عكس تراجع التعاون في المجالين الدبلوماسي والاستخباراتي، لم يتأثر التعاون العسكري بين المغرب وفرنسا وإن كان قد تراجع نسبيا، وآخر تعاون يعود إلى هذه الأيام من خلال مناورات عسكرية بحرية رفقة السنغال لتأمين الملاحة الإقليمية.
ويستمر التعاون العسكري محافظا على إيقاعه. في هذا الصدد، كشف السفير الفرنسي المعتمد في الرباط في تغريدة له أن البحرية الحربية لكل من المغرب وفرنسا والسنغال قد أجرت مناورات في خليج غينيا بإفريقيا الغربية خلال الأيام الماضية. وشملت هذه المناورات تمارين لمواجهة القرصنة والتهريب ومواجهة المخاطر ضد الملاحة ضمن أخطار أخرى.
وتعد هذه التمارين أو المناورات العسكرية ذات أهمية كبيرة بحكم ارتفاع حركة النقل البحري في إفريقيا الغربية، وتحول شواطئها إلى خط بحري مروري من أمريكا الجنوبية نحو أوروبا، ثم ارتفاع مخاطر القرصنة على شاكلة ما حصل في الساحل الشرقي للقارة السمراء. ويتخوف الخبراء من انتقال إرهاب الحركات المتطرفة في منطقة الساحل إلى البحر.
وقبل هذه المناورات العسكرية البحرية، أجرت القوات البرية والجوية المغربية والفرنسية مناورات أخرى منذ شهور في منطقة شرق المغرب، شملت مواجهة الإرهاب. كما سجل شهر نوفمبر الماضي، مناورات بحرية بين البلدين همت عمليات الإنقاذ، وتكررت أخرى برية في جال المغرب خلال الشهر نفسه.
ويجري المغرب مناورات بحرية مكثفة مع فرنسا بحكم أن سلاحه البحري مكون في الغالب من فرقاطات فرنسية الصنع، اقتناها خلال العقدين الأخيرين، خاصة بعد أزمة جزيرة “ثورة” عام 2002 عندما وجد نفسه أعزلا أمام البحرية الإسبانية، بعكس سلاح الجو المكون في غالبيته من الطائرات المقاتلة الأمريكية مثل “إف 16″، ولهذا يجري مناورات مع الأمريكيين تركز على القتال الجوي.
وطيلة سنة وتسعة أشهر، توقفت الزيارات الرسمية بين المغرب وفرنسا باستثناء زيارة وحيدة لعميدة الدبلوماسية الفرنسية إلى هذا البلد المغاربي خلال نهاية ديسمبر الماضي، لم تسفر عن نتائج تذكر خاصة وأنها كان يفترض أن تكون مقدمة لزيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى المغرب.
وتراجع التعاون الاستخباراتي بين أجهزة الاستخبارات المغربية ونظيرتها الفرنسية، لا سيما وأن جهات مقربة من الاستخبارات المغربية بشقيها المدني والعسكري تتهم نظيرتها الفرنسية بمهاجمة مصالح المغرب في أوروبا، وعلى رأسها قانون يشجب أوضاع حرية التعبير في المغرب، صدر يوم 19 يناير الماضي، ثم قرارات أخرى آخرها قرار يمنع دخول وفود مغربية إلى البرلمان الأوروبي طالما يستمر التحقيق في ملفات فساد، يعتبر المغرب المتهم الرئيسي فيها.
ورغم هذه الأزمة العويصة، يبقى التعاون العسكري بين البلدين ناضجا ولا يتأثر كثيرا، وتستمر المناورات العسكرية. وعادة لا يتأثر التعاون العسكري والأمني بين الدول الحليفة خلال الأزمات، بل يستمر لأنه يكون فوق التجاذبات السياسية والدبلوماسية، هذه الأخيرة التي تكون عابرة بينما التعاون العسكري يحتاج إلى الثقة المستمرة.
تعليقات الزوار ( 0 )