أعادت واقعة تهديد أحد المرشحين للانتخابات الجماعية المقبلة، في مدينة الدروة الواقعة بإقليم برشيد، بالقتل، من طرف شقيق منافس آخر له، موضوع تحول المنافسة الانتخابية الشريفة، إلى صراع يصل في بعض الأحيان إلى أن يكون “دموياً”، إلى الواجهة، سيما وأن الظاهرة تكرّرت في عدة مدن.
وبالرغم من أن جميع الأحزاب السياسية تتفق، على ضرورة أن يكون التنافس الانتخابي شريفاً في إطار ما يكفله القانون من أجل الحصول على أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية والجماعية، إلا أن العديد من المناطق، تشهد في كل استحقاق، وصول الأمر إلى حدّ الصراع والضرب والجرح والتهديد بالقتل بين المرشحين.
ونشر ياسين العناية، وهو أحد المرشحين في الدائرة الانتخابية رقم 18 بجماعة الدروة، باسم حزب التجمع الوطني للأحرار، في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أنه يتعرض للتهديد بالقتل من طرف شقيق أحد المرشحين للانتخابات المقبلة، والذي بات يشعر بأنه مهدد بفقدان مقعده في “البلدية” بعد توسيع الدائرة التي ينتمي إليها.
وكشفت مصادر مطلعة لجريدة “بناصا”، بأن تفاصيل الواقعة تعود إلى توجه الشخص الذي تعرض للتهديد إلى الترشح في الانتخابات المقبلة، في الدائرة رقم 18، بعدما تم توسيعها، وهو الأمر الذي اعتبر خطراً سياسيا على أحد المرشحين السابقين، والذي كان يمثل الأصالة والمعاصرة، غير أنه، وفق المصدر، سيغير لونه السياسي في الاستحقاقات المقبلة.
وحول هذه ظاهرة الضرب والجرح والتهديد في الانتخابات، يقول إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بجامعية سيدي محمد بن عبد الله بفاس، في تصريح لجريدة “بناصا”، إنها “ترجع إلى العديد من العوامل المتداخلة فيما بينها، بعضها ثقافي، لأن الصراع الانتخابي قد يغذيه أحياناً التنافس القبلي بين مرشحين ينحدران من قبيلتين متنافستين تاريخيا”.
وأضاف بأن هذا الأمر، “قد تغذيه أيضا عوامل سياسية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بأعيان يعتقدون أن القرب من السلطة محدد أساسي في بناء النفوذ الذي يتمتعون به، ومدخل القرب من السلطة هو الانتخابات”، متابعاً أن “صفة برلماني بالنسبة لهؤلاء ما هي إلا تأشيرة للقرب من منافذ السلطة والجاه الونفوذ؛ أي أن خسارتها تعني خسارة كل ذلك، وهو ما يجعل المنافسة شرسة، وتصل أحيانا إلى حدّ التقاتل”.
وبخصوص ما إن كانت إغراءات السياسة المادية وراء ترشح أشخاص يسعون لخدمة مصالحهم، يرى حمودي، أن “السياسة في المغرب ليست مغرية من الناحية المادية، ولكنها تصبح كذلك حين تستعمل قناةً من أجل القرب من السلطة التي توجد في أماكن أخرى وفي يد غير المنتخبين”، وفق المتحدث المتخصص في العلوم السياسية.
وأوضح أن “هناك أعيان يخسرون مئات الملايين التي تعادل أضعاف تعويضات البرلماني خلال ولاية انتخابية؛ ما يدفعم إلى ذلك ليس التعويض البرلماني إذن، بل صفة البرلماني التي يستعملونها للقرب من مراكز السلطة والنفوذ لخدمة مصالحهم، وليس للدفاع عن مصالح الناخبين الذين ترشحوا باسمهم خلال ولاية انتخابية لمدة خمس سنوات كاملة”.
واعتبر حمودي أن الحل للقضاء على هذه الظاهرة التي تتكرر باستمرار قبيل كلّ انتخابات برلمانية أو جماعية، هو “الديمقراطية، بحيث تصبح السلطة بيد المنتخبين، وتصبح للسياسة تكلفة سياسية يدفعها السياسي أمام الناخبين، على خلاف الوضع الحالي، حيث إن الانتخابات لا تصنع تغييرا بسبب أن السلطة يمسك بها غير المنتخبين، والانتخابات مجرد فرجة، بل سوق للتنفيس السياسي والاجتماعي”.
تعليقات الزوار ( 0 )