل على حدة التوتر، واقتراب الحل العسكري لوضع نهاية لصراع دام عقودا من الزمن.
وفي سياق متصل، قال إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية إن ‘’ما يجري حاليا، خصوصا ما يصدر عن الجزائر ليس تلويح بالحرب، بل تعبير متشنج عن رفض سياسة الأمر الواقع في الصحراء التي فرضها المغرب، مدعوما بحلفائه(أمريكا وكل التي فتحت قنصليات لها في العيون والداخلة)’’.
وأضاف حمودي في تصريحه لمنبر بناصا أن ‘’التوازنات السابقة التي كانت تمثل الجزائر طرف رئيسيا فيها، بدأت تتغير لأنها لم تعد مجدية لجميع الأطراف، وأساسا المغرب، الذي بات يملك زمام المبادرة، ويبدو أنه بصدد تغيير بعض قواعد اللعبة، مدعوما بحلفائه، ما يهدد الجزائر بأن تفقد التأثير في التوازنات الجديدة التي هي قيد الإنشاء’’. وأوضح أن ‘’خوف الجزائر من فقدان التأثير، أي تحولها إلى فاعل ثانوي في الأحداث، هو ما يدفعها إلى رفع صوتها بشكل متشنج من حين لآخر، وخصوصا في السنتين الأخيرتين’’.
الحرب النائمة والتسلح المستمر
وفي سياق الأزمة القديمة الجديدة، بين المغرب والجزائر، أظهرت الإحصائيات التي أوردها معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام لعام 2020، أن المغرب والجزائر هما البلدان اللذان يتربعان على رأس القارة الإفريقية، من ناحية استيراد الأسلحة، بإحتلال الجزائر للمرتبة الأولى إفريقيا والرابعة والعشرين عالميا، فيما جاء المغرب في المرتبة الثانية إفريقيا والأربعون عالميا.
كما أعلن البلدان على لسان الجيش، إبرام عقود وشراكات مع الدول المصنعة للأسلحة، خاصة الحلفاء، وتخصيص ميزانيات ضحمة للتسلح، خلال السنتين الأخيرتين، وبلغة الأرقام فإن الإنفاق العسكري الجزائري، على الأسلحة خلال سنة 2020 9,7 مليار دولار، ليكون بذلك أكبر منفق على الأسلحة بإفريقيا، أما إنفاق المغرب فقد بلغ ما مجموعه 4.8 مليارات دولار، بزيادة قدرها 29٪ مقارنة بعام 2019، وفق إحصائيات معهد ستوكهولم المذكور.
وتعليقا على التسلح المغربي، قال أستاذ العلوم السياسية، إن ‘’التسلح بالنسبة للمغرب، الغرض منه هو تحديث وعصرنة قواته الجوية، ومواكبة التطورات التكنولوجية الحاصلة في المجال العسكري، ورفع جاهزيتها أيضا إزاء مختلف التحديات الأمنية والعسكرية’’ مضيفا ‘’أن التسلح مدخل من مداخل تعزيز التحالفات السياسية بين الدول، والمغرب مثل غيره من الدول يمارس هذه السياسة، فجل مقتنياته العسكرية من الدول الحليفة له سياسيا’’.
تعليقات الزوار ( 0 )