Share
  • Link copied

على رأسها “الدّلاح”.. تنامي الزراعات المستنزفة للماء يهدّد فُرش الجنوب الشرقي للمغرب

تزايدت التحذيرات من عودة الزراعات التي تستنزف المياه بواحات جنوبي المغرب، رغم قرار المنع الذي اتخذته السلطات على خلفية ما تعيشه البلاد من “طوارئ مائية”.

وكان لافتاً إطلاق حزب “التقدم والاشتراكية” المعارض تحذيرات من تنامي الزراعات المستنزفة للماء بالواحات المتاخمة للحدود الجنوبية الشرقية، والتي صارت “مرتعاً جديداً للمستثمرين الزراعيين، والذين استأجروا مساحات شاسعة من الأراضي، وشرعوا في تهيئتها لزراعة البطيخ الأحمر في كلّ من جماعات أفلا إغير، وتاسريرت، وتغجيجت، وأداي وغيرها”.

وكشف سؤال كتابي وجهه الفريق النيابي للحزب، إلى وزير الفلاحة والتنمية القروية والمياه، محمد صديقي، عن تنامي هذه الزراعات بعد أن استبشر الفلاحون القاطنون بواحات الجنوب المغربي خيراً عقب اتخاذ الحكومة قراراً باستثنائها من الدعم المخصص لمشاريع الري الموضعي، وبعد إصدار إقليمي طاطا وزاكورة قرارات تمنع زراعة البطيخ الأحمر والأصفر، لخلق اطمئنان نسبي لدى السكان بشأن ضمان مستلزماتهم من مياه الشرب، وتأمين المزروعات المعيشية من العطش.

واعتبر سؤال الفريق النيابي أن “عودة الزراعات المستنزفة للماء تنذر بعواقب وخيمة على الأمن المائي، وعلى الاقتصاد المحلي، والوضع الاجتماعي لسكان الواحات الجنوبية”، مؤكدا على أن “استمرار هذه الزراعات في هذه المناطق سيحد من بلوغ النتائج المرجوة من الإجراءات المتخذة لوقف استنزاف المياه، وسيكبح صمود الواحات أمام الظروف المائية الحرجة، على اعتبار أن العديد من هذه الواحات تشترك بمخزون مائي يقع في مناطق تنتمي إداريا إلى أقاليم مجاورة”.

وأصدرت وزارتا الزراعة والاقتصاد والمالية، في سبتمبر الماضي، قراراً مشتركاً يقضي بوقف الدعم المخصص لمشاريع الري الموضعي عن مجموعة من الزراعات التي تستنزف المخزون المائي، وحسب المادة الأولى من القرار، فإن الزراعات غير المؤهلة للدعم هي أشجار الأفوكادو، وأشجار الحمضيات الجديدة، والبطيخ الأحمر.

وتحول نقص المياه إلى كابوس لسكان جنوب شرقي المغرب خلال السنوات الثلاث الماضية، وتسبب في تنظيم السكان احتجاجات عدة للفت انتباه المسؤولين، والمطالبة بإيجاد حلول جذرية للمشكلة.


وتزامن ذلك مع تقرير أصدره معهد الموارد العالمية في غشت 2019، يصنف المغرب بين البلدان التي تشهد “إجهاداً مائياً مرتفعاً”، ليحتل المركز 22 من بين 164 بلداً، ما يعني أن الطلب على المياه يتجاوز الكميات المتوفرة.

ومن بين الأسباب التي فاقمت أزمة المياه في مناطق جنوب شرقي المغرب، زراعة البطيخ الأحمر التي بدأت بمساحة ألفي هكتار في عام 2008، ووصلت إلى 20 ألف هكتار في عام 2017، وكشفت دراسة أنجزتها وكالة الحوض المائي، أن حجم موارد المياه التي تستهلك في زراعة البطيخ تتجاوز 12 مليون متر مكعب سنوياً، وهو ما يكفي لتحقيق أمن مائي في المنطقة.

ويقول رئيس جمعية “المنارات الأيكولوجية من أجل التنمية والمناخ”، مصطفى بنرامل، لـ”العربي الجديد”، إن “أسباب الانتشار الكبير لزراعة البطيخ الأحمر في جنوب المغرب، والفواكه والأفوكادو في الشمال، ترجع إلى المردود المالي الكبير الذي يجنيه المستثمرون من هذه الزراعات، لكنها في المقابل تشكل مصدر استنزاف كبير للمياه في مناطق تعرف شحاً، وتعتمد بالأساس على المخزون المائي”.

ويلفت بنرامل إلى أن “ندرة المياه ترتبط ارتباطاً وثيقاً بطريقة استخدامها في الزراعة، والتي تستهلك نحو 80 في المائة من مياه المغرب سنوياً، ومواجهة خطر الزراعات المستنزفة للمياه يقتضي أخذها بعين الاعتبار ضمن الاستراتيجية الوطنية للزراعات الخصوصية المجالية، والحرص على عدم اعتماد تلك الزراعات في مناطق تعرف خصاصاً في المياه، مع ضرورة الاعتماد على منظومات زارعية حديثة تعول على تحلية مياه البحر، وتقنيات الري الحديثة، وكذا إعادة توجيه الإنتاج الزراعي نحو منتجات أقل استهلاكاً للمياه، وتوعية المزارعين بالعواقب الوخيمة التي تنتج عن استنزاف المخزون المائي، مقارنة بالعائد المالي من تأجير أراضيهم لاستغلالها في تلك الزراعات”.

وأعلنت وزارة التجهيز والماء في الأول من يوليوز الماضي، أن البلاد دخلت في “حالة طوارئ مائية” من جراء تناقص الموارد المائية، وارتفاع الاستهلاك، ووجهت بتقليص كمية تدفق المياه الموزعة على المواطنين، ومنع سقي المساحات الخضراء بمياه الشرب أو المياه السطحية أو الجوفية.

(العربي الجديد)

Share
  • Link copied
المقال التالي