تحل اليوم ذكرى احتفالات فاتح ماي، لتعود بنا الذاكرة إلى سنة 1994، حيث جرى اعتقال أعضاء جمعية تيليلي بكلميمة نواحي الراشيدية، بعدما رفعوا شعارات ولافتات تطالب بالديمقراطية وترسيم الأمازيغية في الدستور، وقضت محكمة الراشيدية بسجنهم، لتخلف القضية ضجة كبيرة وصل صداها إلى العالم.
ويأتي الاعتقال الذي تم مباشرة بعد مشاركة أعضاء الجمعية المذكورة، في مسيرة فاتح ماي، حيث وجهت لهم تهم تتعلق ‘’بالقيام بأعمال يقصد منها بلبلة الأمن العام والطمأنينة وترديد شعارات بدون رخصة، من شأنها المس بمبادئ الدستور وإحداث البلبلة، والتحريض على ارتكاب أعمال تمس بالسلامة الداخلية للدولة ومخالفة قانون الجمعيات’’ حيث تم الحكم على ثلاثة منهم بسنة وسنتين سجنا في حق ثلاثة منهم امبارك الطاوس، علي إيكن و علي هرشاس وبغرامة مالية حددت في 10 آلاف درهم.
كما خلف الاعتقال موجة غضب بين أوساط الفعاليات الأمازيغية، التي طالبت بالإفراج عن المعتقلين، وتطوع حوالي 320 محامي من منظمة العفو الدولية والجمعيات الأمازيغية، وحملة كبيرة على المستوى الإعلامي من خلال مقالات وبلاغات نشرت بالصحف المغربية.
وفي ذات السياق أصدرت الجمعيات المهتمة باللغة والثقافة الأمازيغية، بيانا مشتكر، بتاريخ 14 ماي 1994، أدانت من خلاله الاعتقالات التي وصفتها بالتعسفية، وتضامنها مع معتقلي جمعية تيليلي، الذي طالبوا ‘’برفع الحيف والتهميش عن اللغة والثقافة الأمازيغية’’ وأكدت على أن ‘’اضطهاد وتهميش وقمع الأمازيغية هو المخل بالأمن والطمأنينة’’.
وجاء لقاء الجمعيات الثقافية المهتمة بالأمازيغية، عمر عزيمان، وزير حقوق الإنسان، بتاريخ 17 ماي 1994، وكان محور المقابلة موضوع اعتقالات الراشيدية التي طالت سبعة من مناضلي جمعية تيليلي، وبعد أن أطلع ممثلو الجمعيات الوزير على حيثيات الاعتقال وأبعاده، قدموا له ملفا وافيا عن مسألة الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية ببلادنا ودور الجمعيات الثقافية في التعريف بها’’ حسب العدد الرابع من جريدة تامونت يونيو 1994.
وبالموازاة مع الاعتقالات، أصدرت العمالة تعليمات تقتضي بمنع الجمعيات من القيام بأي نشاط، ولو كان داخليا وفي المقر دون ترخيص منها، وبنفس المدينة ، قامت السلطات بزيارة بيت الطالب منير كجي، وهو عضو نشيط في الجمعية، وطلب من من والده إنذار ابنه وتجنب التعامل مع الجمعية، لتفادي المشاكل، كما قامت السلطات بإنذار المواطن علي شرويط المرغادي، وهو كاتب عمومي بسبب كتابة إسمه على يافطة بباب الدكان باللغة الفرنسية وتيفيناغ، وأعطته مهلة ساعتين لنزع كتابة تيفيناغ، وإلا تمت متابعته، كما أخطر نفس المسؤولين أرباب المقاهي بكلميمة بمنع استعمال الأشرطة الغنائية لبعض الفنانين الأمازيغيين، ومنهم الفنان الجزائري أيت منكلا، وتوظيف 12 مقدما جديدا لهذا الغرض بالمدينة’’ وفق مقال نشر بجريدة أنوال عدد 1401، 1994، بعنوان ‘’فضيحة إقليم الراشيدية.. محاصرة جمعية تيليلي .. ومنع الأشرطة الغنائية الأمازيغية بكولميمة’’.
وشهدت جلسة الاستئناف مرافعات من قبل محاميي المعتقلين، حيث أكدوا من خلال مداخلاتهم، على أن الملف ليس عاديا، وأنه ملف سياسي خطير، وأن الحكم الابتدائي غير سليم من الناحية القانونية، مؤكدين على أن ‘’ الاهتمام العالمي بالملف يضع المحكمة أمام المسؤولية التاريخية، لتختلي هيئة الحكم إلى المداولات حوالي الساعة الحادية عشرة ليلا لم تعد إلا حوالي الساعة الثانية والنصف صباحا، حيث قررت تبرئة المتهمين من كل ما نسب اليهم’’. مقتطف من العدد1635 من جريدة العلم الصادرة بتاريخ 2 يوليوز 1994.
تعليقات الزوار ( 0 )