عكسَ جيرانه في شمال إفريقيا، لم يُضف المغرب، رمز الهلال، إلى علمه الوطني، الذي اعتمد صيغته النهائية، سنة 1915، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات بخصوص السبب الذي جعل المملكة، تخالف البلدان المحاذية لها؛ موريتانيا، الجزائر، تونس، ليبيا، وتتجنب وضع هذا الشعار، في رايتها، علماً أنه يرمز، للديانة الإسلامية.
ومن المعروف، بأن أول من استعمل الهلال في رايته، كان العثمانيون، كما وضعوه في أعلام البلدان التي فتحوها، قبل أن يعتمدوه بشكل رسميّ، لاحقاً، كرمز لوحدة المسلمين والدين الإسلامي، غير أن هذا الأمر، لم يكن كافياً، لكي تدخل المملكة، في خانة البلدان التي تضع الهلال، في علمها، وهو ما يُرجه باحثون إلى عدم تمكن الأتراك من غزو المغرب.
ولم يسبق لتاريخ المملكة، الممتد من 788 ميلادية، سنة تأسيس أول دولة بالمغرب، على يد إدريس الأول، وإلى غاية اليوم، أن تبنى الحكام الذين تعاقبوا عليها، في رايتهم، الهلال، لأسباب يرجح أغلب الباحثين، بأنها تقبع وراء رفض البلاد، وسلطتها، التبعية للمشرق، وهو ما يُسره ما نُقل في الكتب التاريخية، عن الذم المتبادل بين المغاربة، والمشارقة، خاصة خلال الحقبة العثمانية.
وبالرغم من غياب المصادر التي تتحدث صراحةً عن سبب تفادي المملكة لوضع الهلال في علمهم، إلا أن الباحثين يرون بأن الرمز الأخير، ظهر في وقت لاحق عن تأسيس الدولة المغربية (788م)، وبالضبط مع العثمانيين (1299م)، الذين اتخذوه شعاراً لوحدة المسلمين، وهو ما يعني أن راية المملكة، كانت سابقةً على الهلال.
وكان العلم المغربي قد تطور منذ الأدارسة إلى اليوم، مع الأبيض، إلى الأبيض وتتوسطه شهادتي الإسلام، ثم اللون الأحمر، وبعدها اللون الأحمر ويتوسطه مربع شطرنجي، وبعدها تتوسطه نجمة سداسية، وصولاً إلى سنة 1915، حين أصدر السلطان المغربي وقتها، ظهيراً شريفاً، يقضي بتحويل النجمة السداسية إلى خماسية، تمييزاً للمملكة، عن بقية الدول التي كانت تستعمل علماً مشابهاً.
ويوضح الباحثون بأن المغرب، كان مستقلاً عن المشرق، سياسيا ودينيا، بعدما بات يُعتبر الملك، أميراً للمؤمنين، في إشارة إلى اللاتبعية للدول المتعاقبة على المشرق، بدءاً بالأموية، ومروراً بالعباسية، ثم المماليك، ووصولاً للعثمانيين، وهذا، ما يؤكده أيضا، عدم استخدام رمز الهلال في العلم الوطني، كما تجنب المهندسون المعماريون المغاربة إضافته لصومعات المساجد.
وينبه الباحثون في التاريخ المغربي، إلى أن عدم وجودِ هلال في العلم المغربي، خلافاً لبقية البلدان المتواجدة في شمال إفريقيا، راجعٌ بالأساس إلى أن المملكة، أقدم من العثمانيين، وكانت مستقلةً عن المشرق، وصنعت لنفسها راية مغايرةً لما كان عليه الحال في الشرق الأوسط، إضافة إلى أن الأتراك لم ينجحوا لاحقاً في احتلال المغرب، وخاض الطرفان أكثر من معركة.
في المقابل، الدول التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية، قامت بإضافة رمز الهلال لراياتها لاحقاً، مثل الجزائر وتونس وليبيا، وأذربجان، إضافة إلى أنه، ونظراً لأن الأتراك، رسخوا بأن الهلال يرمز إلى الدين الإسلامي، فقد قامت مجموعة من الدول حديثة النشأة، مثل موريتانيا وماليزيا وباكستان، بوضع الرمز في أعلامها الوطنية.
ويشير الباحثون إلى أن عدم وضع الهلال في صومعات المساجد، راجع إلى أن فن العمارة المغربية، سابق على الفترة التي أصبح فيها الرمز المذكور، يحيل على الدين الإسلامي، غير أنه، هناك تأثيرا للفن المعماري المشرقي والأندلسي، وهناك بعض المساجد، رغم قلتها، وضعت هذا الرمز في صومعاتها.
تعليقات الزوار ( 0 )