قال محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة، الوكيل لعام لمحكمة النقض، إنّ الهدر المدرسي يشكل أهم المثبطات التي تحول دون تحقيق النظام التعليمي لأهدافه الكبرى، ويكون سببا في هدر الموارد المالية للدولة، كما قد يؤدي إلى انتشار البطالة والانحراف والتهميش والإقصاء واستغلال الأطفال في سوق العمل وارتفاع نسب زواج القاصر.
وأضاف النباوي، في كلمة له بمناسبة إطلاق العمل بالاتفاقية الإطار حول مكافحة الهدر المدرسي للوقاية من زواج القاصر، يومه (الخميس) بمراكش، أن هذه المبادرة الجديدة تأتي استمرارا في تنزيل مقتضيات إعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء الذي أطلقته الأميرة للامريم يوم 8 مارس 2020.
كما تندرج هذه المبادرة الرائدة، حسب رئيس النيابة العامة، الوكيل لعام لمحكمة النقض، في سياق جهود بلادنا الحثيثة لكسب رهان التنمية المستدامة التي يشكل العنصر البشري قوامها، وأساسها المتين.
وأوضح المصدر ذاته، أن أهم المسالك لتحقيق ذلك يتم عبر توفير الحق في الحصول على تعليم عصري ملائم ومتاح للجميع، وعبر توفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية أو الاجتماعية.
وشدّد النباوي، على أنه إذا كانت مؤسسة الزواج مؤسسة مقدسة ونواة للمجتمع، فهي بذلك تنبني على مسؤوليات والتزامات وتضحيات تتطلب نضجا جسديا وعقليا ونفسيا يؤهل لتحمل أعبائها، فيصح التساؤل هل القاصر مؤهل لذلك.
وأبرز النباوي، أن زواج القاصر يعتبر من الأوراش الكبرى التي تؤمن رئاسة النيابة العامة بضرورة الاشتغال عليها نظرا لمساسه بصورة مباشرة بالمصلحة الفضلى للطفل وحقوقه الأساسية المتمثلة في التعليم والصحة والنمو السليم في كنف الأسرة لاعتباره مظهرا من مظاهر حرمان الأطفال من هذه الحقوق.
ومن الأهداف التي وضعتها هذه الرئاسة من بين أولوياتها منذ إحداثها كجزء من السلطة القضائية المستقلة، تفعيل الدور الإيجابي للنيابة العامة كطرف أصيل في قضايا الأسرة عموما وعلى الخصوص قضايا زواج القاصر، وكذا اضطلاع قضاتها بالأدوار المخولة لهم قانونا في هذا النوع من القضايا.
وأشار النباوي، إلى أن الرئاسة حثت من خلال مجموعة من الدوريات ذات الصلة بموضوع زواج القاصر قضاة النيابة العامة على التدخل الإيجابي في قضايا طلب الإذن بزواج القاصر، وعدم التردد في تقديم ملتمسات برفض تلك الطلبات كلما تعارضت مع مصلحة الطفل القاصر.
كما حثت الرئاسة، على التماس عرض الطفل المراد تزويجه على خبرة نفسية وجسمانية للتحقق من مدى أهليته وتوافق مصلحته مع هذا الزواج، وجعل جلسات البحث فرصة للاستماع لهذا الطفل ولتوعيته بحقوقه وبالأضرار التي قد تنتج عن هذا الزواج ضمانا لحقه في الاستماع من جهة وفي حصوله على المعلومة من جهة أخرى.
وأكد النباوي، أن هذه المبادرة التي انطلقت بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، تستجيب لهذه الانشغالات، كما أنها تنزيل للالتزامات المشتركة المضمنة في إعلان مراكش 2020، من أجل تحقيق الالتقائية الفعلية للمجهودات القطاعية في موضوع الوقاية من زواج القاصر.
ولفت المصدر ذاته، إلى أن الفكرة الجوهرية لهذه المبادرة، تتأسس على ضمان متابعة الأطفال على وجه العموم، والفتيات منهم على وجه الخصوص تمدرسهن إلى نهاية التعليم الإلزامي على الأقل، وقاية لهن من الزواج المبكر.
وطالب النباوي، ممثلي النيابة العامة بجهة مراكش آسفي إلى تفعيل مقتضيات هذه الاتفاقية بالحزم والعناية المعهودة فيهم، وتسخير الإمكانيات القانونية المتاحة لتحقيق ذلك بالتنسيق مع ممثلي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، والسلطات الجهوية والمحلية، وكافة المتدخلين في الموضوع بغية كسب هذا الرهان.
تعليقات الزوار ( 0 )