أن نبرم عقدا وميثاقا مع الشيطان من أجل تحقيق الملذات و بلوغ منتهى السعادة واكتساب القوة التي لا تقهر صفقة بائرة لانك تبيع الابدية بالدنيوية وهي عهد خاسر معناه ان نسلم للشيطان ارواحنا ليخنقنا في النهاية بدون رحمة ، ويجعل الدنيا تضيق بنا على شساعتها ، فلا نجد مكانا نلجأ إليه ، فتصبح كل الأرجاء والأفاق الواسعة قبرا ضيق الزوايا والأركان فينسحق جسدنا الجميل ،الرائع الهش ،الضعيف رغم كل الكبرياء والانانية وتضخم الذات ، وتحطمنا الكوابيس المرعبة وتنال منا الوساوس القهرية رغم كل العبقرية والابداع ، فيضيق صدرنا ونتمنى حينها العودة للفطرة والبراءة الأولى وشراء وارواحنا ولو لساعة واحدة بكل أموال الدنيا التي اكتسبناها في لهثنا الطويل نحو المجد , لكننا لا نستطيع , ونتمنى العودة والرجوع ولو حفاة عراة من كل زخارف الحياة ، لنعيش بسطاء فقراء نتمنى النوم ولو في الخلاء تحت اديم السماء كما كنا نفعل بسعادة على حصير بالي هانئي البال ، لكننا لا نستطيع ويسيطر علينا الحلم الفظيع ، الذي يخنق الانفاس.وتصبح السيارات والفيلات والأرصدة البنكية والحقول والضياع بدون أدنى فائدة حقيقية ذات قيمة ، ونصاب بالصداع النصفي المزمن والضغط الدموي المرتفع والذي لا تنفع معه كل أدوية العالم ، وقنينات الويسكي أو الشامبانيا إذ حالما يصحو السكارى من سكرتهم يعاودهم الضجر والملل ، واللاجدوى والعبث .والمصير المأساوي.
تلكم هي قصة فاوست وهو الشخصية الرئيسية في الحكاية الألمانية الشعبية التي تسرد احداثها قصة الدكتور الألماني الكيميائي يوهان جورج فاوست الذي حقق نجاحاً كبيراً ولكنه لم يكن سعيدا عن حياته فيستدعي الشيطان مفستوفيليس فيُبرم عقداً مع الشيطان يقضي بأن يقوم فاوست بخدمته طوال حياته مقابل ان يسلم إليه بموجبه روحه في مقابل الحصول على القوة والمال والمعرفة المطلقة وكافة الملذات الدنوية لكن الاستيلاء على روح فاوست مقابل بلوغه قمة السعادة والقوة والنشوة ، كانت قسمة ضيزى لأن السعادة التي حصل عليها كانت سعادة مؤقتة قصيرة ما تلبث ان تمر سريعا جدا ويعقبها غرق في بحر اليأس والندامة، والظلمات الابدية التي لا يمكن النجاة من سوادها الحالك ، ولذلك كانت لحظة النهاية لحظة شديدة الألم ، لأن ما عاشه من سعادة اصبح سرابا كأن لم يكن. لقد قام فاوست الذكي العبقري بمآثر وانجازات باهرة، وروى ظمأه الى العلم والمعرفة. وعندما حانت الساعة وأتى ميفستوفيليس ليأخذ روحه، حاول عبثا أن يتفادى تلك النهاية.المأساوية لأنه حينئذ كان الوقت قد فات ، ولم يشفع له الندم والبكاء، فقتله ميفستوفيليس وشوه جسده بطريقة تقشعر لها الأبدان…..افلا ننفض ايدينا من قاذورات الشيطان الشهية وننقض مواثيقه وعهوده الوهمية وننقذ انفسنا من جنته اللعينة ، ونشتري ارواحنا ونحرر اجسادنا من عبودية الرغبات والاحتياج،ونعيش حياتنا بتوازن وعقلانية ونربح بذلك الابدية ونخرج من دوائر الزمن المقيتة، الى جنة عرضها السموات والأرض لا حسية ولا مادية ،هي مطلق اللذة بلا كيف أو تجسيد ، من ينقذنا يومئذ نحن المغرورين بالقوة والنياشين وتصفيقات المعجبين وصيحات الجماهير من المغرمين من ينقذنا إذا بلغت الحلقوم وشخصت الابصار وجاءت سكرة الموت بالحق من ينقذنا حينئذ إلا رحمة الواحد الديان ، أما الشيطان فلا يبيعنا الا الوهم والغرور. والخسران.
تعليقات الزوار ( 0 )